مجتمع

سعد: من العمل في مغسل سيارات إلى مدرب طيران

Aa

سعد: من العمل في مغسل سيارات إلى مدرب طيران

سعد: من العمل في مغسل سيارات إلى مدرب طيران

الطيران فوق السحاب كان حلم سعد منذ طفولته، وهو الحلم الذي لم تكن الظروف في سورية لتسمح له بتحقيقه. لكنّ سعد صمم على الاحتفاظ بحلمه مجمداً حتّى كبر وسافر إلى السويد، حيث زرعه هنا في تربة الفرص، وجنى ثماره بأن أصبح طياراً ومدرب طيران. لكنّ سعد لم يكتفِ بهذا القدر من ثمار الحلم، ومستمر في إنجازاته.

جاء سعد الإدلبي إلى السويد من سورية في 2010 حيث قامت زوجته بلمّ شمله. عندما وصل إلى السويد شعر بأنّ المجال فتح أكثر لتحقيق حلمه، وذلك بالرغم من تقليل الكثيرين من شأنه ومن قدرته على إنجاحه. أدرك سعد بأنّ عليه التضحية ببعض الأشياء كي يحقق هدفه الأكبر بأن يصبح طيّار، ولهذا اعتمد خطّة قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى.

عمل سعد في مغسل سيارات ثم درس وعمل كسائق باص، وتطوّر بعدها داخل شركة الباصات ليصبح مدير حركة. لطالما كان سعد يسعى لإتقان عمله مهما كان، سواء أكان بقاءه فيه مؤقتاً أم دائماً. في هذا الوقت أتمّ سعد دراسة اللغة، وعادل شهادته الثانوية السورية بفرعها الأدبي، ودرس مواد علمية كالرياضيات والفيزياء بالسويدية.

بعد أن أتمّ المرحلة الأولى في الطريق إلى الحلم، بدأ سعد بالمرحلة الثانية: دراسة الطيران. استمرّ بالعمل في المغسل أثناء دراسته مستفيداً من المرونة التي كانت موجودة في تحديد مواعيد العمل.

كثيرة هي العقبات التي واجهت سعد، ربّما أبرزها التكاليف المرتفعة للدراسة والتي تصل إلى 800 ألف كرون، علاوة على المسافة البعيدة بين مكان سكنه قرب يوتوبوري، وتدريبه في الطيران قرب مالمو.

لكن كلّما كانت العقبات تكبر في وجه سعد، كلّما زاد إيمانه بهدفه، واستقى من إيمانه هذا عزيمة للصعود تجاهه. ولهذا وبعد 3 أعوام تمكن من إنهاء الدراسة.

طريق معبّد بالأشواك

مع انتهاء سعد من الدراسة واعتقاده بأنّ الصعوبات انتهت وأنّ على الحظ أن يصبح أكثر مرونة معه، بدأت أزمات خارجة عن سيطرة سعد تحدث. فانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخروج الكثير من شركت الطيران من السوق، والمشاكل التي ظهرت في طائرة بوينغ ماكس والتي دفعت الكثير من الشركات عن إلغاء طلبات شرائها، كلّها أدّت لعصر سوق الطيارين المدنيين وبقائهم عاطلين عن العمل.

بالنسبة لسعد لم يكن التراجع وارداً، ولهذا حاول التفكير بحلّ عملي: أن يصبح مدرّب طيران. لهذا سافر إلى هنغاريا وبدأ كورس يؤهله ليصبح مدرب. أنهى الدورة التدريبية بعد شهر (30 ساعة طيران) وتقدّم للحصول على عمل. 

من بين فرص العمل التي عُرضت عليه، اختار الذهاب إلى إيرلندا. بقي يعمل في إيرلندا 3 أعوام جمع فيها خبرة ممتازة، وساعات طيران تؤهله للكثير من فرص العمل الأخرى. 

الأمور تصبح أفضل

سعد اليوم مدرب على الطيارات بمحرّك واحد، وكذلك بمحركين وهذا أعلى ما يمكن لمدرّب طيران أن يصل إليه. وهو يعمل في التدريب في مطار بالقرب من هلسنبوري. 

لدى سعد عدد من فرص العمل الممتازة خارج السويد اليوم، ولكنّه يفضّل البقاء هنا. عندما سألنا سعد عن السبب شرح لنا: «هناك عدد من الأسباب ولكن أهمها العائلة. فعندما تبقى فترة طويلة بعيداً عن منزلك وعائلتك تزداد الأمور صعوبة، وعلى الإنسان أن يجد التوازن في حياته بين العمل والعائلة».

بالنسبة لسعد، جزء من سعادته بما أنجز هو في الصعوبات التي واجهته والتي تخطاها. فبالنسبة لسعد لذة النجاح تأتي من الجهد الذي بذل في تحقيقه، والشعور بالفخر يبنى على ذلك. ولا يبخس سعد ما اعتبره «توفيقاً من الله ورضا الوالدين» حقهما في نجاحه، ويشعر بأنّهما لا بدّ ساهما في تحقيقه هذا النجاح.

سعد إدلبي - خاص أكتر

العنصرية

السؤال النموذجي الذي يُطرح على كلّ مهاجر يتحدث العربية في السويد، وخاصة الناجحون منهم، هل تعرضت للعنصرية؟ يقول سعد بأنّه لم يصادف عنصرية من السويديين الذين تعامل معهم، بل كانوا بمعظمهم سعداء به خاصة عندما يدركون مدى تفانيه في تحقيق حلمه.

يضيف سعد بأنّ العنصرية إن كانت موجودة فبيد الشخص نفسه زيادتها أو إنقاصها. يشرح ذلك بالقول: «إن كنت إنسان إيجابي ومتحضر، تحترم عاداتهم وتقاليدهم بالقدر ذاته الذي تحترم عاداتك وتقاليدك، فستختفي العنصرية. فالعنصرية لا تظهر إلّا في حال كان الإنسان يتعدى على المجتمع بالمعنى الواسع للكلمة».

الخطوة القادمة

بالنسبة لحالم قادر على تحقيق أحلامه، لا بدّ وأنّ سعد يملك تصوراً لخطوته القادمة، ولهذا سألناه عنها. فشرح: «حالياً أجمع ساعات طيران، وخاصة على الطائرات بمحركين. لكن المرحلة القادمة سأركز على الدخول في مجال طائرات رجال الأعمال».

لم نكن قادرين على فهم ما يعنيه سعد بطائرات رجال الأعمال كاختصاص مستقل، فطلبنا إليه أن يشرح لنا الأمر، فقال: «إن قارنا الطيران بالطب، فالتخرّج من أكاديمية الطيران كطيّار تجاري Commercial Pilot هو بمثابة الحصول على شهادة الطب، يأتي بعد ذلك التخصص في مجال محدد مثل التدريب، أو خطوط الطيران... الخ أو اختصاص طائرات رجال الأعمال الذي أنوي خوض غماره تالياً».

احلموا واعملوا

عندما حاول سعد أن يعطينا خلاصة تجربته رأى بأنّ من أهمّ العوامل لنجاح المهاجر: أن يملك الطاقة الكافية لتحريك نفسه، وأن يؤمن بها كي يتمكن من الوصول إلى هدفه. يقول سعد: «بغير هذه الطاقة والإيمان حتّى أقرب الناس إليك لن يكونوا قادرين على مساعدتك».

يضيف سعد بصرامة: «الإنسان هو الوحيد القادر أن يصنع لنفسه قيمة، ولا يمكن لشخص آخر أن يزوده بهذه القيمة. فإيمانك وثقتك بنفسك هي خطوة البداية لتصنع من نفسك إنساناً قوياً، والمجتمع السويدي وغير السويدي يحترم فقط القوي... عندما تكون قوي بإنجازاتك فأنت قادر على فرض احترامك حتّى على العنصريين».

لا يمكننا إلّا أن ننظر إلى سعد كشخص ناجح تمكّن من تحقيق حلمه، وربّما إلهامه الأكبر لنا أنّه كان واقعياً في الوصول إلى حلمه، وكان قادراً على تقسيم خططه وخطواته حتّى تمكّن في نهاية المطاف من حيازة "قوّته" التي تسمح له بفرض احترامه أينما حل.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مجتمع

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©