في رحلة البحث عن الذات والاندماج في مجتمع جديد، (المجتمع السويدي تحديداً)، يروي جان نيلسون، الشاب السوري البالغ من العمر 32 عاماً، قصته الملهمة بعد انتقاله من تركيا إلى السويد في عام 2016، حيث واجه جان تحديات جمة في الحصول على عمل وبناء شبكة اجتماعية، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار جريء بتغيير اسمه من عبد الحميد إلى جان نيلسون Jan Nilsson، حسبما أفادت صحيفة "اكسبريسن" السويدية. وبعد تغيير اسمه، لاحظ جان تحسناً ملحوظاً في حياته الاجتماعية والمهنية، حيث قال جان بنبرة مليئة بالأمل: «بمجرد تغيير اسمي، تمكنت من الحصول على وظيفة فوراً».العوامل التي أثرت على قراره بتغيير اسمهتحدياته في الحصول على وظيفة كانت الحياة في السويد لا تخلو من التحديات بالنسبة لجان، حيث لم يستطع العثور على عمل، فقرر البدء في دراسة اللغة السويدية واستطاع أن يتعلمها بسرعة. هذه المعرفة الجديدة أثارت فيه رغبة بالقيام بشيء جديد، فبدأ في البحث عن عمل. ولكن، عملية البحث عن عمل لم تكن كما توقع، حيث قال: «بدأت بالبحث عن عمل، لكنني لم أنجح في الحصول على أي فرصة. لم أكن أعرف السبب؛ هل هو لأنني لم أملك أي اتصالات؟ هل لأنني لم أكن أمتلك أي توصيات؟ هل لأنني لم يسبق لي العمل في السويد؟ لم يتح لي قط فرصة لإجراء مقابلة عمل أو عرض نفسي بأي شكل». وبدأ في دراسة تخصص التربية الاندماجية في مدرسة دالسلاند الشعبية الثانوية Dalsland Folkhögskola، حيث قرأ في الكتب الدراسية، إحصائيات تظهر أن العديد من الأشخاص يجدون صعوبة في الحصول على عمل بسبب أسمائهم.تحدياته في الحصول على أصدقاء سويديينوقد شعر جان أيضاً بالعزلة والغربة في بداية رحلته. وعلى الرغم من تعلمه اللغة السويدية، إلا أنه واجه صعوبات في الاندماج والتواصل مع الآخرين، حيث شرح جان قائلاً: «كان العثور على أصدقاء، خصوصاً من السويديين، تحدياً كبيراً».تغيير الاسمفي ضوء ذلك، شعر جان، الذي كان يحمل اسماً ذا دلالات دينية قوية (عبد الحميد)، بأن اسمه القديم لا يعبر عن هويته الشخصية. وكان يرى أن التغيير ضروري لتحقيق النجاح والاندماج في المجتمع السويدي.ومن خلال تجربته الشخصية، يؤكد جان على أهمية تحديد الهوية والشعور بالانتماء في رحلة الاندماج. ويعتبر أن تغيير اسمه كان خطوة حاسمة نحو بناء حياة جديدة في السويد. وأضاف جان: «أنا الآن أشعر أنني جزء من المجتمع، وقد ساعدني اسمي الجديد في فتح أبواب جديدة وتحقيق النجاح».ومؤخراً تأقلم مع عمله كمساعد رعاية في أوديفالا Uddevalla، المدينة التي يعيش فيها، وستينونجسوند Stenungsund، حيث واصل تحقيق ذاته والاندماج في المجتمع السويدي. رحلة اختيار الاسم: جان نيسلونفي هذا السياق، استعاد جان ذكريات الماضي والأسباب التي دفعته لاختيار اسمه الجديد، حيث قال: «جان هو اسم يوجد أيضاً في بلدي الأصلي، وهكذا استطعتُ الحفاظ على جزء من هويتي العربية».ووجد جان في الموسيقى والأدب ملجأ ومصدر إلهام، حيث تحدث عن تأثير الفنان جاني ستيفانوفيتش Jani على حياته، قائلاً: «لقد عانيت من صدمات في الماضي، وكنت بحاجة إلى طريقة للتغلب عليها. وجدت في موسيقى جاني العزاء والشفاء».ولم يكن اختيار الاسم الأخير، نيلسون، مجرد صدفة، بل كان تحية موجهة لـ سلمى لاغرلوف Selma Lagerlöf، واحدة من أعظم الكتّاب في السويد، حيث استرجع جان ذكريات الطفولة حين شاهد "مغامرات نيلز المدهشة Nils Holgerssons resa" مترجمة إلى العربية، وقال: «أحببت القصة كثيراً، فقد سافر نيلز عبر كل السويد قبل أن يعود إلى الوطن. وأنا أيضاً سافرت من تركيا وعبرت أوروبا لأجد منزلي في السويد. شعرت أن هناك رابطاً خاصاً بيني وبين قصة نيلز، وكأنني أجد فيها جزءاً من رحلتي وانتمائي».بهذا، يتجلى في حياة السوري جان نيلسون مزيج من التحديات والإلهام، ويظل ملتزماً برحلته نحو الاندماج والتحقق الذاتي في بلده الجديد، السويد.