شرطي الاندماج الأخير في السويد: الحلّ في شرطة الأحياء
سياسة
Aa
أولف بوستروم شرطي الاندماج الأخير مع “أكتر”
بالنسبة لأولف بوستروم Ulf Boström من يوتوبوري، وهو آخر شرطي اندماج في السويد، فالحلّ لمشاكل العصابات والجريمة والعزل والعنصرية والتوتر في الأحياء الضعيفة في جميع أنحاء السويد، وفي يوتوبوري خاصة، ليس في زيادة أعداد الشرطة وتسليحها، بل في اتخاذ إجراءات وقائية يمكن البدء بها بإعادة إحياء ما يسمّى شرطي الأحياء Kvarterspolis. لنتعرّف إلى ما قاله لفريق "أكتر":
سياسي للضرورة
يبلغ أولف من العمر 65 عاماً، قضى منها 44 عام في سلك الشرطة، ومنها 16 عام كشرطي اندماج. لم يفكّر أولف يوماً في أن يصبح سياسياً، ولكنّه يقول بأنّ الخلل والمشاكل الموجودة في البلاد، والقوانين التي يُساء استعمالها من قبل السلطات، دفعاه للتفكير بأنّ الوقت لم يفت لتصحيح الأمور وجعل الشرطة تقوم بعمل أفضل.
أولف مقتنع بأنّه إن لم ينخرط أكثر في السياسة، فسيأتي عليه يوم يساءل نفسه عن السبب الذي منعه من بناء منصّة سياسية يكون له من خلالها صوت أعلى ليؤدي فيها دوره في إجراء تغييرات في سلك الشرطة، بهدف الوصول إلى مجتمع أكثر عدلاً وقابلاً لدمج الجميع فيه بشكل أفضل.
بالنسبة لأولف، لا يقع عبء الاندماج على القادمين الجدد فقط، فالسياسيون وأعضاء البرلمان والحكومة وجميع المسؤولين والجميع دون استثناء، وليس فقط القادمين الجدد، عليهم الاندماج.
شرطي الأحياء
يتحدث أولف عمّا كان يُسمى "شرطي الأحياء" (الشرطي المحلي)، الذي كان موجوداً قبل قرابة 30 عام في جميع الأماكن في السويد. يقول أولف: كان هذا الشرطي – بسبب عمله في المكان ذاته لسنوات – قادراً على معرفة جميع السكان والأعمال والكنائس والجوامع...الخ، وقادر على تمييز معظم سكان الحي وعوائلهم بأسمائهم.
ثمّ قررت إدارة الشرطة في 1992 عدم الحاجة لهذا النوع من الشرطة. لكن بالنسبة لأولف، وخاصة أنّ في السويد مهاجرون من أكثر من 148 دولة ممّن ينتمون إلى خلفيات متنوعة، ولديهم روابط ثقافية متعددة، فهؤلاء فقدوا أيّ اتصال لديهم مع الشرطة، ولهذا هم بحاجة من جديد لشرطة الأحياء.
ربّما بالنسبة لأولف، وفي غياب شرطة الأحياء، كان البديل الأفضل هو شرطي الاندماج، ولهذا تقدّم بطلب في 2006 ليصبح شرطي اندماج. يعرّف أولف الاندماج ببساطة: أن تكون جزءاً من المجتمع، وبالتالي جزءاً من القوانين التي تسيّر هذا المجتمع.
يقول أولف: في ذلك الوقت كان لديّ خبرة كبيرة في القانون، ولكن من الناس ومن المهاجرين ومن الثقافات المتعددة والآراء السياسية المتنوعة...الخ، تعلّمت ما أعرفه اليوم. يلخص أولف تجربته: جميع الناس متشابهون، والفارق هو في خبراتهم المختلفة. وهذه الخبرات هي من تؤدي لاستجاباتهم عند التأقلم على العيش في بلدٍ جديد، وكيفية تقبلهم لعاداته وقوانينه.
كان الاندماج ممتازاً ولكن...
بالنسبة لأولف، كان الاندماج في السويد جيداً جداً، وكان بإمكان المرء رؤية وزراء من خلفيات مختلفة، والكثير من أعضاء البرلمان من خلفيات غير سويدية، والكثير من المهاجرين الذين يشغلون مهناً جوهرية...الخ.
أمّا اليوم فلدى السويد أعلى نسب إطلاق النار في أوروبا، ومستويات هائلة من تعاطي المخدرات، ومستويات كبيرة من جرائم العصابات، وأرقام أعلى ممّن سافروا للقتال مع داعش في سورية.
يميل اليمين لإلقاء اللوم في هذه المشاكل على الذين يعيشون في مناطق ضعيفة. لكنّ أولف يرى بأنّ معظم من يعيش في المناطق المهمشة أو الضعيفة هم أشخاص طبيعيون وطيبون. لكن رغم ذلك يلاحظ أولف كيف أنّ الجيل الثاني من المهاجرين يواجه صعوبات كبيرة في التأقلم والاندماج.
لا للعنف المالي والبدني
يقول أولف: يجب بناء الديمقراطية بالقانون، وليس بالعنف المالي أو البدني.
يتبع الشرطة القانون في أيّ بلد، ولكنّ هذا القانون هو القانون الذي يضعه من يحكم. لهذا عندما يكون هناك فساد في بلاد ما والناس غير راضين به، سيبدؤون بالتظاهر. عندها سيقوم الحاكم الذي يملك السطوة بزيادة أعداد الشرطة ويقوم بعسكرتهم والمزيد من المحاكمات والمزيد من السجون.
يرى أولف بأنّ الحلّ لمنع تحوّل الشرطة السويدية إلى عامل قمعي هو إعادة شرطة الأحياء الذين كانوا قريبين من الناس. بالنسبة لأولف، هؤلاء الشرطة القادرين على تمييزك بشكل شخصي، ويعرفون أسماء أولادك، وأنت معتاد على وجودهم بالقرب منك. هؤلاء الذين يعرفون المدارس والأعمال في الحي، ومراكز الأنشطة، وقادرين على فهم القواعد الدينية المختلفة بين السكان، هم القادرون على استعادة احترام الناس بتطبيقهم للقانون بشكل عادل.
هؤلاء الشرطة سيكونون قادرين على زرع الثقة بين الناس، وعلى إظهار الاحترام للجميع لاستعادة ثقتهم وإشعارهم بالاحترام اللازم.
الديمقراطية كالشعر
طلب فريق "أكتر" من أولف أن يوجه كلمة أخيرة للجمهور فاختار القول:
الديمقراطية السويدية رائعة، وقوانينها تشبه الشعر. لكنّ المعرفة العملية بتطبيق هذه القوانين تقلصت في السويد. لدينا فرصة جيدة جداً لإحلال الديمقراطية في السويد لجميع الناس الذين يأتون من كلّ مكان.
الدليل إن كان السياسيون يعملون جيداً هو مدى رضانا عن المجتمع الديمقراطي الذي لدينا. إن لم نكن راضين فهذا هو وقت التساؤل: أين الوعود التي طرحتموها؟ وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال في السويد.