اكتر-تقارير من السويد : جلال اليتيم طالب لجوء فلسطيني، من مدينة بيت لحم، في الـ 55 من عمره. لقي مع أفراد أسرته صباح الثاني والعشرين من يوليو/تموز الجاري، معاملة لا إنسانية على أيادي بعض عناصر أجهزة الأمن السويدية، التي دخلت منزله عنوة، على حد وصفه.
حيث ذكر أن تصرفاتهم مفرطة الفظاظة والهمجية، كادت تودي بحياة زوجته المريضة أمام أعينهم وسط حالة عدم اكتراث تامة منهم، كما تسببت في إهانة معتقدات عائلته الدينية وقلب جميع محتويات المنزل رأساً على عقب، بدعوى التفتيش بحثاً عن أية مستندات سفر تتيح إمكانية تنفيذ قرار ترحيلهم وفق ما قضت مصلحة الهجرة.
الحادثة خلفت موجة غضب بين أوساط المهاجرين بعد انتشار مقطع فيديو وعدة صور لها عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي، كونها، حسب وجهة نظرهم، كشفت قسوة بعض الممارسات التي يمكن أن تتخذها الشرطة السويدية في حق طالبي اللجوء على الرغم من عدم ارتكابهم أية أفعال تخالف القانون، في سبيل إجبارهم على ترك البلاد، حتى إن تجاهلت بذلك صراحة أبسط مبادئ حقوق الإنسان.
رفض طلب اللجوء
يتحدث اليتيم عن بدايات قدومه إلى البلاد وطلب اللجوء، قائلاً: "سنة 2014، جئت رفقة زوجتي سهير وابني مجد (19 عاماً) للسويد متقدمين بطلب لحق اللجوء فيها.
لكن مصلحة الهجرة سرعان ما رفضت قضيتنا وجميع محاولات الاستئناف التي أعقبتها، باعتبارنا مواطنين تابعين إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، لتصدر قراراً نهائياً يقضي بترحيلنا. إلا أن هذا قرار الترحيل ظل غير قابل للتنفيذ نظراً إلى عدم حيازتنا أية جوازات أو وثائق سفر".
الطرد من المنزل وقطع المساعدات المالية
يذكر اليتيم تعرض عائلته لموقف مشابه مع رجال الشرطة فيما سبق، لم يتورعوا خلاله عن إخراجهم قسراً من سكن الهجرة، عقب اتخاذ المصلحة المذكورة قراراً بطردهم وحرمانهم من كافة المساعدات المالية، سعياً إلى إجبارهم على مغادرة البلاد إثر عجزها عن تطبيق قرار الترحيل بنفسها، قائلاً: "ليست هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها أجهزة إنفاذ القانون السويدية معنا بطريقة بالغة السوء والإهانة.
فمن الواضح أن مثل هذه السلوكيات باتت متعمدة منهم لإيصال رسائل واضحة المعاني إلى كافة المهاجرين غير المرغوب في وجودهم داخل البلاد من أمثالنا.
فقبل عامين تقريباً، قامت الشرطة كذلك بطردنا خارج منزل الهجرة وإلقاء كافة ممتلكاتنا بعرض الطريق، كما قطعوا علينا جميع المساعدات المالية التي تمثل مصدر دخلنا الوحيد.
لولا أن صديقاً سمح لنا بالإقامة في منزله دون مقابل وقيام كنيسة المدينة بمنحنا بعض الطعام بين الحين والأخر، لبقينا مشردين في العراء دون زاد أو مأوى".
https://youtu.be/yVoz4SJ9DJk
تحويل قضيتهم إلى الأجهزة الأمنية
يحكي اليتيم تفاصيل الحادثة الأخيرة لدخول الشرطة إلى منزله وتخريبه وما ترتب على ذلك من تعريض حياة زوجته المريضة للخطر وإهانة معتقداته الدينية، قائلاً: "على الرغم من كوني لم أحاول الفرار كما يفعل كثير من المهاجرين المقضي ترحيلهم وإصراري على إبلاغ مصلحة الهجرة بعنوان سكني الجديد في مدينة" ألفيس فريد"، إلا أن هذه الأخيرة ظلت مصرة على التعامل معنا كأننا محض مجرمين خطرين فارين من العدالة. حيث أحالت ملف قضيتنا مؤخراً إلى جهازي الشرطة وشرطة الحدود للحيلولة دون فرارنا خارج البلاد، مع أن الفكرة لم تخطر ببالنا أساساً".
تخريب المنزل، إهانة الرموز الدينية وتعريض حياة الزوجة للخطر بحجة البحث عن جوازات سفرهم
ويستطرد: "هكذا في صباح الثاني والعشرين من يوليو/تموز الجاري، فوجئت سهير بأربع رجال أمن ضخام، اثنان من الشرطة وأخران من الشرطة الحدودية، يقفون على عتبة باب منزلنا.
طلبت منهم الانتظار قليلاً ريثما توقظ مجد من نومه ليتحدث إليهم، إلا أنهم تجاهلوا كلامها واندفعوا جميعاً إلى الداخل عنوة، غير عابئين بحرمة البيت أو خصوصية أهله، فاقتحموا حجراته دون استئذان، بينما أنا ومجد لا نزال بعد نائمين، ليقتادونا قسراً في غمرة اندهاشنا إلى الصالة حيث سهير، آمرينا عدم الإتيان بأية حركة، ثم شرعوا مباشرة في تفتيش المنزل بكل فظاظة، قالبين كافة محتوياته رأساً على عقب، بحثاً عن أية مستندات سفر قد نكون أخفيناها عنهم لمنع ترحيلنا.
لقد بلغت الوقاحة والوحشية في عبثهم إلى درجة أنهم لم يتورعوا حتى عن إلقاء مجسم صليبنا على الأرض والأخذ في المجيء والذهاب فوقه بأقدامه دون أية مراعاة لمشاعرنا، ما جعلني أصيح بهم مستنكراً أن تصرفهم هذا يعتبر خطأ عظيماً في عقيدتنا وإهانة صريحة إلى أحد رموزنا الدينية، بالتالي عليهم إبداء الاحترام لنا ورفعه عن الأرض. بيد أنهم تجاهلوا كلامي.
فعدت أكرر طلبي عدة مرات حتى امتثلَت إحداهم وفعلَت ما أردت على مضض. عندها صارحتهم من فرط غضبي أن تصرفاتهم تذكرنا تماماً بتصرفات قوات جيش الاحتلال "الإسرائيلي" حين كانت تداهم بيوتنا في فلسطين، ففوجئت بأحدهم يجيبني: (سامّا سامّا!).
كانت كمية التوتر والانفعال اللذان تمر بهما سهير آنذاك أكبر من مقدرتها على التحمل، لا سيما أنها تعاني أصلاً من حالة ارتفاع مزمن في ضغط الدم واعتلالاً بضربات القلب، ما جعلها عاجزة عن التنفس، فاستأذنت الشرطية أن تسمح لها بجلب علبة الدواء من درج حجرة نومها، لكن هذه الأخيرة رفضت بشدة خوفاً من أن تكون حيلة من زوجتي لإخفاء شيء ما.
فعادت سهير تناشدها أن تتركها تقف على الأقل قريباً من باب المنزل لاستنشاق هواء نقي، غير أن الشرطية رفضت مجدداً، مقترحة عليها باستخفاف: الجلوس على الأريكة ومحاولة التنفس.
حاولت إقناعهم من جانبي أن يتركوني أوصلها سريعاً بسيارتي إلى المستشفى لإسعافها، لكنهم أصروا ألا نركب السيارة حتى يقوموا بتفتيشها أولاً، فاقترحت عليهم إذن أن يوصلوها بسيارتهم، سوى أنهم رفضوا أيضاً ولم يأخذوا حالتها الصحية بالجدية اللازمة.
لذا لم يتطلب الأمر وقتاً طويلاً حتى وجدت زوجتي ممددة على الأرض وقد غابت عن الوعي تماماً. هنا أسرعت مع مجد نحملها خارج المنزل محاولين إنعاشها، دون أن يجرؤ أي من رجال الشرطة على الاعتراض.
بعد زمن من البحث، أيقن عناصر الشرطة أخيراً أنهم لن يجدوا شيئاً مما جاءوا لأجله، فقرروا الانصراف. لكن ليس قبل أن يخبر أحدهم مجد، الذي تبدو على وجهه أمارات الاستنكار، أن عليه مغادرة البلاد ثم محاولة دخولها مجدداً عن طريق عقد عمل كما يفعل بعض طالبي اللجوء إذا ما أراد أن يغدو وضعه قانونياً داخل البلاد ويترك وشأنه. ثم غادروا بعد أن عاثوا في كل أرجاء البيت خراباً".