أُجبر أكثر من 20 عاملاً في مجال الرعاية على مغادرة دار المسنين في بلدة "هارادس" الواقعة في شمال السويد، بعد دخول القوانين الجديدة للهجرة حيز التنفيذ. من بين المتضررين دور داداشا، وهي عاملة إثيوبية تتحدث السويدية بطلاقة وتجاوز دخلها الشهري الحد الأدنى المطلوب للإقامة، لكنها لا تزال تواجه خطر الترحيل وذلك بحسب تقارير صحيفة arbetet. هارادس، البلدة التي لا يتجاوز عدد سكانها 500 نسمة، اعتمدت بشكل كبير على المهاجرين في قطاع الرعاية. إذ لجأت دار الرعاية "إيده ستراند" لتوظيف العمال الأجانب لسد النقص في الكوادر. في السابق، كان يصل يومياً عدد من طالبي اللجوء بحثاً عن عمل، أما الآن، وبعد رفع الحكومة لمتطلبات الدخل في نوفمبر 2023، بالكاد يتقدم شخص واحد شهرياً. تقول مسؤولة التوظيف في الدار، ماري ماتسون: "كان لدينا 24 موظفاً من جنسيات مختلفة، بينهم من هو مثبت بدوام كامل وآخرون بوظائف مؤقتة أو على أساس الساعات. اليوم لم يتبق سوى خمسة منهم". واحدة من هؤلاء كانت دور داداشا، التي وصلت السويد عام 2021. عملت سابقاً في بلدها كقابلة، وأرسلت رسالة نصية لماري ماتسون تسأل عن فرصة عمل، فتلقت دعوة فورية للمقابلة. تعلمت اللغة السويدية بسرعة، وأصبحت تتحدث بها بطلاقة تقريباً. لكن بعد حصولها على ثلاثة رفضات لطلب اللجوء، قررت التحول إلى طلب الإقامة عبر العمل. إلا أن تعديل الحكومة لشرط الدخل ليصبح 27,360 كرون شهرياً جعل الوصول إليه شبه مستحيل، خاصة وأن متوسط راتب العاملين غير المؤهلين في الرعاية يبلغ نحو 21,000 كرون. مع تضاؤل الخيارات، لجأت الدار إلى تعديل جداول العمل لتعزيز رواتب الموظفين عبر زيادة ساعات العمل في عطلات نهاية الأسبوع والمساء، ما اعتبرته مصلحة الهجرة سلوكاً "غير مهني". رفضت احتساب ساعات العمل الإضافية كجزء من الراتب، ما دفع بالكثير من الموظفين لمغادرة الدار، إما للعمل في مؤسسات أخرى أو لأنهم رُحّلوا فعلاً. مع ذلك، نجحت دور داداشا في كسب قضيتها بعد عامين، حيث قضت المحكمة العليا للهجرة باحتساب ساعات العمل الإضافية ضمن الراتب، وهو قرار غير مسبوق، ومهّد الطريق لبقائها في السويد، على الأقل مؤقتاً. لكن فرحتها لم تدم طويلاً. فمع إلغاء الحكومة في مارس 2024 ما يُعرف بـ"مسار التحول" الذي كان يتيح لطالبي اللجوء التقدم بطلبات إقامة بناءً على العمل، أصبحت فرصها في تجديد الإقامة ضئيلة جداً. أما ماري ماتسون، فأعربت عن أسفها لغياب المرونة في القوانين، مشيرة إلى أن منطقتها في شمال السويد تعاني من نقص شديد في العمالة، خاصة في مجال الرعاية، ولا يمكن مقارنة وضعها مع مناطق أخرى من البلاد. وأضافت: "نحن ندرب هؤلاء الأشخاص، نعلمهم اللغة والمهنة، ثم نخسرهم بسبب قوانين لا تراعي الواقع المحلي". ورغم اعتراف الحكومة بالحاجة إلى مراجعة متطلبات الإقامة، وطلبها من مصلحة الهجرة تحديد الوظائف التي يمكن استثناؤها من شرط الدخل المرتفع بحلول أغسطس 2025، إلا أن القرار جاء متأخراً بالنسبة للكثيرين في هارادس، حيث يواصل الموظفون مغادرة مواقعهم، واحداً تلو الآخر. اقرأ أيضاً: الاقتراح أصبح جاهزاً: منحة مالية كبرى لمن يقرر مغادرة السويد