قلّة ممّن تحدثتُ معهم من المهاجرين «العرب وغير العرب» الذين يقولون بأنّ بيئة العمل في السويد ليست عنصرية. لكنّ الكثير من الشركات وأصحاب العمل لا يريحهم الحديث عن أنّ هناك تمييز على أساس لون البشرة أو العرق أو الاسم في أماكن عملهم، لدرجة أنّهم يتجنبون أيّ حديث عن الأمر وأحياناً بوسائل قسرية. لهذا يستمرّ التمييز والعنصرية دون أن يتصدى لها أحد.لأترك جانباً التجارب الشخصية للأفراد (رغم أهميتها) وأذهب إلى مكان آخر. السويدي من أصل إفريقي: كيتيمبوا صابوني، المتحدث باسم «الاتحاد الوطني للشعوب الأفرو-سويدية المسلمة MMRK» ولجنة حقوق الإنسان ASR قال في 2018 شيئاً يستحقّ الذكر عندما قارن مناهضة العنصرية بالمساواة في العمل: «كمثال، ليس من الاستثنائي بالنسبة للمدرّسين أن يبحثوا عن طرق تحقيق أعلى مستوى مساواة عندما يتعاملون مع الأولاد والبنات، لكن قلّة منهم لديهم الحماسة نفسها للبحث عن كيفيّة معاملة الأطفال ذوي لون البشرة المختلف بمساواة».نحن غير عنصريينيقول كثيرون بأنّ مشكلة السويديين البيض الأهم في مكافحة العنصرية أنّهم لا يدركون بأنّهم عنصريون. في لقاء مع ميليندا خونيسون من منظمة «مالمو ضدّ التمييز»، ذكرت لي بأنّ تقريراً لمنظمتهم أثبت بأنّ شركات السكن لا تدرك بأنّها عنصرية. يقول صابوني في السياق نفسه بأنّ أيّ عمل حقيقي أو نقاش حقيقي لمناهضة العنصرية من قبل السويديين البيض: «ليس فقط معيباً، بل لا يمكن التفكير فيه أيضاً لأنّه يتناقض مع صورتهم عن أنفسهم كمناهضين للعنصرية بطبيعتهم».في 2005 أجرت الحكومة تحقيق «البيت الزجاجي الأزرق والأصفر blågula glashuset» وكانت نتيجته واضحة وغير قابلة للتأويل: هناك عنصرية بناء على العرق ولون البشرة والدين في سوق العمل السويدي. كما أنّ هناك عدّة دراسات مؤسساتية وجامعية تصل لذات النتيجة.عنصرّية في كلّ مرحلة توظيفإحدى الدراسات الهامة عن عملية التوظيف أظهرت بأنّ التمييز قائم في جميع مراحل التوظيف لدى الشركات، بما في ذلك تأثير ما «يفضّله» صاحب العمل.في واحدة من الدراسات كانت النتيجة بأنّ المدراء أو مسؤولو التوظيف ذوي الأصل السويدي، يسألون المتقدمين إلى الوظائف من أصل عربي أسئلة أكثر عن العادات الثقافية السويدية والقيم وعن حياتهم الاجتماعية الخاصة. بينما كان هؤلاء المدراء أنفسهم لا يسألون المتقدمين من أصل سويدي سوى الأسئلة المرتبطة بشكل مباشر بالعمل.سأسرد لكم بعض نتائج الدراسات الأخرى بشكل سريع:هناك ميل واضح لدى الشركات لتوظيف ذوي الأصل المهاجر في أعمال مؤقتة، بالمقارنة مع ذوي الأصل السويدي.تقدّم المهاجرين في العمل إلى مراكز أعلى أصعب بكثير من تقدّم ذوي الأصل السويدي.إن كنت من أصل إفريقي أو من الشرق الأوسط، فاحتمال حصولك على عمل هو أقلّ بنسبة 28٪ كما أظهرت دراسة أخرى.إن كانت بشرتك داكنة – ولو كنت مواطناً سويدياً – يجب أن تحصل على تعليم بعد التخرج من الثانوية لـ3 سنوات للوصول إلى مستوى الراتب ذاته الذي يحصل عليه السويديون الأصليون الحاصلون على تعليم ثانوي.إن صمتنا تصمت العنصرية!العنصرية والتمييز – سواء الواضحة أو المستترة التي لا يمكنك أن تحصل على دليل فيها، كأن يقوم زملاؤك في العمل بإقصائك وعدم مساعدتك ولو لم يقولوا لك شيئاً عنصرياً – هي أمور يجب أن ندرك بأنّها موجودة ولو اختلفت درجاتها.ربّما تكون الحلول لهذه العنصرية مركبة وليست بسيطة، ولكنّ إنكارها وعدم الاعتراف بها هو بالتأكيد ليس جزءاً من الحل، والذي برأيي يجب أن يكون قائماً على تغييرات هيكلية حتّى ينجح. تنويه: المواد المنشورة في هذا القسم تنشرها هيئة تحرير منصة أكتر الإخبارية كما وردت إليها، دون تدخل منها - سوى بعض التصليحات اللغوية الضرورية- وهي لا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة أو سياستها التحريرية، ومسؤولية ما ورد فيها تعود على كاتبها.