"أكتر" والانتخابات... التقى فريق خاص "أكتر" مع المرشّح للانتخابات المحلية في غوتلاند، والانتخابات البرلمانية، عن حزب الوسط: السويدي من أصل سوري علّام الكاطع. كان لدى علّام الكثير من النصائح التي استخلصها من تجربته في السياسة والعمل للمهاجرين الذين يريدون تحسين حياتهم، وكذلك تحدّث عن الحياة في غوتلاند، وبرامج حزبه الاستباقية لمنع الفصل بين السويديين والمهاجرين في المدينة.هلّا عرفتنا عن نفسك...اسمي عبد العليم الكاطع، الشهير بعلّام. تعود أصولي إلى دير الزور في سورية. عملت كمهندس عمارة، وقدمت إلى السويد في أواخر عام ٢٠١٤. عشت عند وصولي إلى السويد لفترة في ستوكهولم، ثمّ انتقلت إلى جزيرة غوتلاند. أعمل في بلدية غوتلاند كمحقق تصاريح بناء، إضافة لكوني عضو مجلس إدارة في جمعية "الأمم المتحدة" في غوتلاند، وعضو مجلس إدارة في "منظمة تعليم الكبار"، وكما تعلمون: مرشح للانتخابات البلدية والبرلمانية عن غوتلاند.هلّا تحدثت باقتضاب عن المهاجرين في غوتلاند وفرص العمل...هناك في الجزيرة قرابة ١٥٠٠ شخص من أصل عربي، ومجمل ٢٥٠٠ شخص من أصل مهاجر. الحياة جميلة في الجزيرة، والحصول على عمل أسهل نسبياً من بقيّة المناطق لكون التنافسيّة أقل. ربّما المعاناة الأساسية هي اعتمادنا على الباخرة التي تنقلنا إلى البر الرئيسي.علام الكاطع عضو مجلس إدارة جمعية الأمم المتحدة في غوتلاندربّما الأفضل أن نبدأ بسؤالك عن أمر يشغل الإعلام: أنت في غوتلاند، وهي الجزيرة السويدية الأقرب إلى روسيا، والتي يقول الناتو بأنّها الأكثر تهديداً من قبل روسيا، ويبدو أنّ العمليات العسكرية تكون دائماً بقربها. أولاً: ما رأيك كشخص يعيش في غوتلاند بما يجري، وثانياً رأيك كونك من حزب الوسط الذي يؤيد عموماً الانضمام للناتو.غوتلاند مهددة من روسيا من أكثر من ٢٠٠ عام، والسويديون يشعرون بهذا التهديد حتّى منذ ما قبل الأحداث الأخيرة في أوكرانيا. منذ انتقالي إلى غوتلاند، بدا واضحاً أنّ المكان يشهد تحركات عسكرية كبيرة. كانوا قد قرروا في عام ٢٠٠٠ أن يسحبوا جميع المظاهر العسكرية من غوتلاند، ولكن عادوا عن القرار في عام ٢٠١٤. سكان غوتلاند معتادون على مشاهدة الأجواء العسكرية، فهناك تدريبات عسكرية دائمة مع قوات بريطانية أو أمريكية أو بقيّة دول الشمال.بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا، بتنا نشهد الأمر بشكل يومي، وأصبح الطيران على مدار النهار تقريباً، وأحياناً ليلاً. وحتّى في الشوارع، بات من المعتاد رؤية الجيش. وقد عمم الجيش عن منع تصوير أي تحركات له، ومنع نقل أيّ مواقع لهذه التحركات وأماكن تمركزه. لكن في العموم المهاجرين في غوتلاند أقلّ خوفاً من السويديين الأصليين الذين يبدو أنّ الخوف يسيطر عليهم بشكل كلي. وعلى العموم، الأوضاع لا تزال جيدة ولطيفة في الجزيرة.بالنسبة لقضيّة الناتو، أنا لديّ بوصفي عضو في حزب الوسط تحفظات شخصية على انضمام السويد للناتو، لكن الحزب يؤيد بشكل عام الانضمام للناتو. بتصوري من الأفضل أن تبقى السويد محايدة، خاصة أنّ الأمر اليوم بات يمسّ دول الجوار، والتهديد يعتبر مباشر بشكل أو بآخر. اعتدنا على حياد السويد في قراراتها السياسية والعسكرية، لكن ما حدث في الفترة الأخيرة أنّ هناك من استفاد من التصعيد على مستوى الاتحاد الأوروبي، واستفاد من الخوف لأخذ الخطوة الأولى نحو المجابهة المباشرة. لكن على العموم، يبقى الأمر غير واضح بانتظار أن نرى ما ستؤول إليه "الحلقات القادمة" ممّا يجري.لنمضِ إلى محور آخر: وفقاً لتصريحات حزب الوسط، تريدون البقاء في الوسط، لكننا نشهد اليوم في السويد إمّا تطرفاً يمينياً، أو ما يمكن أن نسميه "تطرفاً يسارياً": أولاً: أين سيكون الوسط في المرحلة القادمة؟ ثانياً: كما شهدنا في تجربة الموازنة الأخيرة، فقد كان موقف حزب الوسط "السلبي" من الموازنة سبباً في تمرير موازنة اليمين، فهل يمكن أن نشهد تعاوناً ما بين الوسط واليمين؟Karl Melander/TTلن يكون هناك تعاون بين حزب الوسط واليمين بأيّ شكل من الأشكال، وسياسة حزب الوسط هي عدم الوقوف لا إلى جانب أقصى اليمين ولا إلى جانب أقصى اليسار. لكن المشكلة أنّ الفترات الأخيرة بات كلّ طرف يحاول جذبك إليه إمّا بالمرغبات أو بأشكال التحالفات. لكن بتصوري من المستحيل أن يتواصل حزب الوسط مع الأحزاب اليمينية. نحن اليوم عندما نتحدّث عن اليمين فلم يعد لدينا فقط حزب SD كحزبٍ يميني، فالكثير من الأحزاب تتجه نحو اليمين رغم تفاوت يمينيتها. هناك تفاوضات ومصالح سياسية تحكم خطّ الحزب العام.لكن إن أردت حصر الحديث عن السياسة في غوتلاند، فمن المستحيل التعاون بين حزب الوسط واليمين. حزب الوسط هو الحزب المسيطر هنا، ولديه فرص كبيرة للبقاء في موقع الحزب الأكبر هنا في الفترة القادمة. الأمر الجميل الآخر أنّ حزب SD العنصري يكاد يكون معزول عزلة تامة في غوتلاند، ولا أحد يرغب بالتحالف معه، ويشمل ذلك الأحزاب التي تعتبر حليفة له على المستوى الوطني مثل المحافظين والمسيحيين الديمقراطيين.لكن ماذا عن مواقف حزب الوسط التي تعدّ مواقف يمينية، مثل موقفه من الهجرة، وموقفه من زيادة أعداد الشرطة وغيرها؟يجب أن نميّز بين المصالحية السياسية التي تفرضها التحالفات، وموقف حزب الوسط من الهجرة والمهاجرين. لا يزال حزب الوسط هو أكثر الأحزاب تمسكاً بقضايا الهجرة والمهاجرين. رأينا كيف غيّر الحزب الاشتراكي الديمقراطي جلده وغيّر مواقفه بشكل كبير من المهاجرين.يجب أن يؤخذ بالاعتبار في هذا السياق تصريح زعيمة حزب الوسط آني لوف عن حقيقة أنّ قوائم حزب الوسط الانتخابية على طول البلاد تحوي مرشحين من المهاجرين، وهو أمر إيجابي وداعم جداً للمهاجرين. الأمر الآخر أنّ قوائم حزب الوسط لا تحوي فقط على أسماء مهاجرين بشكل شكلي «واو لدينا مهاجرين»، بل التمثيل سيكون حقيقي – سواء في البلديات أو في البرلمان.بالنسبة لموضوع الشرطة: جميعنا في السويد مع زيادة أعداد الشرطة، فهذا أمر جيد لحفظ الأمن. ولكن تبقى مسألة كيفيّة استخدام هذه الشرطة هي الفارق، فلا أعتقد بأنّ الشرطة ستستخدم بشكل رئيسي ضدّ الأحياء الضعيفة. وجود شرطة أكثر يدعو للانضباط أكثر.بالنسبة لموضوع الأحياء الفقيرة والمتضررة، فلدى حزب الوسط خطة دائمة لدعم هذه الأحياء. في غوتلاند، كون البيئة لا تزال "نقيّة" ولم تدخل حالة الأزمة الموجودة في ستوكهولم أو يوتوبوري أو مالمو، بدأنا نلحظ حالات تكتّل لبعض المهاجرين في غوتلاند. لهذا كنتُ أحد الدافعين والحاضرين لمكافحة إنشاء «مجموعات سكنية منعزلة». بدأنا في حزب الوسط نأخذ الموضوع على محمل الجد أكثر، وبدأنا نطرح الموضوع في البلدية وأمام شركات السكن لنوجد مناطق أخرى ذات إيجارات منخفضة يمكن للطبقة المتوسطة أو الفقيرة أن تسكنها.بحكم عملي في قسم التخطيط والبناء في البلدية، أعلم بأنّ حزب الوسط هو أكثر جهة داعمة لتسريع تصاريح البناء وتسهيل منحها، وتحويل غوتلاند إلى جهة مرغوبة أكثر. لدينا الكثير من النشاطات السياحية وغيرها من الأنشطة التي نريد من خلالها تعزيز مكانة غوتلاند والاندماج فيها، ومنع حصول تكتلات منعزلة.أنت قادم جديد نسبياً إلى السويد، وتمكنت من الحصول على عمل والمشاركة في الكثير من الأنشطة، وكذلك الانخراط في العمل السياسي. ما هي نصيحتك لغير القادرين على تحقيق مثل ما حققت، وخاصة غير القادرين على إيجاد عمل؟ النصيحة التي عرفتها من تجربة شخصية، ناهيك عن الأمور المفروغ منها مثل اللغة والعلاقات، هي الاتجاه نحو المناطق الصغيرة نسبياً أو الشمالية، حيث التنافسية أقل وتقبّل الناس والشارع للمهاجرين أفضل. يتجه معظم حاملي الشهادات نحو المناطق الكبيرة، وقمت أنا نفسي بذلك في البدء، ولكن بعد انتقالي إلى غوتلاند علمتُ بأنّ الانتقال إلى منطقة أصغر نسبياً يؤمّن فرصاً أفضل ليس للحصول على عمل وحسب، بل أيضاً لإيجاد بيئة ثقافية واجتماعية مناسبة أكثر. إن لم تكن الأمور سهلة حيث تعيشون ولم تجدوا فرصة، انتقلوا إلى مناطق أصغر نسبياً، هذه هي نصيحتي.علام الكاطع لخاص أكترلماذا برأيك على المهاجرين القادرين أن ينتخبوا ويدلوا بأصواتهم؟من المهم أن يكون لدينا صوت انتخابي. كما نعرف بدأت أصوات اليمين تعلو في جميع أنحاء السويد، لهذا يجب أن تكون أصواتنا هي معادل الكفّة. الأمر الآخر أنّ القضايا التي تمسنا بشكل كبير، سواء كنّا مهاجرين أو مسلمين – مثل قضايا السوسيال والتظاهر ضدّ بالودان...الخ – يجب أن يكون لدينا صوت يسمح لنا بتحصيل حقوقنا بشكل أكبر من خلال تواجدنا في السلطات الحكومية والسياسية.سواء أقرر الناس التصويت لحزب الوسط أو غيره، من المهم أن يصوتوا، فأصوات قليلة جداً بإمكانها صنع فارق كبير. بغض النظر عمّن سيختارون، يجب أن يصوتوا.هل لديك ما تقوله بشكل شخصي لجمهور "أكتر"؟أودّ الحديث في نقطتين: الأولى عن حملتنا الانتخابية في غوتلاند، والتي ستُقام باللغتين السويدية والعربية، وهو الأمر الذي اعتبره إيجابي ومفيد، فهو يظهر بأنّنا في حزب الوسط أخذنا باعتبارنا أنّ البعض لا يزال غير متقن للسويدية بشكل تام، ولهذا يصعب عليه الاطلاع على البرنامج الانتخابي للحزب، ففضلنا عرض برنامجنا بلغة يتقنونها أكثر. سأكون المسؤول عن قيادة الحملة باللغة العربية.النقطة الثانية: أنا من المتابعين لمنصّة "أكتر" بشكل كبير، وأرى بأنّها منصّة حيادية بأقصى ما يمكن، ولطيفة، والأهم أنّها تسلّط الضوء على قضايا وشخصيات هامة. لقد تعرفت بنفسي على الكثير من الشخصيات الفعالة والإيجابية في السويد من خلال منصّة أكتر.