بعد تذمّر العديد من المشجعين من قرارات الحَكَم وعدم اتساق الإدارة، حان الوقت لتذكير العالم بأنه كانت هنالك بعض اللحظات الأكثر جنوناً منذ بطولة كأس العالم الأولى، والتي أقيمت عام 1930.في ما يلي بعض الأخطاء الرسمية التي لا تُنسى على مدار الـ 92 عاماً الماضية في كأس العالم.1- معركة سانتياغو (1962)بدأت المواجهة بين تشيلي وإيطاليا في 2 يونيو/ حزيران عام 1962، وقبل أن يلتقي هذان الفريقان أشعل الصحفيون الإيطاليون الأمور بانتقادهم ظروف المعيشة واللعب في تشيلي التي أصبحت بدورها مصممة على الانتقام.تم بثّ اللعبة على الهواء مباشرةً في جميع أنحاء العالم وحضرها 66,057 شخصاً في ملعب تشيلي الوطني Estadio Nacional. وبعد 8 دقائق فقط من المباراة طُرد اللاعب الإيطالي جورجيو فيريني Giorgio Ferrini لردّه بعد أن ركله المهاجم التشيلي هونورينو لاندا Honorino Landa من الخلف، لكنه لم يغادر الملعب إلا بعد 10 دقائق عندما تم استدعاء مسؤولي الفيفا والشرطة.الجدير بالذكر، أنه قبل حوالي 5 دقائق من نهاية الشوط الأول، قام الإيطالي أومبيرو ماشيو Humbero Maschio بإصابة ليونيل سانشيز Leonel Sánchez بخطأ سيء، ثم كسر سانشيز أنف ماشيو، وشاهده الجميع في الملعب بالإضافة إلى مشاهدي التلفزيون. باستثناء الحَكَم، فلم يتم طرد سانشيز أبداً، وسجّل هدف تشيلي الأول باندا راميريز Banda Ramirez في الدقيقة 74، وسجّل سانشيز تورو Sanchez Toro قبل دقيقتين من النهاية، كما تم طرد إيطالي آخر ماريو ديفيد Mario David لمهاجمته سانشيز حول رقبته.2- لم يكن الوقت في صالحهم (1930)أحاط الحَكَم، مفرط الحماسة، جيلبرتو دي ألميدا ريغو Gilberto de Almeida Rêgo الجماهير بالدراما والارتباك عند فوز الأرجنتين 1-0 على فرنسا في أول كأس عالم في الأوروغواي بتاريخ 15 يوليو/ تموز عام 1930. ففي وقت متأخر من الشوط الثاني فرح الأرجنتينيون بتقدمهم 1-0 مع تهديد الفرنسيين بالتسجيل عندما انطلقت صافرة الحَكَم ريغو فجأةً معلناً فيها انتهاء المباراة.بدورهم احتجّ الفرنسيون زاعمين أن هنالك 6 دقائق متبقية، وعندما دخلت الشرطة الملعب لاستعادة النظام، تحدث ريغو مع مساعده وتقرر أن هنالك 6 دقائق متبقية، وتم استئناف المباراة لكن لاعب خط الوسط الأرجنتيني روبرتو سيرو Roberto Cerro أغمي عليه، واحتفظ الأرجنتينيون بالنصر.لكن ذلك لم يخلُ من بعض التداعيات، حيث زعم جمهور الأوروغواي الذين حضروا المباراة أن فرنسا كان ينبغي أن تفوز، وشكا الأرجنتينيون (العدو اللدود لأوروغواي) في ملعب كرة القدم من المباراة أمام اللجنة المنظمة لكأس العالم وهددوا بالانسحاب من الكأس، وبعدها بلغ الأرجنتينيون مباراة البطولة، لكنهم خسروا أمام الأوروغواي بنتيجة 4-2.3- هدف "الرعاية الإلهية" (1986)في 22 يونيو/ حزيران عام 1986، أظهر اللاعب الأسطوري دييجو مارادونا Diego Maradona ذكاؤه ومهارته في غضون دقائق عند فوزهم بنتيجة 2-1 على إنجلترا في ملعب أزتيكا Azteca في مدينة مكسيكو.في ذلك اليوم، لعبت إنجلترا والأرجنتين لأول مرة منذ حروب فوكلاند التي كانت بين البلدين على عدة جزر شرق الأرجنتين عام 1982، وكانت هناك لافتات في جميع أنحاء الملعب تزعم أن الهجوم الأرجنتيني كان مدعوماً بصواريخ Exocet (تلك الأسلحة الفرنسية الصنع التي استخدمتها الأرجنتين في الصراع)، ومع ذلك تأكد مارادونا من أن لا أحد سيتذكر ما حدث قبل أربع سنوات بنتيجة انتصار 2-1.حاول مارادونا بعد 6 دقائق من الشوط الثاني لعب الكرة داخل منطقة الجزاء، لكن لاعب الوسط الإنجليزي ستيف هودج Steve Hodge تصدى للأرجنتيني للحصول على الكرة ورفع تمريرة إلى الحارس بيتر شيلتون Peter Shilton. ولكن وصل مارادونا والحارس في نفس الوقت وسدد مارادونا الكرة في الشباك بيده اليسرى، ورغم احتجاجات الإنجليز أشار الحَكَم التونسي علي بن ناصر إلى منطقة الجزاء، من جهته ادّعى مارادونا في وقت لاحق أن "يد الله" هي من سجلت هذا الهدف.بدوره شرع مارادونا في لعبٍ مذهلٍ بعد 4 دقائق، حيث استحوذ على الكرة مسافة 10 ياردات داخل المنطقة الأرجنتينية، وقام باستدارة 180 درجة وترك بيتر ريد Peter Reid وبيتر بيردسلي Peter Beardsley واقفين في مساراتهم، ثم تسابق على الجانب الأيمن إلى المنطقة الإنجليزية متجاوزاً راي ويلكينز Ray Wilkins.بعدها، حاول تيري فينويك Terry Fenwick اعتراضه ولكن مارادونا تجاهله، وخرج شيلتون من المرمى وسقط على العشب على بعد 8 ياردات، وحاول تيري بوتشر Terry Butcher محاولةً أخيرة عندما دفع مارادونا الكرة في المرمى غير المراقب.حتى خصوم مارادونا اندهشوا من الأداء، وقال بوبي روبسون Bobby Robson مدرب إنجلترا عن ذلك: «اليوم سُجّل أحد أكثر الأهداف الرائعة التي ستشاهدها على الإطلاق». وأضاف: «كان الهدف الأول مريباً، والهدف الثاني كان معجزةً، فقد كان هدفاً رائعاً، إنه لأمر رائع لكرة القدم أن يصنع بين الحين والآخر لاعباً مثل مارادونا، لم يعجبني هدفه الثاني، لكني معجب به».4- سحب الهدف (1982)كم مرة يعكس الحكم قراره ويأخذ هدفاً عن الفريق بعد شكوى الخصم؟ لحسن الحظ لا يحدث ذلك كثيراً في كأس العالم. لكنه حدث في فوز فرنسا 4-1 في الدور الأول على الكويت في إسبانيا بتاريخ 21 يونيو/ حزيران عام 1982. فمع تقدم فرنسا 3-1 قبل 15 دقيقة على نهاية المباراة، منح الحكم السوفيتي ميروسلاف ستوبار Miroslav Stupar الهدف الفرنسي عندما سجّل آلان جيريس Alain Giresse من مسافة قريبة حيث لم يتحرك المدافعون الكويتيون.من جهته زعم لاعبو الكويت الذين درّبهم كارلوس ألبرتو باريرا Carlos Alberto Parreira، أنهم سمعوا صافرةً وتوقفوا. إضافةً إلى ذلك، سار الأمير فهد رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم من المدرجات إلى أرض الملعب، وهو ما يعني عادةً الطرد التلقائي، للاحتجاج والمناقشة على القرار.بدت الكويت مستعدةً للخروج من الملعب، لكن ستوبار قام بتغيير قراره الأصلي، مما أثار غضب الفرنسيين، وبحلول الوقت الذي تم فيه تسوية الأمر، تم تأجيل المباراة لمدة 8 دقائق.استعاد الفرنسيون هدفاً في الدقيقة الأخيرة، كما فرض الفيفا على الكويت، غرامةً قدرها 12 ألف دولار.5- ذهب مع الريح (1978)لا يعتبر الهدف هدفاً عندما يُسجل بعد انقضاء الوقت، حيث أطلق الحَكَم كلايف توماس Clive Thomas من ويلز صافرة نهاية تعادل البرازيل 1-1 مع السويد بينما كانت الكرة خلال ركلة ركنية في الهواء ودخلت في المرمى. لكن الهدف لم يحتسب، وكان ذلك في الأرجنتين بتاريخ 3 يونيو/ حزيران عام 1978.ومع اقتراب الوقت على الانتهاء، أرسل زيكو Zico ركلةً ركنيةً في الشِباك رغم أن توماس أطلق صافرته للإشارة إلى نهاية المباراة قبل جزء من الثانية فقط قبل أن تعبر الكرة خط النهاية، وليس من المستغرب أن ِتنتهي اللعبة في ارتباك حيث تعرّض توماس للرمي بالعملات المعدنية من المشجعين الغاضبين.بعد حوالي 32 عاماً، ما زال زيكو لا يصدق أنه لم يحرز أي هدف، حيث قال في وقت سابق من هذا العام: «حتى اليوم، لا أفهم ما حدث، لماذا لم ينهي الحكم المباراة قبل الضربة الركنية لأن الركلة الركنية هي لعبة حاسمة للغاية، فلماذا تنتهي اللعبة بعد أن يركل اللاعب الكرة؟ أعتقد أن قرار الحَكَم سيء للغاية».أضاف بقوله: «الأمر ليس مثل كرة السلة حيث لديك الثواني الأخيرة، ولا يزال بإمكان الكرة أن تدخل، ولكن في كرة القدم، كنت بحاجة إلى الوقت الأخير لإنهاء المباراة ولم يسمح الحَكَم بذلك».6- إشارة مرور بشرية (2002)في فوز ألمانيا 2-0 على الكاميرون في ملعب Shizouka في 11 يونيو/ حزيران عام 2002 أصبح الحكم الإسباني أنطونيو لوبيز Antonio Lopez نسخةً بشريةً عن إشارات المرور في تلك الليلة الضبابية. حيث وزع 16 بطاقة (14 صفراء واثنتان حمراء)، وحصل كل فريق على 8 بطاقات، بما في ذلك بطاقة حمراء واحدة.بدوره أفسد لوبيز مجرى المباراة لأن بعض البطاقات الصفراء كانت مجرد أخطاء بسيطة، ولا ينبغي احتسابهم، لحسن الحظ لم يغيّر ذلك من اللعبة، وبشكل لا يصدق لم يشتكِ أي من المدربين من تلك البطاقات، على الأقل ليس علناً.الجدير بالذكر، أنه تم منح الكاميروني مارك فيفيان فوي Marc-Vivien Foe الذي مات بسبب قصور في القلب أثناء لعبه في كأس القارات FIFA في ليون بفرنسا بعد عام، أول بطاقة صفراء في الدقيقة الثامنة.7- حَكَم الفيديو المساعد (2010)في الوقت الذي سبق الحَكَم المساعد بالفيديو دخلت الكرة الشباك فوق الخط بكثير، لكنها لم تحسب، وكان ذلك في مباراة دور الـ16 بين ألمانيا والمكسيك في جنوب أفريقيا في 27 يونيو/ حزيران. ولو كانت محاولة فرانك لامبارد Frank Lampard قد حُكمت بهدف، فمن يدري ماذا ستكون النتيجة؟ حيث حقق الألمان فوزاً بنتيجة 4-1 وانتقلوا إلى الدور ربع النهائي، وعاد الإنجليز إلى وطنهم غاضبين ومحبطين للغاية.في تلك المباراة احتلت ألمانيا المركز الأول في الدقيقة 20 بهدف سجله ميروسلاف كلوزه Miroslav Klose، وضاعف لوكاس بودولسكي Lucas Podolski الفارق في الدقيقة 32، بدورها قلّصت إنجلترا الفارق في الدقيقة 38، وجاءت اللحظة المثيرة للجدل بعد دقيقة واحدة فقط، حين سدد لامبارد تسديدةً من الجانب السفلي من العارضة حيث ارتطمت الكرة بساحة داخل المرمى. لكن الحكم خورخي لاريوندا Jorge Larrionda لم يرها، وحكم على الكرة بأنها لم تعبر خط المرمى، كما فشل مساعده في رؤية الهدف أيضاً.