القلق قد يتحول من استجابة طبيعية إلى حالة إدمانية، رغم أن الفكرة تبدو غريبة للوهلة الأولى. لكن وفقاً للخبير النفسي ديفيد واسكوري من مركز «Sveapsykologerna»، فإن هذا الأمر أكثر شيوعاً مما يُعتقد. ويقول واسكوري: «دماغنا يميل إلى الانزلاق نحو المسارات المألوفة، حتى لو كانت مؤذية. وحين نعتاد على الشعور بالقلق، يُصبح من السهل تحفيز نفس الاستجابة من جديد». العقل يحب التكرار تتمثل علامات القلق غير الصحي في الأفكار الكارثية، الخوف المستمر، صعوبة الاسترخاء، تسارع نبضات القلب، فرط التنفس، الدوار، والتوتر العضلي. ويضيف واسكوري: «عندما يعتاد الشخص على حالة التوتر والقلق، يكفي محفز بسيط لاستعادة نفس المشاعر. العقل يعشق التكرار، حتى وإن كان مزعجاً. والقلق يمكن أن يُشبه مسلسل نتفليكس السيئ: تعلم أنك يجب أن تتوقف، ولكنك تتابع حلقة إضافية». هذه الرؤية تجد صداها أيضاً في كتاب «مدمن على القلق» للمؤلف والمعالج النفسي البريطاني أوين أوكين، والذي يُعد من أكثر الكتب مبيعاً في المملكة المتحدة حالياً. ويُشير المؤلف إلى ازدياد معدلات القلق بين البالغين والمراهقين والأطفال، موضحاً أن أماكن العمل والمدارس وحتى كبار السن باتوا يعانون من مشاعر الخوف والقلق. التوتر العالمي يزيد من سوء الوضع يقول واسكوري إن الاضطرابات العالمية تؤثر بشدة على الصحة النفسية، ويلاحظ أن الكثير من مرضاه يعانون من قلق مزمن بشأن المستقبل، سواء بسبب تهديدات الحرب، تغير المناخ، السياسة الدولية أو عوامل أخرى خارجة عن السيطرة. ويرى أن الدماغ يُفضل بدء القلق قبل حدوث الأمور، اعتقاداً بأن هذا سيساعد في تقليل وقع الصدمة لاحقاً. ويضيف: «القلق يُغذى بالأدرينالين والكورتيزول، وهي نفس المواد الكيميائية المرتبطة بالنشوة، ما يجعله إدمانياً». ويُتابع أوكين في كتابه قائلاً: «غالباً ما نُصغي إلى أفكارنا القلقة بدلاً من تحليلها، ونسمح لها بالنمو داخلنا لأنها تمنحنا شعوراً مألوفاً، حتى لو كان مزعجاً. في المقابل، معالجة السبب الجذري يتطلب جهداً أكبر». لا يمكن التخلص من القلق بالكامل يرى واسكوري أن الهدف ليس القضاء على القلق تماماً، بل التعرف عليه وإدارته. ويوضح: «القلق جزء من نظام الدفاع الطبيعي لدينا، ويمكن تشبيهه بجهاز إنذار الحريق: نحتاجه، لكن لا ينبغي أن يعمل كلما طهونا شيئاً في المطبخ». ويدعو واسكوري من يعاني من القلق إلى محاولة تقييمه من زاوية منطقية: «هل القلق الذي أشعر به حقيقي؟ هل لدي دليل على أن الناس يتجنبونني؟ هل خفقان القلب ناتج عن مرض أم مجرد عرض من أعراض القلق؟». ويختتم بالقول: «القلق حقيقي ومؤلم، لكن التعامل معه بشكل سليم يبدأ من إدراكه وفهمه». أبرز 10 أعراض شائعة للقلق: الخوف والقلق من أمور لم تحدث بعد. صعوبة في الاسترخاء والشعور الدائم بالتوتر. أفكار كارثية ومبالغة في حجم الأحداث. تسارع ضربات القلب. تسارع في الأفكار وعدم القدرة على إيقافها. سرعة في التنفس وقد تصل إلى فرط التنفس. صداع ناتج عن التوتر، يحدث بشكل شبه يومي. التعرّق وجفاف الفم. اضطرابات في النوم، والاستيقاظ المفاجئ. الشعور بالارتباك والقلق وعدم القدرة على الجلوس بهدوء. هل أنت مدمن على القلق؟ هذه العلامات قد تكشف الإجابة: تكره قلقك… ولكنك لا تستطيع التخلي عنه. يخيفك أحياناً… ومع ذلك تستمر في الاستماع إليه. تعلم تماماً ما يغذي قلقك… لكنك تستمر في دعمه. تدرك أنه أحياناً غير منطقي… ومع ذلك تصدقه. تعلم أنك بحاجة لاستعادة السيطرة… ولكنك تستسلم له. المصادر: ديفيد واسكوري، «سفيابسيوكولوغيرنا»، 1177، الطب النفسي في سكونه، كتاب «Addicted to anxiety» للمؤلف أوين أوكين