منوعات

غسان... فارس "ساحر" يروّض الخيول التي يخشاها السويديون

غسان... فارس "ساحر" يروّض الخيول التي يخشاها السويديون
 image

عروة درويش

أخر تحديث

Aa

غسان... فارس "ساحر" يروّض الخيول التي يخشاها السويديون

غسان... فارس "ساحر" يروّض الخيول التي يخشاها السويديون

غسان الحسين مهاجر سوري الأصل، تمكّن بسبب شجاعته الفائقة وخبرته المتراكمة كفارس ومروّض للخيول أن يبني لنفسه سمعة «الساحر» الذي يتفاجأ كثيرون من السويديين بمهارته وشجاعته فيقولون له: «مجنون!». لنتعرّف على غسان الحسين وعلى سبب «سحره» و«جنونه» اللذين دفعا بعدد من الصحف السويدية الشهيرة للتحدث عنه.

يبلغ غسان اليوم من العمر 36 عام. بدأ التدرّب على فروسية الخيل كهواية منذ كان في سنّ 13 عام. وعندما أدّى الخدمة العسكرية الإلزامية، انضمّ إلى فريق الجيش كخيّال ومدرّب مبتدئين. بعد ذلك بقي الموضوع كهواية، ولكنّه بات يمتلك خيله الخاص. ثمّ في 2011 وعندما بدأت أحداث الأزمة السورية، سافر إلى دبي وامتهن العمل في مجال الخيل: العناية بها وفروسيتها. عمل في دبي في اسطبلات الشيخ محمد حاكم دبي، وشارك في الكثير من البطولات والمسابقات.

ثمّ في نهاية 2014 تمّ إغلاق نادي الخيل الذي يعمل فيه، فجاء إلى السويد، وبدأ البحث عن عمل في مجال الخيل.

6 أيام في السويد

بعد 6 أيام من وصول غسان إلى السويد تمكّن من إيجاد عمل في مزرعة لتجارة الخيول في موتالا Motala في لينشوبينغ كخيّال وسائس خيل. لم يكن هذا العمل هو ما حلم به غسان، لكنّه بقي بالنسبة له أفضل من البقاء على المساعدات.

استغربتُ أن يجد شخص عملاً في السويد بعد 6 أيام من وصوله، فسألته عن السر، فأجاب: «ليس لديّ إجابة واضحة فقد بحثتُ في النت عن الوظائف وقدمت عليها جميعها... لديّ الكثير من المعارف السويديين في مجال الخيل ولكن لم يساعدني أحد».

أضاف غسان بأنّ هذا العمل كان من أسوأ الوظائف التي عمل بها في حياته، ولكنّه استفاد منه في التعرّف على الأساليب السويدية في رعاية الخيل والطقس الذي تتحمله والسوق السويدية عموماً.

بعد 3 أشهر تمكن من إيجاد عمل آخر في أوربرو، وكان هو المسؤول بشكل كلي عن المزرعة والخيول التي فيها: تدريبها وتأهيلها وبيعها وإدارة المزرعة، حيث كان يعيش أصحابها في ستوكهولم. بقي هناك 3 أعوام وهو يعمل ويرتاد مدرسة اللغة.

أثناء مشاركة غسان بأوّل فرس يملكها في السويد في مسابقة قفز للحواجز، حصل بالصدفة على عمل آخر لدى حكم السباق الذي أعجبته الفرس وأراد شرائها. يقول غسان: «كنت أبحث عن عمل أفضل، وتعرفت صدفة إلى نيكولاس وهو مدرب وفارس مهم وعضو في الفريق السويدي للفروسية، فعملت لديه في مزرعته».

ولادة "الساحر"

في جسد غسان الكثير من الندوب والكسور من ركب الخيل

أثناء عمله الجديد، والذي كان قد اتفق فيه مع نيكولاس على التشارك في شراء وبيع الخيول، تعرّف غسان على الزوجين إيلين وآرنولد يونسون، مالكي مزرعة كبيرة جداً للخيول وفارسين ومدربين بارزين في السويد.

كان غسان قادماً لشراء فرس من المزرعة، فعرضت عليه إيلين أن يحصل على الخيل دون مال، مقابل مساعدتها في تدريب وترويض وتأهيل عدد من الخيول صعبة المراس «المجنونة» التي يفشل الفرسان في امتطائها وركوبها.

وافق غسان على مساعدة إيلين. يقول: «يستغرق تدريب هذا النوع من الخيول عادة قرابة 6 أشهر، لكنني نجحت في ركوبها وصرت أذهب بها في جولات في الغابة بعد 4 أيام من استلامها». أذهل هذا موظفي المزرعة ومالكيها، وكان ذهول إيلين كبيراً بما يفعله غسان لدرجة أنّها وقفت تراقبه وهو عائد من الغابة ممتطياً فحلاً شديد الصعوبة بالقول: «هل أنت مجنون!».

يقول غسان بأنّ إيلين هي التي بدأت بنشر صيته على نطاق واسع، وذلك عبر كتابتها عمّا يفعله في الفيسبوك والمدونات الخاصة بالخيول والفرسان التي تضمّ أبرز فرسان أوروبا، وكانت تستخدم لوصفه كلمة "ساحر". وهي السبب في أوّل لقاء صحفي له في السويد مع صحيفة هيبسون المتخصصة في الخيول الفروسية.

سألتُ غسان: «كيف تمكنت من تحقيق هذا؟ لماذا أنت مميز لهذا الحد حتّى تنجح في فعل ما عجز عنه معظم المدربين»، فأجاب: «لا يمكنني تحديد السبب، لكن ربّما يعود ذلك إلى أمرين: الطريقة التي تدربتُ عليها، والتي كانت تحوي الكثير من المخاطر، فكنّا نمتطي الخيل بسرج ودون سرج، ولا نهتم إن كان الحصان عنيفاً أو لا. الأمر الآخر هو الشجاعة، فعندما تفكّر: ما أكثر ما يمكن أن يصيبك، أن تقع وتتألم أو حتّى أن تكسر يدك، ليس هذا بالأمر المخيف لي. كما أنّ الخيل قادر على الشعور بخوفك منه، فمن المهم أن تظهر له من هو القائد ومن الذي سينصاع ويسيطر». لدى غسان بالفعل الكثير من الندبات جرّاء تدريب الخيل، أحدها خلع في الكتف.

الساحر يريد التفرّغ للفروسية

غسان الحسين... بات يريد التركيز على حلم الفروسية والمسابقات

حقق غسان نجاحات ليس في ترويض الخيل وتأهيلها فقط، بل أيضاً في أن يؤسس لنفسه سمعة ممتازة في سوق الخيل وبين فرسان قفز الحواجز. بقي غسان يعمل في مزرعة إيلين بكامل طاقته حتّى نهاية 2018، عندما غادرت إيلين وزوجها إلى ألمانيا للعمل في واحدة من أكبر مزارع العالم. كان لدى غسان فرصة السفر معهم، وكذلك استئجار الاسطبل، ولكنّ غسان لم يقبل بكلا الخيارين.

وجد غسان عملاً في مزرعة كبيرة جداً في لينشوبينغ، وكان عمله هذه المرة مقتصراً على الفروسية والمشاركة في المسابقات وتدريب خيله الذي يريد المشاركة فيه. بعد 7 أشهر قضاها غسان في المزرعة الجديدة، شعر بأنّ الوقت حان لإيجاد عمله الخاص.

قضى غسان فترة قصيرة في لملمة نفسه ودراسة الأوضاع، ليقرر في منتصف 2019 الانتقال إلى سكونه. استأجر اسطبلاً ومنزلاً في مزرعة، واشترى بعض الخيول وبدأ بتدريبها والمشاركة فيها في المسابقات.

اليوم لم يعد غسان مستعداً للمخاطرة كثيراً بترويض الخيول للغرباء، ويركّز على الخيول التي يملكها. عندما سألتهُ عن السبب: «ليس السبب هو الخوف من الإصابة، بل من تبعات هذه الإصابة اليوم. أنا أريد أن أكرّس كامل وقتي للمشاركة في المسابقات، سواء في السويد أو في بقيّة أوروبا، وإصابة كبيرة قد تحرمني من المشاركة».

يضع غسان حداً امتلاك 7 خيول، فهو يعمل كلّ شيء بيديه. يبدأ عمله اليومي منذ السادسة صباحاً بإطعام خيوله وتنظيف الاسطبل، ويستمرّ حتّى العاشرة ليلاً عندما يضع وجبة العشاء لها. يقول: «اليوم لديّ خيول جميلة لدرجة أنّ أفضل فارس على مستوى العالم قد تواصل معي ليشتري أحدها، وأريد أن أدربهم وأراقبهم وهم يكبرون لأشارك فيها بجميع أنواع المسابقات».

الخيل هي أجمل ما في الوجود

يحقق غسان اليوم حلمه ولكنّه يطمح بالمزيد

بالنسبة لغسان فالخيل هي أجمل ما في الوجود، وحتّى أيام عطلته يقضيها في المسابقات وفي التنزه على الخيل. 

يدرك غسان أنّ رياضة الخيل هي رياضة مكلفة ويتأسف لذلك، ولكنّه ينصح جميع الأهالي من المهاجرين أن يجدوا طريقة لجعل أبنائهم يتدربون على الخيل، فهي وفقاً له تعلّم المسؤولية والنظام والصبر وأشياء كثيرة لا يمكن حصرها. ويضيف: «مزرعتي مفتوحة بالمجان لجميع المهاجرين الذين يحبون أن يتعرفوا على الخيل وأن يجربوا الأمر، ومساعدتي في الاستشارة مفتوحة للجميع أيضاً».

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - منوعات

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©