تشهد الساحة الرقمية حالياً معركة جديدة على مستوى أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، من شأنها أن تُعيد تشكيل طريقة استخدام التكنولوجيا خلال السنوات المقبلة، وتقود شركة «غوغل» هذا التحول، الذي يُتوقع أن يؤثر على خدماتها، لا سيما منصة Gmail، بشكل غير مسبوق، ما يستدعي من نحو 3 مليارات مستخدم اتخاذ قرارات مهمة بشأن استخدامهم للخدمة. وتتمثل هذه المرحلة الجديدة في دمج أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن مختلف المنصات الرقمية، وهي خطوة تشهد زخماً متزايداً، لا سيما من قِبل شركتي غوغل ومايكروسوفت، في حين تواجه شركات أخرى مثل «أبل» تباطؤاً نسبياً في هذا المجال. بحث ذكي بمساعدة الذكاء الاصطناعي وأكدت غوغل، يوم الخميس، أنها بصدد إطلاق ميزة بحث ذكية جديدة في خدمة Gmail، تعتمد على الذكاء الاصطناعي لعرض نتائج أكثر صلة وبدقة أعلى. وأوضحت الشركة أن الميزة الجديدة تأخذ بعين الاعتبار طريقة تفاعل المستخدم مع الرسائل والمرسلين، بهدف تسهيل الوصول إلى المعلومات داخل صناديق البريد المكتظة. وقالت الشركة: «إذا واجهتَ يوماً صعوبة في العثور على معلومة داخل بريدك الإلكتروني، فأنت لست وحدك». مخاوف الخصوصية ومع ذلك، أثارت الخطوة تساؤلات حول الخصوصية، خاصة في ظل تمكين الذكاء الاصطناعي من الوصول إلى بيانات شخصية مخزنة في البريد الإلكتروني. وأكدت غوغل، في ردها على استفسارات محرر مجلة «فوربس»، أن «أولويتنا هي احترام خصوصية مستخدمينا، مع منحهم حرية الاختيار والتحكم في بياناتهم»، مشيرة إلى أن الأداة تندرج ضمن «الميزات الذكية» التي يمكن للمستخدم تفعيلها أو تعطيلها من خلال إعدادات التخصيص. ورغم عدم وجود ما يدل على استخدام البيانات الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي أو لأغراض تسويقية، إلا أن البيانات تُحلل في إطار عمل هذه الأداة، وهو ما يستدعي من المستخدمين تحديد حدودهم الخاصة في ما يتعلق بالخصوصية. ويُثير هذا الأمر نقاشاً حول الفرق بين تحليل البيانات محلياً على الجهاز، كما تفعل بعض المنصات الأخرى، مقابل تحليلها عبر السحابة، ما يفتح الباب أمام مطالبات بمزيد من خيارات المعالجة المحلية للمستخدمين. إطلاق تدريجي على الحسابات الشخصية تحمل الميزة الجديدة اسم «البحث الأكثر صلة» (Top Results)، ويتم طرحها تدريجياً على حسابات غوغل الشخصية، وهي متاحة عبر الويب وعبر التطبيق الرسمي لـ Gmail على نظامي Android وiOS. ويمكن للمستخدمين التبديل بين نتائج البحث «الأحدث» التقليدية ونتائج «الأكثر صلة» المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وأشارت غوغل إلى أن مستخدمي Gmail في القطاع التجاري سيستفيدون من هذه الميزة في وقت لاحق. وفي الوقت الذي تسعى فيه شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت إلى توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي، تُطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل الخصوصية الرقمية ودور المستخدم في الحفاظ على أمن بياناته وسط هذه التحوّلات.