كشفت دراسة جديدة أن الأغنياء في السويد يعيشون لأكثر من عشر سنوات أطول من الفقراء، في وقت تتسع فيه الفجوة في متوسط العمر المتوقع بين الفئتين بشكل ملحوظ. ووفقاً للدراسة، التي أعدها باحثون من جامعة يونشوبينغ، ومعهد تقييم سياسة سوق العمل والتعليم (IFAU)، وجامعة ستوكهولم، فإن الفجوة في متوسط العمر المتوقع بين الطبقات الاجتماعية قد تضاعفت أكثر من ثلاث مرات منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم. وقالت فاتوما محمد، الباحثة في مجال الصحة العامة في مركز ستوكهولم للطب العابر للثقافات: «الكثيرون لا يدركون حجم هذه المشكلة». ورغم توسّع دولة الرفاه في السويد بين ستينيات القرن الماضي ونهاية الثمانينيات، استمرت الفجوة الصحية في الاتساع. وتُظهر نتائج الدراسة أن الفروق في متوسط العمر المتوقع لا تعود فقط إلى التفاوتات الاقتصادية، بل إلى عوامل نمط الحياة أيضاً. ويقول يوهانس هاغن، الأستاذ المساعد في الاقتصاد بجامعة يونشوبينغ وأحد المشاركين في إعداد الدراسة: «نعتقد أن الدخل يلعب دوراً مهماً، لكن عوامل نمط الحياة كانت سبباً رئيسياً في ارتفاع متوسط عمر الأثرياء». في المقابل، ترى فاتوما محمد أن الضغوط الاقتصادية تحد من قدرة الأفراد ذوي الدخل المنخفض على اتخاذ قرارات صحية. وتشير إلى أن عملها يتركز على توعية الفئات الاجتماعية الضعيفة بتأثير أنماط الحياة المختلفة على الصحة العامة. وتضيف: «الفرد مسؤول، لكن المجتمع أيضاً يتحمل مسؤولية خلق ظروف مناسبة للقيام بخيارات صحية». وتلفت محمد إلى وجود فجوة معرفية بين صناع القرار والفئات الضعيفة. وضربت مثالاً بمحاولة تشجيع النساء في الضواحي على إجراء فحوصات الماموغرافي، حيث تم إرسال تذاكر حافلات لهن، وهو ما انتقدته في تصريح سابق لموقع «Nyhetsbyrån Järva»، موضحة أن أغلب هؤلاء النساء يملكن بطاقات مواصلات شهرية ويذهبن يومياً إلى أعمالهن، لكنهن يمتنعن عن الفحوصات بسبب الخوف من فقدان نوبات العمل المؤقتة، إضافة إلى غياب المعلومات الكافية عن أهمية الكشف المبكر. وتقول: «أعتقد أن على المسؤولين معرفة المشكلات الحقيقية التي يواجهها الناس». وتشير إلى أن الفئات ذات الوضع الاقتصادي الضعيف ترى أحياناً أن النصائح الصحية غير واقعية. وتروي أنها خلال محاضراتها تلقت تعليقات مفادها أن ما تقترحه من أطعمة صحية مكلف للغاية، وأنه من الأفضل أن تقدم لهم حلولاً للحصول على عمل بدلاً من نصائح غذائية. وترى محمد أن الضغوط المالية تتسبب بمشكلات صحية نفسية، واضطرابات في النوم، وتحد من القدرة على اتخاذ خيارات صحية، وتقول: «قد يختار شخص ما شراء الخضراوات بما تبقى من المال بعد دفع الإيجار، لكنه لا يملك سترة أو حذاء جيداً للخروج من المنزل شتاءً، فيبقى جالساً». فجوات صحية تتسع منذ 60 عاماً اعتمدت الدراسة على بيانات السجل السكاني لجميع المقيمين في السويد الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً خلال الفترة من 1962 إلى 2021، ونُشرت في المجلة العلمية المرموقة «Proceedings of the National Academy of Sciences (PNAS)». وتبيّن أن الفجوة في متوسط العمر المتوقع بين الرجال من أصحاب الدخل المنخفض والمرتفع ارتفعت من 3.5 سنوات في ستينيات القرن الماضي إلى نحو 11 سنة في العقد الماضي، في حين ارتفعت الفجوة بين النساء من 3.8 إلى 8.6 سنوات خلال الفترة ذاتها. وشهدت السويد، بين ستينيات القرن الماضي ونهاية الثمانينيات، تقارباً في توزيع الدخل، لكن الفجوة في متوسط العمر استمرت في الازدياد. ويرى الباحثون أن التغيرات في نمط الحياة وكيفية تلقي المجموعات المختلفة للمعلومات الصحية تلعب دوراً أكبر من مجرد الدخل المالي. فعلى سبيل المثال، كان الأثرياء سابقاً يستهلكون التبغ والكحول بكميات أكبر من ذوي الدخل المنخفض، لكن هذا الاتجاه انعكس في السنوات الأخيرة. ومع اتساع فجوة الدخل منذ ثمانينيات القرن الماضي، زادت الفروقات في العمر المتوقع بشكل ملحوظ.