في السويد، تتصاعد المناقشات حول مقترح الحكومة بتفعيل آلية الشهود المجهولين كوسيلة للتصدي للجرائم المرتبطة بالعنف بين العصابات، في محاولة لكسر ثقافة الصمت التي تحيط بالشهود وتثنيهم عن التعاون مع السلطات، والذي من المقرر تطبيقه في يناير 2025. لكن هذا الاقتراح لا يخلو من الجدل، إذ يثير مخاوف جمة حول قضايا الشفافية وحرية المعلومات. لهذا تواصلتُ مع رئيسة اتحاد الصحفيين السويديين أولريكا هيليرت Ulrika Hyllert، والتي تحمل رأياً لاذعاً في هذا المجال، يخيف من جوانبه السلبية. تهديد مبادئ العدالةتؤكّد هيليرت أنّ الاتحاد يعتبر إحجام الأشخاص عن الشهادة تهديداً لسلامة العملية القضائية وزيادة للشعور بعدم الأمان في المجتمع. لكنّها تُبرز في الوقت ذاته الجوانب السلبية للمقترح، موضّحةً أنّ من شأن تطبيق الشهود المجهولين تقييد قدرة الصحفيين والجمهور على الاطلاع على سير الإجراءات القانونية. وتشير إلى أنّ هذا التغيير ينطوي على تضييق على المبادئ الأساسية في الدستور السويدي، مثل حريّة المعلومات وحقّ الوصول إلى المعلومات العامّة.في هذا السياق، ينتقد اتحاد الصحفيين التحقيقات الرسمية التي لم تقدّم تقديراً كافياً لأثر هذا الاقتراح على مبدأ الشفافية، حيث قالت هيليرت: "لا نجد أنّ التحقيق قد أجرى التوازن المناسب الذي يجب أن يتم عندما تُفرض قيود على الشفافية وحرية المعلومات". وتضيف أن الاتحاد يعارض بشدة تجاهل هذا التوازن.الحماية قبل تقييد الدستورتتساءل هيليرت حول مدى قدرة الشرطة حالياً على حماية الشهود، معتبرةً أنّه لا بدّ من معالجة هذه المسألة قبل المساس بالدستور. تؤكّد هيليرت: "يجب أن يتم توفير الحماية اللازمة للشهود وأسرهم، ويجب التحقيق في التهديدات ضدهم حتى يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة". وترى أنه ينبغي التركيز على تعزيز قدرات الشرطة قبل اللجوء إلى فرض أي تقييد دستوري. أولريكا هيليرتالدروس المستفادة من تجارب الدول الأخرىاستناداً إلى تجارب دول مجاورة مثل الدنمارك والنرويج، حيث تم تطبيق نظام الشهود المجهولين بشكل محدود، تلاحظ هيليرت أن مثل هذا القانون قد يفتقر إلى الفعالية في الواقع السويدي. وتقول: "من الغريب أن يتم اقتراح قانون لا يحقق أي فائدة واضحة". يجسد هذا الطرح رؤية مفادها أن القوانين لا ينبغي أن تُسن لمجرد إحداث التغيير، بل يجب أن تُراعى الفائدة العملية لتحقيق الأمان المنشود.تأثير مقترح الشهود المجهولين على الصحافةوأخيراً، تشير هيليرت إلى أنّ الصحفيين سيواجهون تحديات إضافية في حال تم اعتماد الشهود المجهولين، حيث سيتطلب عملهم الاعتماد بشكل أكبر على المصادر الخاصة. تثير هذه النقطة تساؤلات حول مدى صعوبة الوصول إلى الحقائق في ظل تعقيد الوصول إلى المعلومات المباشرة.تلقي هذه الرؤية الضوء على مخاوف واقعية حول تقييد المعلومات العامة في قضايا تتعلق بسلامة المجتمع، وتثير النقاش حول ضرورة الحفاظ على التوازن بين حماية الشهود وضمان الشفافية في السويد، خاصةً مع تأثيرات محتملة على العمل الصحفي ومصداقية النظام القضائي.الحديث الحكومي:تقول الحكومة السويدية بأنّها تعمل على قانون جديد يسمح للشهود بالإدلاء بشهاداتهم بشكل مجهول، كوسيلة لمواجهة تصاعد العنف المرتبط بالعصابات، خاصة مع استمرار الجرائم مثل إطلاق النار والتفجيرات. المشروع، الذي من المتوقع أن يصبح ساريًا في يناير 2025، يهدف إلى "كسر ثقافة الصمت" لدى الشهود الذين يترددون في الشهادة خوفاً من الانتقام. رغم ذلك، يثير القانون المقترح مخاوف كبيرة حول الشفافية وحماية حقوق المتهمين، مع انتقادات بعدم تحقيق توازن كافٍ بين الأمان وحرية المعلومات المتاحة للعامة.