دليل أكتر

كلّ ما تريد معرفته عن الحد الأدنى للأجور الأوروبي

Aa

كلّ ما تريد معرفته عن الحد الأدنى للأجور الأوروبي

كلّ ما تريد معرفته عن الحد الأدنى للأجور الأوروبي

منصّة «أكتر» السويد

يدور الكثير من الجدل حول مقترح الحد الأدنى القانوني للأجور الأوروبي، ورفضه من قبل الحكومة السويديّة ثمّ الموافقة عليه. سنحاول في هذا المقال الإجابة على الأسئلة التالية:

  1. ما هو نموذج الأجور السويدي الذين يريدون الدفاع عنه؟
  2. لماذا يريد الاتحاد الأوروبي من السويد تطبيق الحد الأدنى للأجور؟
  3. لماذا رفضت السويد إمكانية تطبيق القانون ثم غيّرت رأيها؟
  4. أيّ النموذجين أفضل للعمّال والموظفين؟

ما هو نموذج الأجور السويدي الذين يريدون الدفاع عنه؟

يعتبر الذين يعارضون تطبيق الحد الأدنى القانوني للأجور الأوروبي بأنّ مجتمع الرفاه السويدي جاء نتيجة تطور مجتمعي مميز خاص بالسويد (والشمال الأوروبي عموماً)، شاركت النقابات في تشكيله والحفاظ عليه وتطويره. 

يقول هؤلاء بأنّ نظام التفاوض الجماعي الذي يتم فيه تحديد الأجور وفقاً للاتفاق بين النقابات وأرباب العمل يوفق بين التنمية والمساواة، وذلك عبر سياسة الضرائب والأجور العادلة. حيث يقوم على (سوق عمل منظم) تقوم فيه النقابات وأرباب العمل بالتفاوض بشكل مشترك، وتوقيع اتفاقات جماعية، وحل المشكلات في مجالات العمل المختلفة.

بدأ هذا النموذج في التشكل في السويد منذ القرن التاسع عشر، حيث تنظم العمال في نقابات للدفاع عن مصالحهم، وأصحاب الأعمال في اتحادات تدافع عن مصالحهم. ووفقاً لاتحاد النقابات العمالية، فقد نجح النموذج في تحسين ظروف العمل والأجور، ومراعاة وضع كلّ مجال عمل بما يناسبه.

 مجتمع الرفاه السويدي جاء نتيجة تطور مجتمعي مميز خاص بالسويد

يرى هؤلاء بأنّ مهمة الدولة والسياسيين – في نظامٍ يتفق فيه الشركاء الاجتماعيون بشكل مستقل – أن تضمن تطبيق هذه الاتفاقات وتحقيقها وتعزيز المؤسسات التي تراقبها، وضمان الحقوق الأساسية والرفاه للعامة. كما يدافع أصحاب هذه النظرة عن ديناميكية هذا النموذج وقابليته للتكيّف، وأنّه قائم ليس على مصالح العمال فقط، بل على التوافق مع مصالح أرباب العمل.

يؤكدون على أنّ وضع حدّ أدنى قانوني للأجور لن يحلّ مشكلة موائمة الأجور للتضخم، بينما التفاوض الجماعي يأخذ عادة بالحسبان التضخم فيضع ما يسمّى "العلامة märket" في الاتفاقات، والتي تقتضي رفع الأجور بشكل سنوي بنسبة مئوية ثابتة تحمي العمّال من آثار التضخم.

كما يقول المؤيدون للنموذج السويدي بأنّه يحوي على مؤسسات حكومية كافية للوساطة ودراسة الأجور، وتقليل النزاعات في سوق العمل، والمساهمة في زيادة العمالة ...الخ، متجسداً بـ (معهد الوساطة Medlingsinstitutet).

لماذا يريد الاتحاد الأوروبي من السويد تطبيق الحد الأدنى للأجور؟

ينص مقترح الاتحاد الأوروبي للحد الأدنى من الأجور، الذي حصل على موافقة 37 عضواً مقابل رفض 10 أعضاء وامتناع 7 عن التصويت في لجنة الشؤون الاجتماعية والتوظيف البرلمانية الأوروبية، ثمّ حصل على أغلبية 443 صوت مقابل 192 صوت وامتناع 58 عن التصويت في الاجتماع البرلماني الأوروبي العام، بشكل أساسي على: 

  • يجب أن يضمن مستوى معيشي لائق.
  • يجب تعزيز وتوسيع المفاوضات الجماعية في البلدان التي تُغطى فيها نسبة أقل من 80% من العمال.
  • يجب احترام سلطات الدول وسلطات الشركاء الاجتماعيين في تحديد الأجور احتراماً كاملا.

يقول المؤيدون لمقترح الاتحاد الأوروبي بأنّه يعزز – عبر اعتماد تدابير أكثر واقعية وبعيدة المدى – المفاوضات الجماعية، ويؤكد التقرير أنّ المفاوضات الجماعية والاتفاقات الناجمة عنها هي الطريقة الأفضل للحد من الفقر وضمان ظروف عمل جيدة.

يهدف المقترح للتركيز على الأهداف الاجتماعية الأوسع للمساهمة في المساواة الاجتماعية، وتخفيف عدم المساواة في الأجور، ومكافحة الفقر أثناء العمل، وتحقيق المعايير واتباع المؤشرات المعترف بها دولياً.

يرى مؤيدو الاقتراح أنّه ليس جامداً ويحتاج تعاون سلطات الدول الأعضاء للأخذ بالاعتبار عند وضع الحدّ الأدنى للأجور: تكاليف المعيشة على أساس سلة السلع والخدمات، بحيث يكون التحديد واقعياً بما يتماشى مع القيمة القادرة حقيقة على تأمين المعيشة الكريمة.

لكن لا شيء في الاقتراح قد يؤدي إلى إلزام السويد باعتماد الحد الأدنى للأجور القانوني. وفي 15 ديسمبر/كانون الأول كانت وزيرة العمل السويدية إيفا نوردمارك في فرنسا لتعمل على عدم تعارض المقترح الأوروبي مع النموذج المعمول به في السويد.

وقد أعلنت الحكومة بأنّها عملت جاهدة لتحسين نصّ المقترح في مجلس وزراء أوروبا بحيث يكون متناسباً مع نموذج الأجور السويدي. حيث تضمنت الورقة التوفيقة التي قدمتها الرئاسة السلوفينية اقتراحات أقلّ غموضاً وأقلّ إلزاماً تخفف من اعتراضات الدول مثل السويد.

لكن حذرت نوردماك ووفدها الذي يحوي ممثلاً عن اتحاد نقابات العمال LO وممثلاً عن اتحاد الشركات والأعمال السويدية، من أنّ الأمر يجب أن يكون دقيقاً كي لا يتحول في الاتجاه الخاطئ نحو الجنون، خاصة وأنّ المفاوض عن الاتحاد الأوروبي وزير العمل الفرنسي يريد إنهاء التفاوض وإصدار القانون قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

وزيرة العمل السويدية إيفا نوردمارك في فرنسا

لماذا رفضت السويد إمكانية تطبيق القانون ثم غيّرت رأيها؟

التبرير الحكومي لرفض تطبيق الحدّ الأدنى للأجور هو الخوف من التأثير على نموذج التفاوض الجماعي، الأمر الذي يترك تبعات على هيكلية سوق العمالة السويدية. أمّا تغيير الموقف وإعلان القبول المبدئي للاقتراح الأوروبي، فيعود بحسب ما بررته الحكومة، إلى أنّه بالإمكان التوصل لاتفاق مع مجلس الوزراء الأوروبي يضمن عدم كسر النموذج السويدي، وتحقيق الغايات من المقترح.

يقول المؤيدون للنموذج السويدي بأنّه الوحيد القادر على الحفاظ على نظام دولة الرفاه، مع الحفاظ على التعافي الاقتصادي والنمو. 

عبّر كثيرون عن استيائهم من محاولة فرض الأمر على السويد، مثالهم Torbjörn Johansson  سكرتير التعاقدات في اتحاد نقابات العمال LO، الذي قال بأنّه بالرغم من عدم وجود قرار رسمي في الاتحاد بعد بالانسحاب من اتحاد النقابات العمالية الأوروبي، فالاتحاد السويدي سيتوقف عن دفع مستحقاته والاشتراك في الاجتماعات إلى أجل غير مسمّى.

orbjörn Johansson  سكرتير التعاقدات في اتحاد نقابات العمال

يرى معارضو الاقتراح الأوروبي بأنّ من شأن حدّ أدنى قانوني للأجور أن يضعف العمّال من خلال سحب قرار التفاوض الجماعي من نقاباتهم، ووضعها في يد السياسيين عبر تحديدها قانونياً. (يوجد اليوم حوالي 680 اتفاقية جماعية في السويد).

لكن يرى البعض بأنّها قد تؤثر بشكل سلبي على أصحاب العمل أكثر من تأثيرها على العمّال. كمثال: يضمن الدستور السويدي حق العمّال باتخاذ إجراء صناعي (مثل الإضراب أو الإغلاق)، لكن يصبح هذا الإجراء محظور على العمّال في حال وجود اتفاقية جماعية مع أرباب العمل. سواء أكان بسبب (التعاطف) مع قضيّة عمّال آخرين، أو كان الهدف قضيّة العمّال أنفسهم. وحتى عند الاتفاق على القيام بإجراء صناعي يجب إخطار صاحب العمل قبل فترة، والسماح له باتخاذ إجراءات مانعة توفيقية أو مضادة.

أيّ النموذجين أفضل؟

عارض حزب اليسار السويدي – وهو المعروف بتبنيه مواقف مؤيدة للعمّال – تطبيق اقتراح الحدّ الأدنى للأجور الأوروبي، حيث يرى بأنّ النموذج السويدي أكثر حماية للعمّال. كما صرّح الحزب بأنّ بعض الجهات السياسية السويدية تهاجم كلا الحدّ الأدنى الأوروبي للأجور، وتحاول ضرب النموذج السويدي للمفاوضة الجماعية، بحيث يحرمون العمّال من الحماية.

حذّروا من أنّ وسائل التفاوض والضغط العمالية التي تتضمن إجراءات صناعية (إضراب أو إغلاق) قد تكون مهددة في ظلّ قانون أوروبي أكثر من كونها مهددة بالاتفاق الجماعي. يضربون مثالاً قضيّة لافال التي حكمت فيها محكمة العدل الأوروبية في 2008، وملخصها:

قامت شركة لافال اللاتفية بالحصول على عقد تجديد مدرسة بالقرب من ستوكهولم، فاستقدمت عمّالاً من لاتفيا عبر شركة فرعية لها. حاولت الشركة التوصّل لاتفاق مع نقابة عمّال البناء السويدية  Svenska Byggnadsarbetareförbunde، لكنّها فشلت، فقامت على إثر ذلك بالتفاوض مع نقابة عمّال البناء اللاتفيّة وتوصلت معها لاتفاق أقلّ حماية للعمّال من الاتفاقات الجماعية السويدية. 

نقابة عمّال البناء السويدية  Svenska Byggnadsarbetareförbunde

قامت النقابة السويدية على إثر ذلك – مدعومة من بقيّة النقابات السويدية – باتخاذ إجراءات صناعية بهدف إغلاق جميع مواقع شركة لافال في السويد.

نظرت محكمة العدل الأوروبية في المسألة على أساس حرية الشركات في تقديم الخدمات والعمالة بشكل عابر للحدود بين الدول الأوروبية. وقد قضت من حيث النتيجة بحكمها (والذي انطبق على قضايا مشابهة) بعدم أحقيّة المنظمات ضمن السويد بمعارضة الاتفاقات الأوروبية طالما أنّ الشركة تدفع الحدّ المعدّل المحدد باتفاقية جماعية أوروبية.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - دليل أكتر

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©