"أكتر" السويد بالعربي... رغم أنّ السينما الهوليودية تحبّ أن تُظهر لنا بأنّ العلاقة الوثيقة بين الكلاب والبشر قد بدأت صدفة عندما تلاقى أحد البشر بأحد الذئاب في ظرفٍ صعب ساعدا فيه بعضهما البعض، فالحقيقة قد تكون بعيدة عن هذا السيناريو. وحتّى هذه الحقيقة، قد تكون متشعبة ومعقدة لدرجة أنّها قد تصلح لتكون حقائق محتملة، وفرضيات بأدلّة قائمة.يقول إنغفار سفانبيري، الباحث في علم الأعراق من جامعة أوبسالا: تتصدّر الأخبار كلّ مرة يأتي فيها فريق بحثي بنظرية جديدة حول مكان ووقت تدجين الكلب، ويقدمون أدلّة جماجم وجدت في بلجيكا أو أوكرانيا.جينات زائدةمن الدراسات الهامة في هذا المجال، تلك التي نُشرت من جامعة أوبسالا في ٢٠١٣، والتي تناولت الفرق الجيني بين الكلاب والذئاب. بيّنت الدراسة بأنّ نسخة من جين معين موجودة لدى الكلاب المدجنة بسبعة أضعاف وجودها لدى الكلاب والذئاب البريّة.يدعى هذا الجين «الأماليز أو جين النشاء»، وهو الذي يسمح للنظام الغذائي بتفكيك الأغذية مثل الخبز والبطاطا. يعتقد الباحثون بأنّ الذئاب الذين كان لديهم هذا الجين هم أوّل من تمكّن من العيش مع المزارعين الأوائل قبل ١٠ آلاف عام.هناك أيضاً نظريات تتعقّب العلاقة بين الإنسان والكلب إلى زمن أبعد. كمثال، تمّ العثور على جمجمة لكلب من مرحلة ما قبل التاريخ في كهف في بلجيكا، يعود عمرها إلى ٣٦ ألف عام. كما أنّ هناك اكتشافات أخرى من مراحل مبكرة من سيبيريا والشرق الأوسط والصين.FotoJohan Nilsson/TTفرضيات ثقافيةيرى بعض الباحثين بأنّ تتبع العلاقة بين البشر والذئاب يمكن عبر تتبع المرحلة التي كان فيها الصيادون يجلبون معهم جراء ذئاب لأطفالهم. يعتقد البعض الآخر أنّ الذئاب هي التي سعت للحصول على سكن بشري، لأنّها يمكن لها أن تجد بقايا لذيذة في أكوام القمامة في مخيماتهم، وبأنّ البشر تحملوا وجودهم لأنّ عويلهم بمثابة نظام إنذار مبكر لاقتراب الغرباء.يرى الباحثون بأنّ الذئاب التي أصبحت جزءاً من القطيع المتصل بالبشر، هم أكثر نجاحاً من التي لم تتصل بالبشر. فالذئاب البرية معرضة للصيد الدائم، بينما رئيسات الكلاب باتت جزءاً من الحياة البشرية.يعدّ الكلب المدجّن ذي أهمية خاصة لأنّ تعامل البشر معه يختلف عن تعاملهم مع بقيّة الحيوانات المدجنة مثل الأبقار والخنازير. فالكلب يعيش حياة استغلال متبادل مع البشر، بينما تلك الحيوانات يتمّ استغلالها من جانب واحد.FotoAnnika Byrdeالكلاب الأولىفي محاولة الباحثين الوصول إلى الكلب الأول، حاولوا استحضار كيفية تشكيل وتغيير البشر للكلاب عبر تهجينهم. يمكن اعتبار رئيسات الكلاب من العصر الحجري السلف المشترك للكثير من الكلاب الحية.فمن الكلاب ذات العضلات، مروراً بالكلاب اللطيفة الصغيرة، وصولاً إلى الكلاب المصممة للصيد، يبدو أنّ رغبة البشر في إنتاج رفاق صيد ورعي وحياة جيدين كانت قائمة، ولكن قبل كلّ شيء يتعلّق الأمر بطحن الميزات البريّة والوصول لحيوانات أليفة ولطيفة.يقول إنغفار سفانبيري: سعى البشر جاهدين لجعل الجراء تبقى جراء، لهذا يمكننا تتبع كيفية تغيير شكلهم، حتّى الوصول إلى حيوان الكلب وهجر الذئب المهجّن.رغم عدم قدرتنا على تحديد وقت بعينه لبداية وجود الكلاب، فمن الأدلّة التي تستحق ذكرها قبر عمره ٤٥٠٠ عام في أوسترغوتلاند، حيث تمّ وضع طفل حديث الولادة بين ذراعي كلب مكسور.لكنّ الدليل الأقدم هو قبر امرأة في عين محلة في فلسطين، والذي يعود إلى ١٢ ألف عام. كان يوجد في القبر بقايا امرأة تضع يديها على كلبها، الأمر الذي عنى بأنّ تلك المرحلة كان الكلب فيها يتمتّع بكرامة تشبه التي يتمّ معاملة البشر بها، ما يدلّ على أنّه قد مضى عليه وقت طويل وهو يعيش بجوار البشر.