تتجاوز خبرة الأستاذ بسام أحمد كمعلم لغة سويدية للأجانب، نطاق غرفة الصف، فمعارفه بعد 35 سنة من الحياة في السويد تمتد لتشمل مناحي الحياة الاجتماعية وتفاعل المهاجرين والأجانب مع المجتمع السويدي إلى جانب الملاحظات التي كونها كمربي أجيال تفاعل مع الكثير من الشباب والمراهقين على مر السنوات.السويد فرضت تغيّراً في مساري المهنيبسام أحمد فلسطيني من لبنان مقيم في السويد في مدينة لاندسكرونا منذ 35 عاماً، وهو منذ سنوات يدرّس اللغة السويدية كلغة ثانية في الثانوية. وقبل ذلك عمل لمدة 11 عاماً في التعليم للفئة المتوسطة، وسيبدأ قريباً في تدريس اللغة السويدية ضمن جامعة مالمو.وصل السيد بسام إلى السويد وكان قد درس اختصاص محاسبة شركات في لبنان ومختبر أسنان في بلغاريا، لكن مساره المهني اختلف تماماً بمجرد وصوله إلى السويد حيث عمل في دائرة الهجرة وفي الترجمة. وهو منذ 2014 يملك وظيفة كمدرس درجة أولى في المدارس السويدية. أن تكون معلماً وتبقى طالباًيعيش الأستاذ بسام بالتناوب دورين؛ دور المعلم للغة السويدية ودور الطالب، فهو مازال حتى هذه اللحظة مُهتماً بالتعلم والحصول على خبرات إضافية. حيث نال درجة الماجستير في التربية والتعليم، وبعد ذلك في 2017 التحق بجامعة مالمو لدراسة الإدارة. وعند سؤاله عن دوافع اهتمامه بدراسة الإدارة، أجاب بأنه كان مهتماً بمعرفة كيفية إدارة الأمور في المدرسة، لكن كان لدراسته تأثيرات سلبية، لأنه صار قادراً على تمييز الأخطاء في الإدارة في المدرسة دون أن يمتلك السلطة لتصحيحها. إلى جانب عمله كمدرس، يهتم السيد بسام بالقراءة والمشي وهو أيضاً عضو فاعل في جمعية 194 التي تهتم بأوضاع الجالية الفلسطينية في السويد. الأستاذ بسام أحمدكيف تغيّرت السويد أثناء عملي كمدرس؟وفيما يتعلق بازدياد نسبة العنصرية على مر السنوات التي عاشها في السويد، يقتنع الأستاذ بسام أن مستويات العنصرية تنخفض حينما يكون الأجانب قادرين على الدراسة والعمل والاندماج في المجتمع السويدي دون أن يشكلوا مجتمعات ضيقة مغلقة داخل المجتمع الأكبر. من الاختلافات التي لمسها خلال عمله أن تعليم السويدية للأجانب كانت مادة مهمشة سابقاً، لكنها باتت اليوم مادة مهمة، كما أن عدد مدرسيها ازداد وبدأت تحظى باهتمام أكبر من قبل وزارة التربية. ومن الجوانب الطريفة التي لاحظها الأستاذ بسام أثناء تدريسه لهذه المادة في مدينة لاندسكرونا أنه وبخلاف المتوقع كان أحياناً عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون السويدية كلغة ثانية يفوق عدد الطلاب السويديين أنفسهم.من جانب آخر يقول الأستاذ بسام أن وجود منصات ناطقة باللغة العربية ك"أكتر" وغيرها من المنصات الناطقة بالعربية والتي تهتم بنقل ما يجري في السويد للجالية العربية أمر افتقده المهاجرون العرب الذين جاؤوا قبل سنوات إلى السويد. أخطاء تربوية: الابن يلبس بدلة أبيه أثناء عمله كمدرّس، شكل السيد بسام آراء عن التغيّرات التي طرأت ضمن السويد مع موجات الهجرة المتتالية. وإحدى تلك الملاحظات أن الولد ضمن الأسرة العربية بات اليوم "يرتدي بدلة أبيه" كما يحب السيد بسام أن يصف الأمر، ويقصد بذلك أن الأبناء بسبب مقدرتهم على تعلم السويدية بصورة أفضل يبدؤون بلعب أدوار أكبر من عمرهم. وعن هذا يقول الأستاذ بسام: "من غير المنطقي أن يقول الأب لابنه اقرأ لي هذه الرسالة، أو أن يجعله يتخلّف عن المدرسة كي يذهب معه ليتولى الترجمة إذا ما أراد الأب مثلاً إجراء معاملات". يلاحظ الأستاذ بسام أيضاً أن الأطفال العرب اليوم في مرحلة بناء الشخصية يواجهون نوعاً من تصادم الثقافات بين الثقافة التي يعيشونها داخل وخارج المنزل.تراجع القراءة يعيق تعلم السويديةرغم أن الأستاذ بسام يشعر بأن طلاب اليوم مدركين لأهمية تعلم السويدية، لكنه يواجه مع طلابه مشكلة أخرى تتعلق بكون الجيل الجديد "لا يقرأ"، فالقراءة والمطالعة كما يقول أمرٌ أساسيٌ لتطوير اللغة وتعلمها. من جانب آخر هناك عامل معيق لتعلم اللغة يتركز بقناعة الكثير من الأهالي بأنهم سيعودون إلى بلدانهم الأم، وهذا الشعور بعدم الاستقرار في السويد ينتقل إلى الأبناء الذين يشعرون بانعدام جدوى تعلم لغة بلد سيتركونه مستقبلاً.وفي المحصلة تؤكد تجربة الأستاذ بسام الطويلة كمدرس أن مهنة التدريس تتجاوز مهمة نقل المعارف حول موضوع معين، فالأستاذ الحقيقي هو الذي يمتلك ملاحظات حول أساليب التربية وهو الذي يلم بالإدارة ومهارات القيادة، وفوق ذلك هو الذي يفهم المجتمع الذي يتحرك ضمنه ويفهم المشكلات التي يواجهها طلابه في المنزل قبل دخولهم غرفة الصف.