سياسة

لا تتأملوا كثيراً بالحكومة القادمة فالوضع "مبهدل"

Aa

الحكومة

الكاتب عروة درويش: اليوم السويد على أعتاب تغيّر في السلطة لصالح كتلة "اليمين" التي فازت بفارق ضئيل في الانتخابات. لكن في الحقيقة، وبغض النظر عن الشخص الذي سيرأس الحكومة، أو الأحزاب التي ستشارك فيها، فالحكومة القادمة ستكون حكومة "مبهدلة" لديها سويد مليئة بالأزمات.

تغرق السويد اليوم في الأزمات الاقتصادية التي فاقمتها الحرب في أوكرانيا وربّما الإدارة السيئة للأزمة لها حصتها من زيادة حدّة الأزمة على كلّ من يعيش في السويد. يأتي على رأس المشاكل رفع أسعار الطاقة التي تغذي التضخم وتؤذي مستويات المعيشة وتزعزع استقرار قيمة المساكن.

في ردّ على هذه الأزمات يقوم البنك المركزي السويدي برفع أسعار الفائدة مثل بقيّة البنوك المركزية الغربية، ولكن كما قال لي كبير الاقتصاديين في مجموعة نورديا، هيلغ بيدرشن، فهذا قد يكون خليطاً ساماً يرفع تكاليف المعيشة باستمرار وكذلك أسعار سوق العقارات.

أسعار الكهرباء والحكومة

في السويد، وفي الجنوب تحديداً، تعاني الأسر من ارتفاع تكاليف الكهرباء. المفارقة أنّ هذا الارتفاع مستمر بالرغم من تدفق الطاقة إلى البلدان المجاورة من شمال السويد، فالسويد كانت أكبر مصدّر للكهرباء في المنطقة في النصف الأول من عام 2022.

لهذا ربّما كانت مسألة المفاعلات النووية والطاقة مسألة حاسمة في فوز كتلة الأحزاب اليمينية.

العمل والبطالة والهجرة والحكومة

إنّ تحديات سوق العمل في السويد كبيرة لدرجة أنّ السلطات الدولية مثل البنك الدولي ناشدت البلاد للتركيز عليها. ووفقاً لسيلفا باهار بازيكي، الاقتصادي السويدي الخبير في أمور العمالة والهجرة، فإيقاف الهجرة وتشديد شروطها، والذي من المتوقع أن تزيد في الفترات القادمة، سيضغط على ما بقي من عمال متاحين في السويد، ويكون له تأثير سلبي على نمو العمالة في المستقبل، خاصة مع استمرار تدني الشروط اللازمة لها.

القلق المالي والحكومة

مثل بقيّة بلدان الشمال الأوروبي، كان وضع السويد أفضل من غيرها خلال الوباء بالمعنى المالي، وسبب ذلك أنّها تعتمد بشكل كبير على التصدير، وعلى شبكة الأمان الاجتماعي التي لا تزال قادرة على العمل بشكل أو بآخر رغم كونها منخورة.

لكنّ ضغوط تكاليف المعيشة، والركود الذي تلوح معالمه في الأفق العام المقبل، سيجبر أيّ حكومة على مواجهة الخط الفاصل بين غضب الشعب الذي تفرغ جيوبه، والتضخم المتسارع. سيكون هناك فجوة كبيرة بين مصالح أصحاب الأموال وبين الناس التي ستفتقدها في جيوبها.

لكن في الختام يبقى هناك خبر جيد هنا: أنّ الدين العام السويدي أقلّ من 35٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أنّ هناك مجالاً أمام الحكومة القادمة لتعزيز الإنفاق والتخفيف من مشاكل ارتفاع تكاليف المعيشة على المواطنين... لكن هل يا ترى حكومة يمينية ستقوم بمثل هذا الإنفاق أمّ أنّها ستفضّل الإنفاق لإنقاذ أصحاب الاستثمارات في المدارس والمستشفيات والشركات العقارية مثلما حدث عام 2008؟

*عروة درويش: كاتب ومترجم، خريج كلية الحقوق جامعة دمشق، ماجستير قانون دولي عام الجامعة الإسلامية في بيروت، ماجستير قانون دولي إنساني الجامعة الافتراضية السورية. عمل مع عدد من الصحف والمجلات ودور النشر في أوروبا والعالم العربي، وهو كاتب معتاد لدى منصّة “أكتر”.


تنويه: المواد المنشورة في هذا القسم تنشرها هيئة تحرير منصة “أكتر” الإخبارية كما وردت إليها، دون تدخل منها - سوى بعض التصليحات اللغوية الضرورية- وهي لا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة أو سياستها التحريرية، ومسؤولية ما ورد فيها تعود على كاتبها.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - سياسة

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©