مقالات الرأي

لماذا صوت الشعب غائب في قرار انضمام السويد للناتو؟

Aa

لماذا صوت الشعب غائب في قرار انضمام السويد للناتو؟

عروة درويش لخاص "أكتر"... يبدو أنّ معظم الأحزاب السياسية البرلمانية في السويد متفقة على مسألة الانضمام للناتو، أو هذا ما أوحي لنا به بسبب مواقفهم. ثمّ يأتي حزب اليسار ويفجّر قنبلة سياسية بالقول: «نوافق شرط عرضه على الاستفتاء»، لنرى التخبّط ورفض الأمر. يدفعنا هذا لنسأل السياسيين: لماذا تخشون صوت الشعب وتريدون تجنبه؟

مظاهرة ضدّ الانضمام للناتو في مالمو
Johan Nilsson - TT

ستّة استفتاءات عامّة

باتت إمكانية إجراء استفتاء عام متاحة في السويد منذ عام ١٩٢٢، وكان الاستفتاء الأول هو للتصويت على منع المشروبات الكحولية. تمّ بعدها إجراء استفتاءات لأمور أقلّ أهميّة من وضع تاريخ الحياد السويدي «الذي أثرى السويديين بالمناسبة» على المحك.

في ١٩٥٥ كمثال، تمّ إجراء استفتاء لتقرير نقل خطّ السير المروري من اليسار إلى اليمين. هل يعقل أن نقل خطّ السير أكثر أهميّة من وضع بلد محايد لطالما استفاد من حياده، رهينة لتحالف عسكري في عالم شديد التوتر ونظام عالمي جديد على وشك التشكّل؟!

لنا في الاتحاد الأوروبي أسوة حسنة

عند انضمام السويد إلى الاتحاد الأوروبي في ١٩٩٤، والموافقة على اليورو كعملة للسويد في ٢٠٠٣، تمّ اللجوء إلى الاستفتاء العام. كان ذلك خياراً صائباً، فبغضّ النظر عن مدى التجييش لصالح واحد من خيارات الاستفتاء، تبقى هذه الطريقة هي الأكثر منطقية وديمقراطية لاتخاذ مثل هكذا قرارات.

كيف يمكن السماح لبرلمان خرج بظروف محددة أن يقرر وحده مسألة متغيّرة وشديدة الأهمية، وحاسمة، مثل انضمام السويد إلى الناتو؟!

Jonas Ekströmer-TT

حزب اليسار وحيداً

يبدو اليوم حزب اليسار وحيداً في البرلمان في رفضه الانضمام للناتو، وكذلك – وهو الأهم – المطالبة بإجراء استفتاء. سمعنا تعليق أولف كريسترسون، زعيم المحافظين، الذي رفض الاستفتاء تماماً وقال بأنّ الأمر سيتقرر في البرلمان.

وفقاً للقانون، يمكن اللجوء للاستفتاء إذا ما تقدّم ٣٥ عضو برلماني على الأقل باقتراح ذلك، ثمّ وافق ثُلت أعضاء البرلمان (١١٧) على ذلك. وفي حال تمّت الموافقة على الاستفتاء، سيُجرى في وقت الانتخابات التالية.

أي أننا في الحقيقة يمكن أن نحصل على الاستفتاء ونتائجه خلال بضعة أشهر، وهي ليست بالمدّة الطويلة مقارنة بما هو على المحك.

سخف سياسي

أشهد بأنني خلال متابعتي السياسية لم أشهد مثل هذا السخف السياسي إلّا في بلدان العالم التي لا تزال أنظمتها السياسية غير ناضجة، وفي الولايات المتحدة. فعمليّة الدفع والحشد تجاه انضمام السويد السريع للناتو هزلية وإعلامية، وربط انضمام السويد بفنلندا بذريعة أنّ التنسيق الدفاعي بعيد المدى بين البلدين، هو ما يمكن أن أصفه بحق «بالمهزلة».

لستُ متفاجئاً من تحوّل الحزب الاشتراكي الديمقراطي ودفعه تجاه الناتو، فهذا الحزب قد خان العمّال والفقراء والناس العاديين منذ زمن طويل، وبات ينطق باسم النخب الاقتصادية لدرجة تؤهله بعد فترة لينافس حزب المحافظين على ذلك.

Anders Wiklund-TT

يبقى هناك أملٌ واحد – رغم كونه أملاً ضئيلاً – كي يتخذ الشعب السويدي القرار بطريقة أكثر ديمقراطية: أن يتعاون حزب اليسار مع نواب من حزب البيئة في تأمين ٣٥ نائب ليقدموا الاقتراح (رغم عدم رضا حزب البيئة عن استفتاء بنعم أو لا) وهو أمر يمكن حدوثه وليس إعجازي. وأن ينشقّ عدد من نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن الخطّ السياسي لقادة حزبهم ويصوتوا إلى جانب الاستفتاء.

بمجرّد تفكيري بأنّ مرونة السويد في اختيار أفضل الحلول والاصطفافات في مواجهة الأزمات ستختفي عند الانضمام للناتو، أشعر بالضيق، ولكن هذه ضريبة نظام سياسي يمكن فيه للسياسيين التلاعب بما يريده الشعب، وتجاهله متى شاؤوا.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©