لماذا يأخذ السويديون عطلات صيف طويلة؟

عطلة الصيف في السويد قد تمتد حتى 5 أسابيع!

إنّ الصيف في السويد عبارة عن أماكن عمل خالية لعدة أسابيع، وردود بريدية من قبل الموظفين تفيد بعدم وجود أحدٍ بمكاتب العمل... فهل تساءلت يوماً كيف أصبح هذا الأمر تقليداً في المجتمع السويدي؟

البدايات

تعود جذور عطلة الصيف الطويلة إلى القرن التاسع عشر، حينما مضى السويديون بفترة نمو صناعة متسارعة، حيث كان هناك استثمارات ضخمة بالبنى التحتية، وتحديداً سكك الحديد، وجرى إنشاء العديد من شركات الهندسة بما فيها إريكيسون وSKF، وكانت وفرة الموارد كالنحاس والحديد الخام تعني أن تكرير وتصدير هذه المعادن يمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد.

و بالفترة نفسها من تحوّل السويد من بلد زراعي وفقير إلى بلد أكثر تحضراً وثراء، بدأ العمال ينظّمون أنفسهم، وأظهرت أول نقابة عمالية وطنية للطباعين في عام 1886، وقبل نهاية القرن باتت أغلبية النقابات جزءاً من منظمة مركزية واحدة هي: الاتحاد السويدي لنقابات العمال... لينمو نفوذ النقابات العمالية ويمتلكوا قوة تفاوضية كبيرة من أجل ظروف عمل أفضل.

المفاوضات – عطلة الصناعة

في أوائل القرن العشرين تفاوضت النقابات مع الكثير من الشركات الصناعية السويدية للاتفاق على فترة محددة يتم فيها إغلاق المصانع، وكان هذا يدعى بـ industrisemester والذي يعني حرفياً "عطلة الصناعة" بفترة تتراوح ما بين 3 إلى 4 أسابيع في شهر تموز لتتوقف المصانع وأماكن العمل الأخرى عن الإنتاج تماماً مما يمنح للموظفين فترة راحة.

من المتفق عليه بين معظم السويديين هو أن التوازن الجيد بين العمل وفترات الراحة يصنعان عمالاً أكثر صحة وسعادة وبإنتاجية أعلى، وينص القانون السويدي على الحق بقضاء عطلة، ففي عام 1938 أصدرت السويد قانون الإجازة السنوية Semesterlagen كحق لجميع الموظفين، وتم تحديدها في ذلك الوقت بأسبوعين، ليتم لاحقاً تغييره وتمديده حيث تم طرح الإصدار الحالي في السبعينيات ويعطي الحق للموظفين بدوام كامل بالحصول على إجازة لمدة 5 أسابيع.

كما أن هناك العديد من الشركات التي تذهب أبعد من الحد الأدنى القانوني للإجازات فتعطي عدد أيامٍ أكثر، وهناك نقابات تضيف عدة امتيازات أخرى خلال اتفاقاتهم مع أرباب العمل تسمى بـ(الاتفاقات الجماعية) ومنها مثلاً أن العمال الذين يتجاوز عمرهم 40 عاماً يحصلون على عدد إجازات أكبر.

في الحاضر

وفي الوقت الراهن لا تزال بعض الشركات الصناعية تغلق تماماً بفترة منتصف الصيف، ومن الشائع أن تغلق المقاهي والمطاعم والعديد من أماكن العمل الأخرى خلال هذه الفترة والتي عادةً تكون منذ منتصف تموز إلى الأسبوع الـ 31 من السنة.

ولكن ليس من الضروري أن يجري الأمر نفسه في كل الشركات، فتغيير طريقة الإنتاج يعني أن على الشركة أن تكون أكثر مرونة مع فترة العطلة دون الحاجة لتوقف عمل خطّ الإنتاج تماماً بينما زملاء الشركة الدوليين وعملائها ومنافسيها يعملون على مدار السنة، وحتى لو لم تغلق المكاتب بشكل تام خلال الصيف، إلا أنه يظل الوقت الذي سيذهب به معظم العمال والموظفون في عطلاتهم وبشكل خاص لأن الفترة تتلاقى مع عطلة المدارس.

وفقاً للقانون السويدي لا يحق لرب العمل أن يرفض عطلة العمال والموظفين لمدة 4 أسابيع خلال أشهر حزيران وتموز وآب إلا ببضعة حالات خاصة كأن يكون الصيف هو ذروة نشاط عمل الشركة، ورغم ذلك فعادة ما تكون الكلمة الأخيرة لرب العمل حول مواعيد العطلات، فربما يطلب منك أن تؤجلها لوقت آخر يتناسب مع الشركة، مما يعني أن رب العمل لا يستطيع منعك من الذهاب بعطلة إلا أنه قد يطلب منك تأجيلها لموعدٍ آخر يتزامن مع زملاؤك.

والطريقة التي يجري بها الذهاب إلى العطلات تختلف من شركة إلى أخرى، فإذا كان هناك (اتفاقية جماعية) ستجري مفاوضات تخص النقابة ذات الصلة حول كيفية تقسيم عطلة الصيف، وفي غياب الاتفاقية الجماعية و/أو النقابات فستحدد الشركة وحدها هذه الأمور ليقوم بعض المدراء مثلاً بتقسيم العطلة إلى عدة فترات لعدة موظفين للمحافظة على استمرار عمل الشركة ولو بكمّ ضئيل من الموظفين خلال هذا الوقت، وبعض الشركات الأخرى قد تجري عملية أقل رسمية لتأخذ بحساباتها ما يفضله موظفيها من مواعيد لإجازاتهم قبل أن تضع الجدول النهائي.

قد يبدو هذا الأمر غريباً أن يقال لك متى يجب عليك أن تذهب بعطلتك الصيفية، خاصة إن كنت من بلدٍ لا يوجد به إجازات مدفوعة الأجر كالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، ولكن الاهتمام السويدي بهذه العطلة له عدة فوائد واضحة، منها مثلاً: إن كنت تبحث عن عمل ما فسيكون وقت الصيف مناسباً جداً لذلك حيث ستجد بعض أرباب العمل الذين يعانون من نقص موسمي بالموظفين حينما يغادرون، وبالنسبة لأولئك الذين يمتلكون عملاً بوقت دوام كامل ستكون فرصةً لاستكشاف السويد والسفر.

كما أن هناك ميزة إضافية للعطلة الصيفية في السويد وهي أنك ستتلقى أجراً مضافاً إن أخذتها، حقاً!