لماذا يفضل الأهل مدارس البلدية الثانوية في مالمو؟ وما علاقة التعليم المهني؟
أخبار-السويد
Aa
لماذا يفضل الأهل مدارس البلدية الثانوية في مالمو؟ وما علاقة التعليم المهني؟
في ظل التغيرات السريعة في سوق العمل والحاجة المتزايدة للمهارات المهنية، تشهد مدينة مالمو تحولات كبيرة في سياساتها التعليمية، خاصة فيما يتعلق ببرامج التعليم المهني في المدارس الثانوية. أظهرت الإحصاءات الأخيرة أنّ المزيد من الطلاب يفضّلون الذهاب إلى مدارس البلدية، والتعليم المهني كان على رأس القائمة. دفعني هذا إلى التواصل مع نارسيس سبوهوفيتش Narcis Spahovic، نائب رئيس مجلس التعليم الثانوي العالي وتعليم الكبار في بلدية مالمو، والذي تحدث عن الجهود المبذولة لتعزيز الاهتمام بهذه البرامج، إضافة إلى التحديات المستقبلية التي تواجهها المدينة في هذا السياق.
خطط واستراتيجيات
أحد أبرز المسائل التي طرحتها على نارسيس كان حول كيفية تعزيز الاهتمام ببرامج التعليم المهني في المدارس الثانوية بمالمو. في إجابته، أكد نارسيس أن التواصل هو المفتاح لنجاح هذه الجهود: "لقد أولينا اهتمامًا كبيرًا بتوضيح الفرص التي توفرها البرامج المهنية". ويضيف: "نعمل على توعية الطلاب وأولياء الأمور بأهمية هذه البرامج من خلال التركيز على الفوائد الملموسة، مثل سهولة الاندماج في سوق العمل واستمرار التعليم العالي".
تشير الإحصائيات إلى نجاح هذه الحملات الترويجية، فقد حققت حملة خاصة بالترويج للبرامج المهنية في العام الدراسي 2024/2025 نجاحًا كبيرًا، حيث تم تسجيل حوالي 4000 زيارة لصفحات البرامج المهنية على موقع مدينة مالمو "malmo.se". إضافةً إلى ذلك، قادت حملات موجهة للكبار مثل حملة "رحلة الوظيفة Jobbresan" إلى وصولها لمليون مستخدم عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع تحقيق 2.3 مليون انطباع، مما أسهم في زيادة الوعي بالبرامج المهنية بين الفئات المستهدفة.
مدارس جديدة برؤى طموحة
مع افتتاح مدرستي Neptunigymnasium و Citadellsgymnasium في خريف 2024، تدخل مالمو مرحلة جديدة في تطوير التعليم المهني. يتحدث نارسيس بحماس عن Neptunigymnasium، التي تتمحور رؤيتها حول أهداف أجندة 2030، مشيرًا إلى أن هذه المدرسة الجديدة تهدف إلى "تحقيق رفاهية المجتمع وتحسين الصحة وتقديم فائدة اجتماعية عامة". تضم المدرسة برامج مهنية وأخرى تحضيرية جامعية، مما يجعلها جسرًا حيويًا بين الطلاب وسوق العمل، لا سيما في الوظائف التي تعاني من نقص في الكفاءات.
كما يشير نارسيس إلى أن المدرسة تقدم جميع الطلاب فرصة المشاركة في برامج التعلم القائم على العمل (APL)، وهي تجربة تدريبية ميدانية تتيح للطلاب اكتساب المهارات العملية في مكان العمل. هذه المبادرة تسعى إلى تقليل الفجوة بين التعليم النظري ومتطلبات سوق العمل، وتساهم في تعزيز فرص توظيف الطلاب بعد التخرج.
التحديات المستقبلية حتى عام 2030
لم تكن المناقشات مع نارسيس خالية من الحديث عن التحديات التي تواجهها مدينة مالمو مع تزايد عدد الطلاب حتى عام 2030. يقول نارسيس: "التحدي الأكبر الذي نواجهه هو إدارة المساحات التعليمية". مع زيادة عدد الطلاب، بدأت البلدية بالفعل في تنفيذ خطط لتوسيع وتطوير المنشآت التعليمية. على سبيل المثال، تم البدء في التخطيط لإعادة توزيع بعض المدارس الثانوية وتوفير مواقع جديدة لتلبية الطلب المتزايد.
من جهة أخرى، أشار نارسيس إلى أن المجلس يسعى لخلق بيئة عمل جاذبة للمعلمين والإداريين، حيث يتم العمل على زيادة كثافة المدراء ليكون لكل مدير حوالي 25 موظفًا فقط. هذا من شأنه أن يتيح للمدراء المزيد من الوقت للتفاعل المباشر مع الطلاب والموظفين وتعزيز جودة التعليم.
التعاون مع الشركات المحلية
لا يمكن الحديث عن التعليم المهني دون الإشارة إلى أهمية التعاون مع القطاع الخاص وأرباب العمل المحليين. في هذا الصدد، يؤكد نارسيس أن المجلس يعمل بنشاط على تعزيز هذا التعاون من خلال اتفاقيات استراتيجية مع مصلحة التوظيف وبرامج تعليمية تجمع بين التدريب المهني ودورات تعليم اللغة السويدية.
أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو التعاون مع شركات كبيرة مثل غروهي Grohe وكلية رعاية الصحة، والذي أدى إلى توفير فرص تدريب ميداني (APL) لعدد كبير من الطلاب. ويؤكد نارسيس أن "هذا التعاون يتيح للطلاب ليس فقط اكتساب المهارات المطلوبة في سوق العمل، بل يمنحهم أيضًا فرصة لفهم توقعات أرباب العمل".
كما أضاف نارسيس أن المجلس يستمر في تطوير برامج التعليم المهني المشترك، مثل برنامج تركيب الألواح الشمسية بالتعاون مع دورة اللغة السويدية. هذه البرامج تأتي لتلبية احتياجات السوق المتزايدة في مجالات محددة مثل الطاقة المتجددة، وهو قطاع يشهد طلبًا متزايدًا على العمالة الماهرة.
التعليم المهني كمفتاح للنجاح
ختامًا، يبدو أن مالمو تتجه بخطى ثابتة نحو تعزيز التعليم المهني كأحد أعمدة النظام التعليمي، حيث يشير نارسيس إلى أن "البرامج المهنية ليست مجرد بديل للتعليم التقليدي، بل هي فرصة ذهبية للطلاب لدخول سوق العمل بشكل أسرع وأكثر فعالية". من الواضح أن المدينة تسير بخطة واضحة لدمج التعليم مع احتياجات سوق العمل، وتوفير فرص حقيقية للطلاب لتحقيق النجاح في حياتهم المهنية.
بهذا، تظل مالمو نموذجًا يحتذى به في تقديم التعليم المهني كحل مبتكر لمواجهة تحديات سوق العمل المستقبلي، وضمان أن يكون لكل طالب فرصة للتألق في مجاله.