الكاتب عروة درويش: لا يمرّ يوم لا أقرأ تعليقاً عن كون الضرائب في السويد مرتفعة والناس في السويد يدفعون الكثير من دخلهم للضرائب. لكن ما رأيكم إن قلت لكم بأنّ السويد هي واحدة من البلدان التي يسمح فيها لأشخاص محددين بتحقيق أرباح بالملايين مستخدمين أموال الضرائب هذه، الضرائب التي تتمّ محاولة إقناع الأشخاص بأنّها لصالح دولة الرفاه؟في الحقيقة أرى بأنّ أغلب السياسيين السويديين يأخذون موقفاً مضاداً لمصالح السويديين العاديين في مسألة تؤثر بشكل كبير على المجتمع، والتي يمكن تسميتها: «التربّح من الرفاه Vinster i välfärden»، والتي نرى تأثيراتها في المجتمع السويدي يومياً.منذ الثمانينيات، عندما بدأ أصحاب الأعمال في السويد يريدون حصّة من أموال الضرائب، بدؤوا يحصلون عليها من خلال خصخصة الرعاية الصحية، والمدارس، ورعاية المسنين.جنّة ضريبية وملاذ لرأس الماليمكننا أن نعتبر اليوم بأنّ السويد بسبب عدم وجود ضرائب على الميراث والهبة، ومع ضرائب شديدة الانخفاض على ربح رأس المال، جنّة ضريبية وملاذ حقيقي لرأس المال، الذي يكون في الكثير من الأحيان أجنبي غير معني حتّى بتقديم الخدمات التي يتعهدها.إنّ المزج بين قدرة الأعمال على جني أرباح غير محدودة من أنشطة الرفاه الممولة من أموال الضرائب، مع الحق بأن تحصل على تعويض كلي عن نفقات الإنشاء – يجعل الأعمال السويدية قادرة على استخراج أرباح غير مستحقة.لا زلت غير قادر على فهم: كيف أصبح أحد الحقوق الأساسية في السويد أن تصبح ملياردير بضمان لا نهائي من أموال الضرائب؟يأمل الإنسان بأنّ الضجة التي أثيرت العام الماضي حول بعض المدارس المستقلة قد تغيّر وجهة نظر الناس وتزيل شعار "حرية الاختيار" كمبرر لهذا التربح الخاص من الأموال العامة، فتجارب مثل مدرسة IES الدولية التي يمكن أن نقول عنها بأنّها "مدرسة دون مدرسين" أو بمدرسين غير خبيرين بأجور منخفضة. أو مدرسة Realgymnasiet للزراعة الطبيعية، لكن دون وجود حيوانات! أو دار رعاية الأطفال الذي تمّ إغلاقه لنقص الكادر بعد وفاة الطفل الغارق، يجب أن تدفعنا لندقق أكثر في هذه الأعمال.في هذه الأثناء علينا أن نتوقع بأنّ مؤسسات مثل الرابطة الوطنية للمدارس المستقلة Friskolornas Riksförbund، وهي التي تمثّل مصالح من يجني الأرباح، ستقاوم أيّ عملية تغيير قد تقلص من أرباحها، خاصة مع حكومة قد يقودها المحافظون اليوم. لكن هل هذا سيدوم؟ آمل ألّا يدوم…*عروة درويش: كاتب ومترجم، خريج كلية الحقوق جامعة دمشق، ماجستير قانون دولي عام الجامعة الإسلامية في بيروت، ماجستير قانون دولي إنساني الجامعة الافتراضية السورية. عمل مع عدد من الصحف والمجلات ودور النشر في أوروبا والعالم العربي، وهو كاتب معتاد لدى منصّة “أكتر”.تنويه: المواد المنشورة في هذا القسم تنشرها هيئة تحرير منصة “أكتر” الإخبارية كما وردت إليها، دون تدخل منها - سوى بعض التصليحات اللغوية الضرورية- وهي لا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة أو سياستها التحريرية، ومسؤولية ما ورد فيها تعود على كاتبها.