مقالات الرأي

لن تهرب من إعلاناتنا... فحتّى أثناء ذهابك للمرحاض ستجدنا!

Aa

لن تهرب من إعلاناتنا... فحتّى أثناء ذهابك للمرحاض ستجدنا!

لن تهرب من إعلاناتنا

عروة درويش لخاص "أكتر"... نعيش في عالمٍ تسيطر عليه الأعمال التجارية وأخلاق السوق المتمثلة بعبارة «المهم أن نروّج لمنتجاتنا ونحقق الأرباح». لكن يصبح هذا العالم سمجاً في بعض الأحيان، ففي أكثر الأماكن الحميمية ستجد الإعلانات تتربّص بك، وفي أكثر الأماكن التي تعتقد بأنّها «حصينة» ضدّ الإعلانات، ستجد بأنّ أصحاب الأعمال قد وجدوا طريقهم إليها.

منذ زمن طويل أصبح من الطبيعي أن تشاهد الإعلانات أثناء سيرك في الشوارع، أو دخولك الأبنية، أو وقوفك في أماكن انتظار الباص والمترو وغيرها، لكن كان الانتقال من هذه الأماكن للإعلان في أماكن أكثر حميمية وخصوصية بمثابة «ثورة» في عالم الإعلانات.

عروة درويش: الإعلانات تخترق خصوصيتنا، وعلينا أن نخشى الإعلانات المخفية

ففي بعض الأماكن لن يكون لديك ترف حتّى إزاحة عيونك عن الإعلان، كأن تكون في مصعد بانتظار الوصول إلى طابقك، أو مرخياً سروالك في مرحاض مطعم، أو مرحاض عمومي. علّق مايكل ساندال في كتابه «ما لايستطيع المال شراؤه» على الأمر بشكل ممتاز عندما قال: «أبعد المعلنون، أمثال شركات سوني ويونيليفر ونينتندو ومعهم أكبر شركات المشروب وشبكات التلفزة، الساقطات والمهووسين جانباً لبثّ رسائلهم التجارية أمام مجموعة ممّن حلّوا أزرار بناطيلهم وأنزلوها للأسفل».

باتت إعلانات المراحيض هامّة لدرجة أنّ لدينا اليوم «منظمات لإعلانات المراحيض» حول العالم. إنّ القدرة والسلطة التي تتمتّع بها الأعمال لاختراق خصوصيتنا تحت مسميات «النمو والترويج والتسويق» لا مثيل لها.

انتبه من الإعلان في كتابك!

تمكّن المعلنون من شراء مساحات إعلانية على جدران المراحيض، ولكن ربّما الأخطر برأيي أنّها وجدت طريقها إلى داخل الكتب. ليس الأمر جديداً، ولكن ممّا يثير الذعر أنّه قد يكون تطوّر وتمكّن من التخفي بحيث لن نعود قادرين على ملاحظته.

رواية روابط بولغاري الممولة من شركة المجوهرات

الحادثة الأشهر – رغم كونها غير الوحيدة – حدثت عام ٢٠٠١ عندما قامت الروائية البريطانية فاي ويلدون بتأليف كتابٍ بتفويض من شركة المجوهرات الإيطالية «بولغاري». وافقت ويلدون، مقابل مبلغ مالي غير معلن، على ذكر مجوهرات بولغاري في الرواية اثنا عشر مرّة على الأقل. 

نُشر الكتاب الذي حمل اسم «روابط بولغاري The Bulgari connection» عن طريق دور نشر هاربر كولينز في بريطانيا، وغروف-أتلانتيك في الولايات المتحدة. لقد تجاوزت ويلدون عدد الإشارات المتفق عليها للمنتج، بذكرها بولغاري 34 مرّة.

انتقد كثيرون الأمر، وقال أحد النقاد بأنّ وضع المنتجات سوف: «يذوّب ثقة القراء في أصالة أيّ رواية». أشار ناقد آخر إلى أنّ الجمل المثقلة بدعاية المنتج مبتذلة ولا تصلح حتّى للنشر، كما في جمل مثل: «تقول دوريس: قلادة بولغاري في اليد أفضل من اثنين على الشجرة». أو: «لقد احتضنا بعضهما معاً لبرهة، وتمّ استحضار كلّ العاطفة، ثمّ قابلته في بولغاري على الغداء».

في الختام...

في الحقيقة، وللأسف، لم يعد رأينا مهمّاً هنا. فالإعلانات مستمرّة في التمدد إلى أماكن خصوصيتنا، وكذلك إلى الأشياء التي كنّا يوماً نجدها مقدّسة. وربّما الأسوأ أننا بتنا عاجزين أمام سرقة بياناتنا لبيعها لشركات الإعلان من أجل تصميم إعلانات «على قياسنا»... وكلّ هذا ونحن مجبرين لا خيار لنا في الأمر.

 

في قسم الآراء أيضاً:


 

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©