"لواحس" أم "فايكنغ عربي"؟.. أيها يناسب مزاجك في السويد؟
مقالات-الرأي
Aa
مذ عَملتُ في "أكتر"، وأنا أراقب بشكل يومي (تقريباً) المقالات والفيديوهات، وتعليقات الناس عليها. وسواء كان الموضوع يتعلّق بقصّة نجاح، أو معاناة، أو حتى حدث استثنائي. دائماً ما تنقسم التعليقات بين ذمّ الشخص أو القضية، وبين مدافع عنها. جعلني هذا أطرح السؤال التالي: ما هو معيار تصنيف الشخص إلى "سيء" و"جيّد" وفقاً للمعلقين، وخاصة المتطرفين منهم؟
ربّما أسوأ الكلمات التي قرأتها للتطرّف في وصف البعض هي "لواحس" السويد، ولهذا سأعتمدها في محاولة فهم التصنيف. من جهة أخرى يوجد متطرفون في الصف المقابل يدافعون عن السويد في كلّ شيء وبطريقة غير منطقية، سأسميهم "فايكنغ عربي". إنّ ما سأكتبه الآن لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال أن يعكس جميع الآراء، ولكن سأحاول من خلاله فهم بعض الآراء الصارخة للعرب في السويد.
ناجح "أكثر ممّا يجب"!
في العموم، عندما ينجح مهاجر ذكر ناطق بالعربية في تأسيس شركة، أو الحصول على جائزة مرموقة، أو ابتكار شيء ما، تكون التعليقات السلبية على المقال أو الفيديو المنشور حوله قليلة، ولا نرى إلّا البعض يتهمه بأنّه من "اللواحس". وفي العموم، يمكن لبعض المعلقين أن يشككوا في الطريقة التي وصل فيها إلى نجاحه، ولكنّه يحوز على موافقة الجميع تقريباً ومباركتهم.
يختلف الأمر قليلاً عندما يكون الناجح مهاجرة ناطقة بالعربية. أركّز هنا على قليلاً، ولكن يبقى موجود. تتعالى الأصوات المعلقة بأنّ السويد تمنح النساء مساحة أكبر من الرجال، وتبدأ التحليلات. ولكن مع هذا يبقى التشكيك في حدود المنطق، ولا يتهم أحد المهاجرة بأنّها "لواحس".
إذاً يمكنني وفقاً لمعاييري أن أقول بأنّ الناجحين بشكل عام ليسوا محطّ خلاف كبير.
الخطف والحرق
بمجرّد أن يتحول الموضوع إلى إشكالي أكثر، مثل قيام السوسيال بوضع الأطفال في رعايتها جبراً عن أهلهم، أو قضايا استفزازية أخرى مثل حرق القرآن، تتحوّل التعليقات إلى "ساحة معركة" حامية الوطيس. تكون الغلبة في التعليقات عادة لشتم السويد والسويديين، ولكن الأهم هو اعتبار كلّ من يحاول التعامل مع الحادثة بعقلانية "لواحس".
لا يهم مدى تكلمك بمنطقية، ولا استخدامك لحجج ودلائل، فلن تتمكن من النجاة من شتمك وسبّك وأحياناً تهديدك (طبعاً من صفحات مزيفة لأنّ من يهدد يخشى الشرطة والقانون).
لكن تصبح التعليقات مزعجة أكثر، عندما يقوم بعض المتطرفين غير المنطقيين "بالدفاع عن السويد"، هؤلاء الذين سأسميهم "فايكنغ" عرب مستفزون بقدر المتطرفين الذين يسمون الناس "لواحس"، فهم يستخدمون الشتائم والألفاظ والادعاءات غير المنطقية من أجل إيصال صوتهم. طبعاً صوتهم لا يرتبط باسمهم الحقيقي، فأغلبهم يعلقون باستخدام أسماء مستعارة بأسماء مستعارة تنتهي بـ "سون".
"باي باي" أيّها المعتدل
لن يستغرقك وقت طويل لتدرك بأنّ متطرفي "اللواحس" ومتطرفي "الفايكنغ" العربي، لا يهمهم النقاش بقدر ما يهمهم توجيه الشتائم للطرف الآخر. تصبح بسبب هؤلاء مهمة مراقبة التعليقات وحذف المسيء منها أصعب فأصعب على كادر "أكتر". لكن الأهم أنّ صوت المعتدلين والذين يريدون شرح وجهة نظرهم بدون شتائم غائباً.
أفهم هذا، فإن كنتُ أريد إبداء رأيي واستخدام المنطق في تبريره، لاضطرّ لمواجهة سيل من الشتائم من أشخاص لا يهمهم الحفاظ على الاحترام في تبادل الأفكار، سأمتنع عن إعطاء رأيي. يجعلني هذا وكأنني أدخل "ساحة معركة" لا لزوم لها ولا فائدة منها.
يحضرني هنا مثل من بلاد الشام يناسب السياق: "الفاجر أكل مال التاجر". كم أتمنى لو نستطيع أن نتخطى مسألة "اللواحس" و"الفايكنغ العربي"، وأن اقرأ مناقشات أكثر اعتدالاً… ليس هذا بالمطلب الكبير صدقوني.