نائلة وأطفالها الأربعة في مواجهة المجهول، فإن قرار الترحيل إلى مصر يحمل لهم وقائع مختلفة من الخطر، منها الختان للإناث والزواج القسري. ومع ذلك، يرى مصلحة الهجرة السويدية- Migrationsverket أن نائلة، البالغة من العمر 34 عاماً، قادرة على مقاومة الضغوط الأسرية أو اختيار مكان آخر للعيش في مصر، وفقاً لتقرير صحيفة "أفتونبلادت" السويدية.العائلة التي اعتبرت السويد منزلها لتسع سنوات، يبدو أنها تواجه نهايتها الحاسمة. فـفي الحادي عشر من الشهر الجاري أغسطس/آب، ستقلع طائرة من مطار أرلاندا في ستوكهولم تحمل نائلة وأطفالها، وتفصلهم عن حياتهم السابقة ووالدهم.يعيش أطفال نائلة - حنان (10 سنوات)، غزل (8 سنوات)، سيدرا (6 سنوات)، وخالد (4 سنوات) - في غرفة صغيرة بشقتهم في فلين. ثلاثة منهم وُلِدوا على أرض السويد، يتقنون اللغة، وتتمحور حياتهم حول مدارِسهم وأصدقائِهم هناك.في موازاة ذلك، تأخذ القصة منعطفاً معقداً حين نتعرف على ماضي نائلة، حيث وُلِدت في عائلة دينية مُحافظة بشمال مصر، حلمت بالدراسة والاعتماد على نفسها. لكن الضغوط الثقافية والتقاليد العائلية حدت من طموحاتها، حيث تعرضت للختان وزُوّجت قسراً.وبعد الهروب من القمع في مصر برفقة زوجها وابنتهم حنان، طلبت العائلة اللجوء في السويد في عام 2014. لكن رُفض الطلب والقرارات الحكومية المتعلقة بحقوق اللجوء جعلت حياتهم معلقة.التهديدات التي واجهت نائلة بعد طلاقها في عام 2019 أكثرت من معاناتها. رغم تقديمها أدلة على التهديدات التي تلقتها باللغة العربية، فإن مصلحة الهجرة لم يعتبرها كافية لتأمين حماية لها ولأطفالها.في الوقت الذي تأتي فيه نائلة من واحدة من أكثر المناطق تحفظاً في مصر، تظل مسألة الختّان مثار قلق وهوس للعديد من النساء هناك. حسب الأرقام المعلنة من قبل اليونيسف، فإن 87% من الفتيات والنساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً قد تعرضن للختان في مصر.وبينما تعتقد مصلحة الهجرة أن نائلة قادرة على مقاومة ضغوط العائلة وأنها يمكن أن تلجأ للسلطات المصرية بما أن الختان غير قانوني هناك، ترى نائلة الأمور من زاوية مختلفة. تقول: «كامرأة، لا يمكنكِ القيام بما تريدين. لا يمكنكِ حتى مغادرة المنزل دون رجل أو العيش وحدك مع أطفالك».وفي تصريحات مصلحة الهجرة التي توجهت إلى صحيفة "أفتونبلادت"، يُشدد على أنه من غير المعتاد إجراء الختان بدون إذن الوالدين في مصر، وأن مصلحة الطفل تم أخذها بعين الاعتبار، لكنها ليست العامل الحاسم في قرار منح تصريح الإقامة.وفي ظل تكهنات حول مخاطر الزواج القسري، يظل السؤال مطروحاً حول مصير الأطفال في مصر، خصوصاً مع غياب الأب الذي ليس له جنسية بما أنه فلسطيني ولا يمكن ترحيله من السويد.يضاف إلى ذلك، حنان وشقيقيها يحلمون بمستقبل مشرق. تريد حنان أن تصبح طبيبة، وتعتقد أنها ستتمكن من تحقيق حلمها في السويد، بينما ترى أن فرصتها في مصر قد تكون محدودة بسبب كونها فتاة. ومن جانبها، تتمنى غزل أن تصبح فنانة.ولكن رغم أحلامهم، يظل القلق والحزن يلوحان في الأفق. تقول غزل: «نحن حزينون، لا نريد ترك السويد. نريد البقاء هنا. إذا ذهبنا، قد لا نتمكن من العودة». وتضيف: «لا أعرف شيئاً عن مصر».وفي هذا السياق، يظل السؤال الأكبر مطروحاً: هل ستتمكن نائلة وأطفالها من بناء حياة جديدة ومستقرة في مصر، أم أن المستقبل لا يزال محفوفاً بالمخاطر والتحديات؟