"مئة ألف فلسطيني لا يكفي": تشويه واستفزاز لمظاهرات يوتوبوري image

عروة درويش

1 دقائق قراءة|

أخر تحديث

"مئة ألف فلسطيني لا يكفي": تشويه واستفزاز لمظاهرات يوتوبوري

سياسة

Aa

يوتوبوري مظاهرة

"مئة ألف فلسطيني لا يكفي": تشويه واستفزاز لمظاهرات يوتوبوري

منذ 7 أكتوبر 2023، والمظاهرات والاحتجاجات ضدّ حرب «إسرائيل» على فلسطين، والأعمال التي وصفتها محكمة العدل الدولية بأنّها "إبادة جماعية"، مستمرّة بنشاط في يوتوبوري. لكنّ المحتجين يعانون من عدّة تحديات، ولا يبدو أنّ السلطات تساعدهم في تخطّيها، أبرزها: الصحفيون اليمينيون الذين يشوهون احتجاجاتهم تارة، ويستفزونهم ويعتدون عليهم تارة أخرى، ثمّ يدّعون أنّهم ضحايا بريئون.

إنّ أغلب هؤلاء الصحفيين مرتبطون في حقيقة الأمر باليمين المتطرّف، ويعملون لحساب شبكاته المتعددة. بعض هؤلاء يعملون كصحفيين مستقلين يبيعون موادهم بشكل مستقل، ولكنّهم متعاملون بشكل كبير مع الصحافة اليمينية.

التحريف الممنهج والوقح

تدعو المظاهرات، والاعتصامات، المؤيدة لفلسطين في يوتوبوري، الحكومة السويديّة إلى قطع السلاح عن «إسرائيل»، وإلى الاعتراف بوجود "إبادة جماعية" تجري في غزة - وفقاً لما ذكرته محكمة العدل الدولية نفسها.
 

جانب من مظاهرات يوتوبري 20 أكتوبر

تحرص هذه المظاهرات، كما أكّد خالد، أحد المنظمين الرئيسيين للمظاهرات، بألّا ترفع شعارات مخالفة للقانون السويدي، أو أيّ شعارات حزبية وفصائلية، فالشعار هو فلسطين وأهل فلسطين، بغزّتها وضفّتها وقدسها، والراياتُ هي رايات فلسطين التي تجمع وتعبّر عن جميع الفلسطينيين.

لكن، يقوم هؤلاء الصحفيون الذين يتسابقون لتشويه المظاهرات والاحتجاجات، وتسويق صور ومقاطع في غير سياقها لهذا الغرض، بمحاولة الاصطياد بالماء العكر. يتحدّث خالد عن صحفي يميني يعمل لدى منصّة "ريكس" اليمينية المتطرّفة، ويقول: «نحن كمنظمين، يمكننا ضبط الشعارات العامة، والرايات والأعلام التي تُرفع، لكن لا يحقّ لنا أن نطلب من أحدهم أن يخلع ثياباً، أو أن نخرجه من المظاهرات من أجل ثيابه». 

لكنّ الصحفيين اليمينيين التقطوا صوراً لفتاة داخل المظاهرة ترتدي كنزة عليها شعار إحدى الحركات الفلسطينية، وبدؤوا بنشرها على أنّها شعارات المظاهرة. إنّ ما يفعله هؤلاء الصحفيون يتعدى "وضع بهار" على الحدث، ويمكن إدارجه في خانة الكذب والنقل اللا أخلاقي.

لكنّ الأمر لا يقتصر على هذه الحادثة، المكررة بشكل كبير. بل إنّ وقاحة بعض الصحفيين وصلت إلى تصويرهم أشخاص لم يشتركوا في المظاهرة ونشرها على أنّها من قلب المظاهرة، رغم أنّ المنظمين أبعدوهم وأخبروا الشرطة بأنّهم لا ينتمون لمظاهرتهم.

يتحدّث خالد قائلاً: «في يومٍ من الأيام، جاء شخص يحمل رايات حزبية لبنانية وفلسطينية، وكان واضحاً بأنّه لا يريد أن يكون جزءاً من مظاهرتنا. طلبنا منه الابتعاد عنّا، وأخبرنا الشرطة بأنّه ليس أحدنا. وبالفعل، ذهب الشاب إلى الطرف المقابل من ساحة غوستاف أدولف، بحيث بات يفصلنا عنه 30 أو 40 متر. رغم ذلك، تمّ تصويره ونشره على أنّه جزء من مظاهرتنا».

استفزاز المتظاهرين

لا يقتصر الأمر هنا على التغطية المنحازة والتشويه المنهجي للمظاهرات وللمحتجين. إنّ بعض الصحافيين يقومون بشكل متعمّد باستفزاز المتظاهرين، وهو الأمر الذي لا يجب أن يحصل، فالشرطة الموجودة في الموقع عليها في الحقيقة حماية المتظاهرين.
 

يلتصق الصحفيون اليمينيون بالمظاهرات
- تصوير كاميرات المتظاهرين -

يتحدّث خالد، ويبدو في حديثه بأنّه منزعج حدّ الانفجار ممّا يحدث، عن أنّ الشرطة، التي يفترض أن تحمي المتظاهرين، تحمي هؤلاء الصحفيين المستفزين. يقول: «الشرطة لا تعاملنا نحن والمتظاهرون المؤيدون [لإسرائيل] بالمثل، فعندما يكون هناك مظاهرة لليمينيين العنصريين مؤيدة [لإسرائيل]، يبعدوننا عنها 30 متراً، ولا يسمحون للصحافيين الذين يكونون معنا أن يقتربوا منهم ولا أن يوجهوا إليهم الأسئلة. أمّا في مظاهراتنا، وهي مظاهرات لدينا الترخيص الكامل لها، يسمحون للصحفيين اليمينيين بالاقتراب منّا واستفزازنا من مسافة متر أحياناً».

في مظاهرة الأحد 13 أكتوبر، خرج الصحفي الذي يعمل لصالح "ريكس"، وقال بأنّه تعرّض للضرب من المتظاهرين، وبأنّه أبلغ الشرطة، وأقام الدنيا وأقعدها إعلامياً. لكن في الحقيقة، وعندما سألتُ خالد عن الأمر أخبرنا عن جانبٍ لم يرغب الصحفي بالتحدّث عنه: "هذه ليست المرّة الأولى التي يخرج هذا الصحفي بيننا، ويشوّه مظاهراتنا، ولكن لم يتعرّض أحدٌ له يوماً. أمّا في ذلك الأحد، فقد وقف أمام المتظاهرين بشكل فاقع بهدف استفزاز مشاعرهم قائلاً: "مئة ألف فلسطيني مقتولين لا يكفي". لقد أخبرت الشرطة قبل المظاهرة بأنني لا أستطيع السيطرة على 500 و700 متظاهر غاضبين، وأنّ عليهم ألّا يسمحوا للعنصريين بالاقتراب منّا لهذا الحد، ولكنّهم لم يستمعوا إلينا».

عندما سألتُ خالد إن كان يوافق على الضرب قال: "بالطبع لا، لست أوافق، ولكن علينا أن ندرك أسباب اللخبطة التي حدثت، فالصحفيّ اليميني ليس بريء، ولا أحد منعه من أداء عمله والتصوير. يمكنه أن يقوم بذلك من مسافة منطقية عنّا، كتلك التي يجبرنا فيها الشرطة على البقاء بعيداً عن مظاهرات العنصريين. حتّى أننا نحن المنظمون أسرعنا إلى مكان الحادث وفضّينا الاشتباك بينه وبين بعض الغاضبين، فنحن لا نسمح ولا نرغب بأن تتحوّل مظاهراتنا إلى العنف».

تكرر الأمر تقريباً في المظاهرة التي أقيمت في 20 أكتوبر، حيث سمحت الشرطة باقتراب صحفيين يمينيين مستفزين، حتّى أنّ أحدهم كسر رايتين للمتظاهرين. وقال خالد بأنّهم قدموا أنميلا للشرطة ضدّ الصحفي.

مواقف الشرطة واتهمامها بالتحيّز

يلقي منظمو المظاهرات في يوتوبوري اللوم على الشرطة في حدوث هذه المهاترات، ويشدد على أنّ الشرطة ذاتها لا تسمح لهم أو لصحفييهم بالاقتراب من مظاهرات تأييد «إسرائيل»، فلماذا تسمح للعنصريين بذلك.
 

جانب من المظاهرات في 20 أكتوبر

الأمر الآخر أنّ الشرطة في يوتوبوري، وفقاً لخالد، تشدد بشكل متزايد على المتظاهرين لأجل فلسطين، وقد شبّه ما يحدث بأنّه "اتّباع النمط الألماني". يقول: «عندما كنّا نخرج بشكل عفوي، كانوا يغضّون الطرف طالما أنّ المظاهرة صغيرة نسبياً. أمّا الآن، فيقومون بمضايقتنا بشكل أشدّ من أن نحتمله، مع أنّ السويد تضمن حقّ التظاهر دون ترخيص إن لم نعطّل السير أو نتسبب بالإزعاج».

تثير هذه الانتقائية في التعامل تساؤلاتٍ حول معايير السلطات السويدية في توفير الحماية للذين يقومون بأعمالهم بشكل سلمي وفقاً للقانون، ولهذا فقد تواصلتُ مع الشرطة في يوتوبوري استفسر منهم عن سبب هذه المعاملة، وما هو ردّهم عليه، فهناك مجموعة كبيرة من الذين يعيشون في السويد يرون بأنّ الشرطة تكيل بمكيالين، وهو أمر يستحق إثارة الانتباه.

في الختام، في مواجهة تحريف الإعلام اليميني، لا يمكننا إلّا أن نأسف على المعايير والأخلاق الإعلاميّة التي لم يعد البعض يلتزم بها. ولا يمكننا أن نكون حياديين في النظر إلى صحفيّ يبحث عن صورة مشوّهة، أو يستفزّ متظاهراً كي يتمكّن من لعب الدور الضحيّة. في النهاية، الحريّ بالإعلام أن يكون محايداً، وإن لم يكن محايداً أن يكون أخلاقياً على أقلّ تقدير.
وربّما الختام الأفضل هو ما قاله خالد: «يحاولون اتهامنا بمعاداة السامية وإظهارنا كحفنة من الهمج، رغم أنّنا ساميون، ورغم أنّ معنا يهوداً في المظاهرات يرفعون ذات شعاراتنا… إنّهم يريدون تشويه صورتنا بأيّ شكل».

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

المزيد

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات