مقالات الرأي

ماذا نفهم من التوتر الدبلوماسي السويدي-التركي الأخير؟ ... (مقال رأي)

ماذا نفهم من التوتر الدبلوماسي السويدي-التركي الأخير؟ ... (مقال رأي) image

Ahmad Alkhudary

أخر تحديث

Aa

ماذا نفهم من التوتر الدبلوماسي السويدي-التركي الأخير؟ ... (مقال رأي)

Foto Leo Sellén TT

للكاتب عروة درويش لصالح منصّة «أكتر» لأخبار السويد

إذا أردنا محاولة فهم ما حدث في التوتر الدبلوماسي الأخير بين السويد وتركيا، ولماذا تراجع أردوغان عن طرد السفير السويدي بعد عزمه على اعتباره شخصاً غير مرغوب فيه، فيجب أن نفكّر أبعد من الإعلانات الرسمية أولاً، وألّا نفكر بمعزل عمّا يحدث في أوروبا والعالم ثانياً لأننا لا نعيش في الفراغ.

لنبدأ بالتساؤل عن سبب حدوث هذا التوتير الدبلوماسي أساساً؟ وهل حقاً السويد مهتمة بحقوق الإنسان في تركيا حتّى تشارك في هكذا بيان؟ ولماذا تراجع السفير إذاً وأعلن التزامه بعدم التدخل؟ أجزم بأنّ حقوق الإنسان مجرّد عذر، فبمجرّد مراقبة محاولات الحكومة السويدية لترميم العلاقات مع «إسرائيل»، يمكننا أن نفهم بأنّ حقوق الإنسان وحمايتها هي في آخر اهتماماتها.

صقور وحمائم وواقعيون

حتّى نفهم ما يجري، علينا أن ندرك بأنّ في السويد – وبقيّة أوروبا– تيّارات سياسية متباينة المصالح:

  • لدينا تيّار «الصقور» يرى بأنّ مصلحة السويد هي مع الولايات المتحدة، وبما أنّ تركيا تتقارب أكثر مع خصوم الولايات المتحدة: روسيا والصين، فالتوتير معها ضرورة. وعادة ما يكون هؤلاء ممّن ترتبط مصالحهم بشكل جوهري مع الأمريكيين، وخاصة المصارف والبنوك العالمية الموجودة في السويد.
  • لدينا تيّار «الحمائم» الذين لا يريدون التدخل في النزاع بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، وبالتالي لا يهمهم إذكاء نار نزاع مع الجارة التركيّة. وغالباً هم من قطّاع الخدمات السويدي الذي يريد أن يستمرّ عمله مع الجميع بسلام.
  • هناك بينهما تيّار «الواقعيين» الذين يرون بأنّ مصلحة أوروبا أن تمضي في مسار خاصّ بها، يبتعد عن الولايات المتحدة التي تتراجع كقوّة عالمية، ويتراجع سوقها الاستهلاكي معها. وأن تمضي السويد نحو علاقات أفضل مع الصين وروسيا. وهؤلاء بأغلبهم هم القطاع الصناعي السويدي الذي يعتمد على الموارد الروسية والتعاون صناعياً مع الصين، وعلى السوق الصينية المتنامية ليزيد مبيعاته.

مشهد مسرحي افتراضي

كما قلت في البدء، علينا كي نفهم مايجري أن نبحث أبعد من الأخبار الرسمية. ولكن لعدم وجود ما يطلعنا اليوم على تسريبات حقيقية عمّا حدث، فأرى أن نمثّل مشهداً افتراضياً تتفاعل فيه التيارات الثلاثة السويدية (والأوروبية بالمثل كلّ بحسب خصوصيته)، فأوضح وجهة نظري من خلاله.

لكن أولاً دعوني اطلعكم على بعض الإحصاءات المفيدة:

  • الواردات من تركيا إلى السويد عام 2019 هي بقيمة 11,869,173,000 كرون معظمها سيارات، ومحركات سيارات، وأدوات صناعية أوليّة يتم إكمال صناعتها في السويد. 
  • صادرات السويد إلى تركيا بقيمة 12,557,241,000 كرون معظمها خامات حديد، وورق مقوّى وعادي ومغطّى بالكاولين، وخردة وأدوات حديدية.
  • الاستثمارات السويدية المباشرة في تركيا في 2018 هي بقيمة 2,726,469,450 كرون.
وزيرة خارجية السويد آنا ليندي

الآن لننهي بمسرحيتنا الافتراضية:

تيّار الصقور: تعالوا نفتعل مشكلة مع تركيا، قد تتحوّل إلى أزمة نرسمل عليها فيما بعد بشكل أو بآخر. أيّها السفراء، أصدروا بياناً مشتركاً لا قيمة فعليّة له، ولن يحقق شيء على أرض الواقع.

تيّار الحمائم: هذا خطأ، وقد يعرّض التعاون الاقتصادي بيننا وبين الأتراك للخطر. علاوة على أنّ أزمة من نوع ما لن تكون مفيدة للأعمال حكماً. لكننا لن نقوم بشيء سوى المراقبة الآن.

تيّار الواقعيين: يا جماعة تيّار الصقور: ألم يخطر في بالكم بأنّ الضغط على تركيا سيعني ذهابها أكثر ناحية علاقات أوثق مع روسيا والصين؟ يا تيّار الحمائم: هل تريدون تعطيل التجارة في الفترة التي نريد فيها إعادة الاقتصاد لمساره بعد الوباء؟ أيّها الصقور لا تبدؤوا الحرب ضدّ مصالحنا لأننا سنضطرّ لدخولها معكم. أيّها الحمائم قفوا معنا حتّى لا تتأزم الأوضاع.

تتفق التيارات السويدية على تهدئة الأوضاع.

أردوغان: أحاول أن أجعل تركيا تلعب دور الموازن بين الشرق والغرب، والأزمة مع أوروبا لن تكون مفيدة. لكنني لا أستطيع التراجع والسماح لهم بتهديدنا ولو اضطررت للمضي في قطع العلاقات مع الأوروبيين... (مستشار أردوغان يدخل): لقد تراجع السفراء وأعلنوا بأنّهم لن يتدخلوا في شؤوننا الداخلية... (أردوغان): الحمدلله الذي خلصنا من هذا المأزق... حسناً أصدر تصريحاً بأنني اعتبر الأمر كأن لم يكن.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©