سياسة

ماذا يعني انتهاء عصر الحياد بالنسبة للسويد؟

Aa

ماذا يعني انتهاء عصر الحياد بالنسبة للسويد؟

أجرى موقع The Local لقاء مع الأستاذة المساعدة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة لوند أنيكا بيرغمان للحديث حول انتهاء عصر الحياد وما قد يعنيه ذلك بالنسبة للسويد، فيما يلي نصّ اللقاء كاملاً.

من أين نشأ الحياد في السويد؟

يمكن إرجاع حالة الحياد السويدية إلى بدايات القرن التاسع عشر وفقاً لأنيكا بيرغمان، حيث قالت: "نشأت من بدايات القرن التاسع عشر حيث كان لدينا ملك مستورد من فرنسا يدعى جان بابتيست برنادوت والذي أصبح كارل يوهان... لقد كان هو الشخص الذي صمم على توجيه السويد بعيداً عن خوض حرب مع روسيا، والبحث عن المزيد من الهوية الغربية والشركاء الغربيين، حيث افترض أن الحياد ستكون المنصة التي ستمكّن السويد من القيام بذلك".

وأوضحت بيرغمان أن هذا التقليد الملكي حول الحياد بات مرتبطاً بنهاية المطاف في الديمقراطيين الاشتراكيين بالقرن العشرين، وقالت: "حينما أصبحت السويد دولة ديمقراطية لم يكن لدى الملك الكثير لقوله، ولذلك فقد أصبح هذا الأمر مثل تعويذة داخل الحركة الاشتراكية الديمقراطية بأن الحياد هو لمصلحة السويد".

وقالت إن الحياد كان سمة من سمات الاشتراكيين الديمقراطيين لدرجة أن تحولهم بمسألة الناتو يعد "مذهلاً للغاية"، وتابعت "ربما الشيء الأكثر إثارة للاهتمام بهذا الجدل كله هو أن الحياد جزء من الهوية الاشتراكية الديمقراطية على المسرح الدولي، كان مثل مادة لاصقة اجتماعية أبقت الحزب متماسكاً ومكنته من أن يفخر بنفسه... الكثير من المعلقين في الصحافة السويدية والإذاعة السويدية لديهم حيادية مرتبطة بالاشتراكيين الديمقراطيين، ولذلك يعد هذا الأمر تغييراً كبيراً وسيكون من المثير للاهتمام جداً أن نرى كيف سينتهي الأمر خلال السنوات القادمة".


 

كيف كان الحياد السويدي في القرن العشرين؟

قالت بيرغمان: 

تعرضت السويد بشكل جزئي لانتقادات بسبب احتفاظها بموقفها المحايد خلال الحرب، مما أتاح تصدير خام الحديد للأسواق الألمانية، وبطريقة ما أدت لاستدامة صناعة الحرب في ألمانيا.

رغم ذلك، فإن موقف السويد المحايد سمح لها أيضاً بدعم جيرانها خلال الحرب، وهو الأمر الذي كان مهماً بشكل خاص نظراً لأن السويد كانت تحدها قوات الحلفاء في النرويج والدنمارك من جهة، ومن قبل قوات المحور في فنلندا من جهة أخرى.

كما أن السويد استخدمت حيادها من أجل الحفاظ على علاقات مستقرة وداعمة مع جيرانها، لذلك يرتبط الحياد إلى حد كبير بجهود السويد لإيجاد حل وسط خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن بعد ذلك اتخذت منحى أممي وهو الجانب المثير للسلام والذي بات مرتبطاً إلى جد كبير بنشاط السويد على الصعيد الدولي.

وقد لعب الأمين العام للأمم المتحدة بين عامي 1953 و1961 داغ همرشولد أيضاً دوراً هاماً في تعزيز صورة السويد كقوات حفظ سلام محايدة في الخارج.

إذا نظرنا إلى داغ همرشولد خصوصاً، فغالباً يفترض أنه الأب لعمليات حفظ السلام الحديثة، وحقيقة أنه كان سويدياً وحمل الأمم المتحدة على المشاركة بشكل أكبر في عمليات حفظ السلام الدولية فقد بات جزئياً أيضاً ضمن جدول أعمال السويد ومرتبط ارتباطاً وثيقاً فيها.

وشاركت السويد في الكثير من عمليات حفظ السلام بقيادة الأمم المتحدة طوال فترة الحرب الباردة وحافظت على هذا النوع من النشاط بعد الحرب الباردة، ولذلك فإن السرد بكونها أمة محبة للسلام أعتقد أنه بات أقوى مع نشاط الأمم المتحدة وقيادتها.


 

هل كانت السويد محايدة فعلاً خلال فترة الحرب الباردة؟

ترى بيرغمان أن الحياد مسألة هوية أكثر مما تكون سياسة بالنسبة للسويد خلال فترة الحرب الباردة، وقالت:

نحن بحاجة إلى التفكير في الحياد على انه شعار وطني وعلامة هوية، لذلك فالأمر لا يتعلق بالسياسة فحسب وإنما بتعريف الأمة ونوع الأمة التي نطمح أن نكونها في السياسة العالمية.

هذا لا يعني أن السويد لم تنحاز إلى أي طرف خلال الحرب الباردة، حيث حافظت على علاقة وثيقة مع الغرب وهو الذي أرسى بعض النواحي الأساسية لسياسة الأمن السويدية الحالية.

وقد تم التعليق كثيراً على هذا الأمر خلال الشهرين الماضيين حيث أشار مؤرخون مثل بيتر إنغلوند مثلاً إلى علاقة السويد الوثيقة بالغرب والتي باتت أكثر قرباً حينما انضمت السويد إلى الشراكة من أجل السلام وهي إطار الناتو لغرس العلاقات مع شركاء مختلفين.

لذلك فالأمر مسألة حكم، ومن المهم التفكير في الحياد كشيء يحدد الهوية بقدر ما هو ممارسة سياسية.


 

ما أهمية الحياد وعدم الانحياز إلى السويديين وإحساسهم بالهوية؟

تعتقد بيرغمان أن الحياد بالنسبة للكثير من السويديين هوية كاملة تظهر بالمقدمة حينما تواجه السويد تغيرات كبيرة مثل القرار الأخير للانضمام إلى الناتو، وقالت:

أعتقد أنك إذا سألت رجل أو امرأة في الشارع خلال الحرب الباردة فمن المحتمل أن يكون للأمر بعض العلاقة مع فهم المرء لنوع السويد كدولة، وربما هذا جزء من سبب مناقشة موضوع حياد السويد على نطاق واسع خلال الأسابيع الأخيرة في سياق الانضمام إلى حلف الناتو من عدمه.

أعتقد أنها هوية كامنة موجودة، وفي الأوقات التي نواجه فيها تغييرات كبيرة سيكون هذا الأمر في المقدمة وسيتوقف الناس حقاً عن التعبير عن فهمهم للحياد، ولكن بالنسبة للبعض لا سيما لدى بعض الجماعات السياسية، كان الحياد مؤشراً على السويد كعنصر فاعل في مجال السلام باعتبار السويد أممية اشتراكية ديمقراطية في السياسة العالمية، أعتقد بسبب هذا الأمر يصبح الأمر أكثر حيوية خلال أوقات التغيير.


 

ماذا يعني القول بأن علامة الهوية هذه تختفي؟

أشارت بيرغمان إلى أن حياد السويد لم يتغير خلال الحرب الباردة فحسب، بل أيضاً عند العضوية في الاتحاد الأوروبي عام 1995، حينما تم استبدال الحياد السويدي بعدم الانحياز:

لقد اتخذ مفهوم الحياد الذي كان سائداً خلال الحرب الباردة شكلاً آخر وتغير بطبيعته بالتوازي مع عضويتنا في الاتحاد الأوروبي.

حل عدم الانحياز محل الحياد، وبعد دراسة ذلك لعدة سنوات أجد أنه من المثير للاهتمام جداً كيف تم الحفاظ على الحياد، ومرة أخرى كعلامة هوية سويدية، إنه شيء ساعدنا في تشكيل الأمة ذاتها الموجودة اليوم.

وأوضحت بيرغمان أن الشعور السويدي بالحياد قد اشتعل مجدداً في أعقاب الحرب بأوكرانيا: "كما قلت، يبدو أن يأتي ويختفي قليلاً، وفي الوقت الحالي مع كون الحياد نمط حياة وعلى جدول الأعمال الدولية مع الحرب في أوكرانيا، أعتقد أن الناس أعادوا استحضار والتفكير بشعورهم بانهم أمة محايدة".


 

المظلة النووية للناتو والسعي لنزع السلاح النووي

أوضحت بيرغمان أن أسلحة الناتو النووية وتاريخ السويد القوي بنزع السلاح النووي وتعزيز السلام يمكن أن يشكل مشكلة أيضاً بالنسبة للعديد من السويديين تجاه الانضمام إلى الناتو، وقالت:

يمكنني أن أتفهم إلى حد كبير تخوفات الناس، لا سيما أن السويد لديها تقليد طويل الأمد لتعزيز السلام والأمن والعدالة الدولية في السياسة العالمية.

غالباً ما يفترض الكثير من الناس أن كونك جزءاً من الناتو والمظلة النووية سيكون ضاراً بنشاط السلام في السويد، والخوف الوجودي من الانجرار حقاً إلى صراع يحتمل أن يستخدم به أسلحة نووية، هذا الأمر سيكون مخيفاً لأي دولة، وبالنظر لذلك فقد كانت الحكومة الحالية مصرة جداً على إخبار الناخبين بأننا لن ندخل أسلحة نووية على أراضينا.

وقالت بيرغمان أن هذا أحد الأسباب الذي يجعل من الانضمام إلى الناتو والسعي من أجل السلام يبدوان متناقضين بالنسبة للعديد من السويديين: "إن التفكير في السويد وهويتها الدولية يتعلق بدرجة كبيرة بمحاولة اتباع سياسات خارجية تقع ضمن طموحات سلام قوية، إنه تناقض بالمصطلحات بالنسبة للكثير من السويديين كما هو بالنسبة للعديد من أعضاء البرلمان أيضاً على الأرجح، وهو شيء كان علينا قبوله إذا أردنا الانضمام إلى الناتو".


 

هل ستستطيع السويد متابعة مسارها بنزع السلاح النووي؟

أجابت بيرغمان على هذا السؤال بأنه "من السابق لأوانه معرفة ذلك... وزيرة خارجيتنا آن ليندي وكذلك رئيسة وزرائنا، يخبروننا أنه لا يزال بإمكاننا العمل من أجل نزع السلاح النووي كعضو كامل العضوية في الناتو، ربما سيمكننا فعل المزيد داخل الناتو".

"وسواء أكان ذلك هو الحال أم لا فهذا أمر لا يمكن سوى للمستقبل إخبارنا به، فأعتقد أنه من الممكن بسهولة أن ننجر إلى الأعمال اليومية لحلف الناتو، وقد يتعين على مسألة نزع السلاح النووي أن تعود للخلف، لكن من السابق لأوانه معرفة ذلك".


 

هل هناك أية تخوفات حول ما إذا كان سيتم قبول السويد للانضمام إلى الناتو؟

رغم تهديدات تركيا الأخيرة بحجب الموافقة على محاولة السويد الانضمام للناتو ما لم تقم بتسليم أكثر من 33 شخص متهمون بالإرهاب بالنسبة لتركيا، لا ترى بيرغمان أن السويد ستعقد أي نوع من الصفقات حول تبادلهم بمقابل عضوية الناتو، وقالت: "أعتقد أن هذا الأمر يتعلق بتركيا في الوقت الحالي، ولكن يجب أن أتخيل أن أمريكا والرئيس جو بايدن قد يمارسان القليل من الضغط هناك".

وتابعت "لا أستطيع أن أرى أن السويد تقبل بأن يكون هناك بعض تبادل للمنشقين مع عضوية الناتو، وهذا سيكون مخالفاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان التي تفتخر بها السويد".


 

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©