سياسة
ماهر: حزب السوسيال أسوأ على المهاجرين من اليمين
Aa
ماهر: حزب السوسيال أسوأ على المهاجرين من اليمين
كثيرون اليوم يرون بأنّ حزب السوسيال ديموكراترنا (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) ليس حزباً ودوداً تجاه المهاجرين، وبأنّه وراء شعارات إخافة الناس من وصول اليمين، وعلى رأسهم المهاجرين، حقق الأغلبية ثمّ باع الناس لصالح اليمين. ماهر دبور، الناشط السياسي وعضو حزب السوسيال السابق، يشارك هؤلاء رأيهم. لنستمع لقصّة ماهر مع الحزب.
وصل ماهر، وهو فلسطينيّ الأصل، إلى السويد من لبنان في 1987. وكان معجباً بحزب السوسيال حتّى قبل مجيئه إلى السويد. يقول ماهر بأنّ السويد منذ أولوف بالمه (رئيس الوزراء من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تمّ اغتياله) كانت معروفة بأنّها دولة تضامن وتساند المستضعفين، وأنّ حزب السوسيال يحمل قيم اليسار السياسي، مثل المساواة بين طبقات المجتمع، ويهتمّ بالسلام وحقوق الشعوب المظلومة، ويعمل على الأخذ من الغني لإعطاء الفقير (سياسة روبن هون).
آخر الأخبار
لهذا انضمّ ماهر إلى حزب السوسيال، ولكنّه ضاعف نشاطه السياسي بحلول عام 2010 لأنّه بدأ يستشعر الخطر على المهاجرين من تصاعد اليمين المتطرف. لكن بدءً من عام 2014 بدأ يرى بأنّ حزب السوسيال لم يعد هو نفسه الحزب الذي انضمّ إليه، فقد تغيّرت قيمه وبدأ يتجه أكثر نحو ما يسمّى اليمين السياسي.
البعبع!
ترك ماهر حزب السوسيال بعد أن رأى بأنّ الحزب وقياداته لم يعودا أمينين على ناخبيهم، فبدؤوا بهدف الحفاظ على الحكم بالتحالف مع أحزاب يمينية (من معتقداتها مناهضة المهاجرين كمثال)، والذي تجلّى باتفاق يناير.
يقول ماهر: حزب السوسيال وافق على تمرير نقاط اليمين مقابل الحفاظ على السلطة، وتبريره منع وصول حزب سفاريا ديموكراترنا من الوصول إلى الحكم. وكما يقول ماهر: "خلقوا بعبع الـ SD وبدؤوا يخوفونا منه. تحوّل البعبع بعد ذلك إلى أسلوب عمل يبررون من خلاله كلّ انحراف لهم عن المبادئ والعمل الذي وعدوا الناخبين بها... ليصل بهم الأمر ليقبلوا بالحكم بموازنة يمينية".
يتابع ماهر: يستمرون بتهديدنا بالبعبع الـSD والمودراتس، ولكن ما الذي فعلوه هم؟ لننظر: إقامات مؤقتة، وتشديد الحصول على الإقامات، وتشديد لمّ الشمل...الخ وكلّ الأشياء التي تصعّب حياة المهاجرين هم من قاموا بها وليس حكومة يمينية! حكومة حزب السوسيال أعطى اليمين قوانين وتحولات لم تكن أحزاب اليمين لتتمكن من تمريرها لو كانت هي في السلطة، ليس أقلّها طلب الانضمام إلى الناتو.
لا نسمع ولا نرى!
كان ماهر ناشطاً هاماً في حزب السوسيال في مالمو، ولهذا فقد عمل على ضمّ الكثيرين إلى الحزب في الفترة ما قبل التحوّل. يتحدث ماهر عن أنّه تقدّم باقتراح للحزب لفهم مدينة مالمو. يشرح ماهر: "مالمو مدينة شابة يسكنها قرابة 110 آلاف أجنبي، وعلى من يريد تمثيلهم أن يسمعهم عبر جمعياتهم... لهذا مضينا أنا ورئيس الحزب في مالمو – خاصة أن حزب السوسيال هو من يحكم مالمو وعلاقة الناس العاديين والجمعيات مرتبطة بمجلس البلدية الذي يحكمه حزب السوسيال.
المفاجأة بالنسبة لماهر كانت عندما توقّف رئيس الحزب بعد فترة قصيرة عن الحضور، وبدأ يتهرّب من الحديث مع ماهر، ولم يعد يردّ على الاتصالات الهاتفية.
يتحدث ماهر: سأعطيكم مثال عمّا جرى أثناء الزيارة، قمنا بزيارة واحدة من الجمعيات النشطة التي تحوي عدد أعضاء 400 شخص، وتنظّم فعاليات رياضية وثقافية للشباب من التي نسمع دائماً بأنّها مطلوبة كي نبعد الشباب عن الجريمة. كانت المشكلة أنّ الجمعية غير قادرة على دفع إيجار المكان، وقدمنا اقتراح أن يتمّ منحها دعماً من أموال لجنة البلدية المخصصة لمثل هذه الأنشطة. لكن لم يتمّ هذا وتوقفت الجمعية وتشرّد أعضائها ولم يعودوا يجدون مكاناً يجمعهم غير الشارع...
يضيف ماهر: عندما نبحث عن المكان الذي تصرف فيه هذه الأموال نكتشف أنّ لها مساراً محدداً مسبقاً، وأنّ من يحاول أن يبني المجتمع وينشئ جمعيات مفيدة، لا أحد ينظر إليه. كنّا قد درنا وسمعنا من 12 جمعية وعدد كبير من الأشخاص عن هموم الناس ومشاكلهم. لكن يبدو أنّهم لم يهتموا بعواقب إهمال الناس...
مدينة منكوبة
يقول ماهر: عندما جاء حزب السوسيال لحكم مدينة مالمو كان عدد المناطق المهمشة (المنكوبة) اثنتان. اليوم هناك 6 على الأقل، ويمكننا حتّى اعتبار مالمو بأكملها منكوبة تعاني من العزل والتهميش والتمييز ما بين المناطق والمدارس، حيث يصل الأمر لأن يدرس الأطفال المهاجرين اللغة السويدية كلغة ثانية وليس كلغة أم.
يضيف: أين تمثيل العرب السياسي؟ هناك 63 ألف عربي في مالمو لا يوجد لهم ممثلين في اللوائح الانتخابية للحزب إلا امرأة واحدة من مجلس بلدية مالمو!
يردّ ماهر على الذين يتهمونه بالعرقية وبأنّ السويديين يمكنهم تمثيل العرب: لماذا لا توافقون على أنّ الرجل يمكنه تمثيل المرأة وتريدوننا أن نوافق على أنّ السويدي يمثل العرب؟ يمكننا قبول هذا في حال كان الوضع مساوياً وفيه عدل، ولكننا يتمّ التمييز ضدنا بشكل عنصري واضح، وإلّا لماذا يتمّ تمثيل أشخاص ومجموعات فقط لأنّهم من مجموعات عرقيّة محددة ولا سبب آخر لتمثيلهم، وهم أقلّ عدداً منّا؟ ألسنا من النسيج الاجتماعي؟
عندما سألنا ماهر: هل العرب فقط يتمّ التمييز ضدّهم؟ فأجاب: لا، هناك الكثير من الاعتبارات التي يجب أخذها بالحسبان. ولكن يمكن اختصارها بالتمييز ضدّ كلّ من ينتمي بأصوله إلى ما تسمّى بمنطقة MENA (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا). فهذا التعبير بديل بالنسبة لهم عن الإسلاموفوبيا والعربفوبيا والأفروفوبيا. ولا داعي للكثير من الإثباتات عن هذه النقطة، فما حدث بعد أحداث أوكرانيا قد كشف كلّ شيء.
لماذا؟
سألنا ماهر: لماذا المتحكمون بحزب السوسيال عنصريون هكذا؟ هل هناك من سبب لتحولهم إلى هذه العنصرية؟ قال ماهر: "سأجيبك بطريقة مختلفة ويمكنك لوحدك أن تستنتج الإجابة. كمثال: هناك في المجلس البلدي في مدينة مالمو أشخاص موجودون منذ 30 و24 و16 عام. وهناك سكرتارية في المدينة يحصلون على معاش وعلى تعويضات، ويدخلون أزواجهم وزوجاتهم، ويشترون أسهم...الخ.
يتابع ماهر: أنا اليوم أرى المجلس البلدي في مالمو مثل شركة عائلية وليس مجلساً منتخباً بالنيابة عن مواطنين وقاطنين وعن حزب يمثّل مصالح الناس. هؤلاء، سواء في مالمو أو في غيرها، من مصلحتهم عدم التغيير وألّا يجيء أحد جديد.
هؤلاء حولوا الحزب إلى: نقبل بك معنا في الحزب إن كنت تعلن الموافقة دوماً. يمكنك التعبير عن رأيك قدر ما شئت، ولكن عليك في النهاية أن توافق على ما تقرره إدارة الحزب.
لكن ماذا عن المهاجرين المترشحين في اللوائح الانتخابية؟ يقول ماهر: علينا أن ننتبه إلى رقم الترشيح، فهل يمكن لشخص رقمه 24 في الترشيح أن ينجح عن منطقة يخرج منها 4 مرشحين؟! نظرياً نعم، ولكن في التطبيق العملي لا.
مثالهم حزب عنصري آخر
يرى ماهر بأنّ حزب السوسيال ليسوا فقط سيئين، ولكن أيضاً غير خلاقين لدرجة أنّهم يقلدون الحزب العنصري الأكثر: الاشتراكيون الديمقراطيون الدنماركيون.
ففي مثال مشكلة السكن، يقول ماهر: بدل حلّ مشكلة السكن للناس العاديين، ذهبوا وبدؤوا بتعمير المساكن للأثرياء التي يصل إيجارها إلى 20 ألف كرون. وبدأ قادتهم يتحدثون عن إعجابهم بتجربة الحزب الدنماركي في مواجهة القضايا الإشكالية.
العزل المقصود
يرى ماهر بأنّ حكومة السوسيال أشرفت على العزل المنهجي للمهاجرين عن السكان الأصليين. أعطانا مثالاً الترابط داخل المدن الذي تمّت هندسته بشكل مقصود ليؤدي للانعزال. ففي مدينة مالمو التي يتشدق مجلسها بشعار: مالمو مدينة واحدة، كما يقول ماهر، منطقة سلوتستادن slottsstaden ومنطقة سودرفان södervärn يفصل بينهما 3 دقائق. لكن إذا ما أردت الذهاب من سلوتستادن إلى سودرفان فسيكون عليك أن تلفّ كامل المدينة كي تصل إليها.
عندما سألناه عن السبب لمثل هكذا تخطيط أجاب: لأنّهم لا يريدون لأهل سلوتستادن أن يختلطوا مع الناس التي تبيع الفلافل...
ينهي ماهر كلامه بالقول: المهاجرون اليوم أمام خيارات صعبة جداً إذا لم يكونوا واعين سياسياً. فضريبة ألّا يتعاملوا بشكل صائب مع المرحلة تعني أنّ عليهم أن يكتبوا رواية "موسم الهجرة إلى الجنوب"...