مجتمع

ما تزال أوروبا تعاني من فجوة الأجور بين الجنسين… ما السبب؟

Aa

ما تزال أوروبا تعاني من فجوة الأجور بين الجنسين… ما السبب؟

 

على الرغم من تأسيس الاتحاد الأوروبي على مبدأ المساواة بين الجنسين، إلا أن النساء في دوله ما زلن يكسبن في المتوسط 13% أقل من الرجال، ويُعزى السبب في ذلك إلى أعمال الرعاية غير المأجورة التي تقوم بها النساء. فقد شهد العالم في العام الماضي سلسلة من الأزمات المتفاقمة، مثل الكوارث الطبيعية والصراعات العنيفة وحركات نزوح على نطاق واسع، فضلاً عن جائحة كوفيد-19 العالمية والمستمرة حتى اللحظة، والتي أدت إلى تفاقم الضغط على مسألة التكافؤ بين الجنسين، حيث يدعو الأكاديميون الآن إلى الحاجة للبدء بدراسة تأثير أزمة الطاقة المستمرة في أوروبا على التفاوت في الأجور بين الرجال والنساء.

ما هي فجوة الأجور بين الجنسين؟

يُقصد بفجوة الأجور بين الجنسين، الفرق في متوسط ​​الدخل الإجمالي بين الرجل والمرأة، الذي غالباً ما يعتمد على الرواتب المدفوعة مباشرة للموظفين قبل احتساب ضريبة الدخل واشتراكات الضمان الاجتماعي. ووفقاً للتقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2022 فيما يخص الفجوة العالمية بين الجنسين، فإن الأمر سيستغرق 132 عاماً للوصول إلى التكافؤ الكامل وسد هذه الفجوة. ورغم تمتع أوروبا بثاني أعلى مستوى من التكافؤ بين الجنسين في العالم، إلا أن التقرير يُقّدر حاجتها إلى 60 عاماً على الأقل للوصول إلى التكافؤ الكامل.

ما سبب هذه الفجوة؟ 

أظهرت الدراسات على مر السنين أن الرجال يميلون إلى العمل في وظائف ذات رواتب أعلى ومخاطر أكبر، مثل البناء والتنقيب، أو العمل في قطاعي التمويل والتأمين. وعلى الرغم من  عمل النساء لساعات أسبوعية أكثر من الرجال، إلا أنهن يقضين ساعات أكثر في القيام بأعمال غير مأجورة، مثل رعاية الأطفال، ما قد يؤثر على اختياراتهن المهنية أيضاً، حيث تميل النساء إلى اختيار الوظائف ذات ساعات عمل أمرن أو أقصر، ما يُشكل عبئاً غير متكافئ عليهن فيما يتعلق بأخذ فترات راحة وظيفية مثل إجازة الأمومة وإجازة الرعاية بالأطفال. 

ما أهمية مساواة الأجور؟

يؤدي التفاوت في الأجور إلى التسبب بمجموعة من المشاكل للنساء، حيث تشمل العواقب المباشرة لهذا الأمر، ضعف الوصول إلى الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية والتعليم والأمن المالي، خاصة في السنوات المتقدمة من العمر. كما تؤدي بعض الآثار الأخرى إلى تفاقم المشكلة، مثل المسارات الوظيفية غير المتكافئة والفجوات في المعرفة المالية والفجوة الكبيرة في الوصول إلى موارد بناء الثروة، فضلاً عن الثروة المتراكمة مدى الحياة. الأمر الذي ينتج عنه تقلّد عدد أقل من النساء للمناصب القيادية، حيث تملك أقل من 8% من الشركات الكبرى في جميع أنحاء العالم مديرات تنفيذيات.

علاوةً على ذلك، فإنه يتم توظيف النساء في وظائف مؤقتة أو بدوام جزئي وبأجر منخفض بحيث تتيح لهن القيام بالأعمال المنزلية، ما يجعلهن غير مؤهلات للعديد من المزايا التي تطلبها الدولة والشركات فيها. فعلى سبيل المثال، لم تستطع العديد من النساء، خلال فترة انتشار الوباء في أوروبا، الوصول إلى دعم الدخل الممول من الحكومة، إذ لم يتم توفير خطط حماية لهن في قطاعات عملهن.

هل تمثّل نسب فجوة الأجور بين الجنسين ما هي عليه في الواقع؟

يعتقد الاقتصاديون أن فجوة الأجور تُعد نقطة انطلاق جيدة لفهم مدى التفاوت بين الجنسين في الاقتصاد. ولكن وفقاً لمدير اقتصاديات السوق الاجتماعية المستدامة في مؤسسة Bertelsmann، إريك ثود، فإن ذلك لا يُعد مقياساً جيداً لفجوة الأجور التراكمية على المدى الطويل.

يقول ثود: "بسبب فترات الراحة الوظيفية الأطول نسبياً والعمل بدوام جزئي أو قصير خلال حياتهن العملية، فإن النساء تملن إلى تحقيق مكاسب أقل بكثير من الرجال، وإذا قمنا بأخذ ما تخسره النساء خلال فترات الراحة هذه في الحسبان أثناء العمل بدوام جزئي، وقمنا بدراسة دورة الحياة الاقتصادية الشاملة، فسوف نخلص إلى أن النساء في ألمانيا يكسبن 40% أقل من الرجال بشكل تراكمي".

وأوضح ثود أنه "إذا لم تأخذ النساء أي استراحة لرعاية الأمومة أو الأطفال، فإن فجوة الأجور التراكمية بين الجنسين عبر دورة الحياة ستكون مماثلة للفجوة في الأجور الساعيّة التي تعتمدها المنظمات الدولية في كثير من الأحيان".

كيف تُعالَج المشكلة؟

يُعد الحصول على فرص متساوية في التعليم والعمل والمعاشات التقاعدية، خطوة ضرورية لتضييق فجوة الأجور بين الجنسين. كما يمكن اللجوء إلى تخفيف عبء أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر على النساء ما يسمح لهن بالحصول على مزيد من الوقت لإنجاز أعمال مدفوعة الأجر. فقد أظهرت دراسة تم القيام بها في السويد عام 2010 أن أجور الأمهات ارتفعت بنسبة 7% مقابل كل شهر إجازة أبوة.

هذا وتتمثل الاستراتيجية الرئيسية التي اقترحها البرلمان الأوروبي، بتطبيق قوانين تُلزم أصحاب العمل على التعامل بشفافية مع موظفيهم فيما يتعلق بالأجور. حيث صوّت البرلمان في أبريل/نيسان لصالح مطالبة شركات الاتحاد الأوروبي، التي تضم 50 موظفاً على الأقل، بالكشف عن معلومات تسهّل على الموظفين مقارنة رواتبهم للكشف عن أي فجوة في الأجور بين الجنسين في مؤسساتهم. وأثمر تطبيق مثل هذه اللوائح في بلدان مثل أيسلندا، التي نجحت بتغطية 90% من فجوة الأجور بين الجنسين في قطاعاتها. ورغم أن تحسين أجور النساء قد يكون أمراً لا تستسيغه جميع الشركات، إلا أنه قد يعود بفوائد اجتماعية واقتصادية عليها في نهاية المطاف. 

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مجتمع

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©