قراءة في الانتخابات السويدية المقبلةسيقوم رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين بالتنحي عن منصبه في شهر تشرين الثاني تاركاً المستقبل غير معروف حول من قد يأتي خلفاً له لتولي زمام الأمور في البلاد.حيث أعلن لوفين عن ذلك بشكلٍ مفاجئ رغم التأكيدات السابقة والمتكررة بأنه سيقود حملة الانتخابات العامة المقبلة، ويبدو أن أمر تنحيه قد كان سرياً للغاية لدرجة أن بعض وزرائه قد فوجئوا بهذا الإعلان.يعرف لوفين بقدرته على حل وتجاوز الأزمات واحدة تلو الأخرى، ولكن يبدو أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد وصل إلى ذروة قدرته على تحمل أعباء سبع سنوات في السلطة، والخسارة في التصويت على حجب الثقة هذا الصيف، ليكون الأمران ثقيلان جداً على فرصة قيادتهم لحملة انتخابية جديدة.سيقوم رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين بالتنحي عن منصبه في شهر تشرين الثانيإتاحة الوقت للقائد الجديدإن السبب المعقول لهذا الإعلان الآن هو إعطاء الوقت الكافي للزعيم الجديد لتأسيس نفسه والاستعداد قبل بدء الحملة الانتخابية في العام المقبل، فحتى لو كان لوفين يشعر أنه لديه الطاقة لخوض حملة انتخابية جديدة إلا أن المغامرة ق تعرضه للانتقادات المتكررة والطويلة لقيادته، ومن جهة أخرى فإن الأمر يتيح للاشتراكيين الديمقراطيين أن يركزوا بشكل أفضل على المستقبل عوضاً عن إخفاقات الماضي.ومن خلال مغادرته قبيل انطلاق الحملة سيتجنب لوفين من المسؤولية عن العديد من المشاكل التي جرت خلال فترة وجوده في السلطة، وأبرزها ارتفاع نسبة الجريمة المسلحة وارتفاع نسبة الوفيات من الوباء، حيث أن هذا لا يُرضي ديمقراطية بلدٍ تعمل بشكل جيد ومبنية على مبادئ محاسبة السلطة، وهي مسألة من المرجح أن يطرحها السياسيون خلال الانتخابات.إن الترجيحات حالياً تميل لصالح ولية عهد لوفين، ماجدالينا أندرسون، والسؤال حول إنجازاتها التي يتحدث الجميع عنها بعبارات إيجابية بصفتها وزيرة للمالية في السويد، سوف تتفوق على حقيقة أنها كانت جزءاً من الحكومة مثلما كان لوفين نفسه؟ أو إذا ما كان ظله سيمسّها؟ حيث أن هذا يعني أيضاً محسبتها على انتشار جرائم العصابات في الشوارع، والفشل بالاستجابة للوباء، والأزمات الحكومية المتتالية والخ.ويعتبر السويد بلداً مستقراً لا سيما من المنظور العالمي، ولكن أدت الفوضى السياسية خلال السنوات القليلة الماضية بجعل الناخبين السويديين قلقين، ويوجد داخل الحزب قلق كبير حول التنازلات العديدة التي قام الاشتراكيون الديمقراطيون بتقديمها وانحرافهم الملحوظ نحو اليمين، وهناك مخاوف داخلية من أن ماجدلينا أندرسون ستدفع الأمور ابعد من ذلك عوضاً عن إعادة توجيه الحزب مرة أخرى نحو يسار الوسط. إتاحة الوقت للقائد الجديدتوقعات لالانتخابات المقبلةسيحرز الحزب الاشتراكي الديمقراطي بشكل اوتوماتيكي العديد من نقاط الناخبين إذا اختار زعيمة له – كأول رئيسة وزراء في السويد – خاصة إذا تمكن هذا الشخص بخوض حملة انتخابية جيدة، ولكن فوز الاشتراكيين الديمقراطيين في الانتخابات العامة خلال الخريف المقبل يبدو بعيداً، حيث حقق الحزب أسوأ نتائج له في التاريخ الحديث خلال انتخابات عام 2018 بنسبة 28% من الأصوات، وفي استطلاعات الرأي التي أقيمت في عام 2021 تبين أن هذا الرقم قد انخفض إلى 24%، وقد كان ستيفان لوفين رئيس وزراء مثيراً للدهشة في بعض النواحي وقد أطلق عليه لقب "هوديني السياسة الأوروبية" من قبل صحيفة بولتيكيو لقدرته على الخروج عبر الزوايا الضيقة، ولكن ما يحتاجه الحزب الآن هو شخص مقاتل يمتلك رؤى وطاقة وعقلية معارضة ليعكس التيار ويعيد الأمور إلى نصابها.لكن بعد قرابة العقد من الزمن في منصب رئيس الحزب، فقد بات واضحا أن لوفين البالغ من العمر 64 عاماً لا يعتقد أنه مستعد للمهام المقبلة، ومن جهة أخرى، فإن الزعيمة الجديدة لحزب اليسار، نوشي دادجوستار البالغة من العمر 36 عاماً، والتي أسقطت رئيس الوزراء في تصويت حجب الثقة هذا الصيف، وتشد الناخبين الشباب بأعداد كبيرة لصالحها، تضرب بقوة.لربما كان لوفين قد نجح في تحقيق هدف حزبه بتفكيك الاتحاد اليميني في البلاد، تاركاً الحزب المعتدل والليبراليين وآخرين غيرهم في حالة فوضى حقيقية، ولكن لا يجب أن ننسى الصدع الهائل والمفاجئ بالعلاقة فيما بين الاشتراكيين الديمقراطيين وحلفائهم السابقين من حزب اليسار، بالإضافة إلى التوترات الشديدة بينهم وبين شركائهم في الحزب الأخضر، وبالتالي فيجب على خليفة لوفين أن يكون مقاتلاً ومعالجاً بنفس الوقت، أو على الأقل دبلوماسياً جيداً بمهارات عالية.