سياسة

ما هي مزايا انضمام فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلسي في ظل احتدام المنافسة

Aa

ما هي مزايا انضمام فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلسي في ظل احتدام المنافسة

ما هي مزايا انضمام فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلسي في ظل احتدام المنافسة

كانت المفاجأة الأولى للمجندين والضباط الفنلنديين المشاركين في التدريبات العسكرية التي استضافها الناتو في القطب الشمالي هذا الربيع هي هجوم مروحية تابعة لمشاة البحرية الأمريكية هبطت في حقل بجوار مركز قيادة الفنلندي المخفي.

إعلان / Annons

أما المفاجأة الثانية فكانت تسرب عمال الاتصالات بفيلق الإشارة الفنلندي وغيرهم من داخل مقرهم الميداني، وقاموا بإخراج مشاة البحرية الأمريكية (العدو المعين للفنلنديين في مناورة الناتو وأعضاء القوة الاستكشافية المحترفة والرائدة في أمريكا) في معركة إطلاق النار الوهمية التي تلت ذلك.

وصرح المقدم الفنلندي ميكو كوكا Mikko Kuoka، أنه بسبب التمويه المحترف في الثلوج الذي اتبعته القوات الفنلندية، لم يدرك الأمريكيون حتى أن مركز القيادة كان هناك أصلاً عندما هبطوا، وكتب كوكا المذهول من نتيجة الاشتباكات العشوائية، في مدونة لصحيفة The Associated Press: "بالنسبة لأولئك الذين سيشكون في حدوث ذلك بعد سنوات من الآن، هذا صحيح، حدث هذا الأمر بالفعل".

وما حصل في التدريبات، يؤكد لنا أن إضافة الناتو لفنلندا والسويد - ما يسميه الرئيس جو بايدن "حلفاؤنا في الشمال الأعلى" - سيجلب مزايا عسكرية وإقليمية لتحالف الدفاع الغربي. وهذا لأن الذوبان السريع للقطب الشمالي بسبب تغير المناخ يجعل المنافسات الاستراتيجية تطفو على السطح.

وذلك على عكس توسع الناتو في دول الاتحاد السوفيتي السابق التي احتاجت إلى تعزيزات كبيرة في العقود التي تلت الحرب الباردة، فإن التحالف سيجلب جيشين متطورين في حالة فنلندا، كونها دولة ذات تقاليد رائعة في الدفاع الوطني، وتقع كل من فنلندا والسويد في منطقة على أحد الخطوط الأمامية في أوروبا وأماكن لقاء مع روسيا.

FotoMindaugas Kulbis

وفي هذا السياق، اعتمدت فنلندا في دفاعها ضد العملية الروسية السوفيتية عشية الحرب العالمية الثانية على أحذية الثلوج والزلاجات، والخبرة بالتمويه في الثلوج والغابات، ونقل الأسلحة بواسطة حيوان الرنة.

وأدت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في أواخر فبراير/ شباط، إلى جانب تذكيره بشأن ترسانة الكرملين النووية واستدعائه المتكرر للمطالبات الإقليمية الواسعة الناشئة عن أيام الإمبراطورية الروسية، إلى تحفيز دول الناتو الحالية على تعزيز دفاعاتها الجماعية وجلب أعضاء جدد.

وكانت فنلندا حتى عام 1917 دوقية كبيرة في تلك الإمبراطورية، وتخلت السويد عن السياسات الوطنية القديمة المتمثلة في عدم الانحياز العسكري، وتقدموا بطلب للانضمام إلى المظلة النووية والتقليدية لحلف الناتو والانضمام إلى 30 دولة عضو أخرى في اتفاقية دفاع متبادل قوية، تنص على أن الهجوم على عضو واحد يعتبر هجوم على الجميع.

وبررت روسيا عمليتها في أوكرانيا التي تتطلع إلى الغرب على أنه رد فعل ضد حلف شمال الأطلسي والغرب، حيث قال إنهم يتعدون على روسيا أكثر فأكثر. وسيكون حلف الناتو الذي يضم فنلندا والسويد بمثابة توبيخ نهائي لحرب بوتين، مما يعزز التحالف الدفاعي في منطقة ذات أهمية استراتيجية، ويحيط روسيا في بحر البلطيق والمحيط المتجمد الشمالي، ويزدحم الناتو في مواجهة الحدود الغربية لروسيا لأكثر من 800 ميل إضافي (1300 كيلومتر).

وأكد الأمين العام السابق لحلف الناتو اللورد جورج روبرتسون George Robertson هذا الصيف: "قضيت أربع سنوات في فترة ولايتي في محاولة لإقناع السويد وفنلندا بالانضمام إلى الناتو، فلاديمير بوتين فعل ذلك في أربعة أسابيع فقط".

وكان بايدن جزءاً من المشجعين الأمريكيين والممثلين الحزبين لترشيحات البلدين. وتمنع التحفظات التي أعربت عنها تركيا والمجر من أن تكون موافقة الناتو سرية.

ومن جانبه، قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ Jens Stoltenberg هذا الشهر إن روسيا كانت في السنوات الأخيرة تعيد تسليح نفسها في الشمال بأسلحة نووية متطورة وصواريخ تفوق سرعة الصوت وقواعد متعددة، وهذه التهديدات والحشود العسكرية الروسية، تعني أن الناتو يعزز وجوده في الشمال.

وستجلب فنلندا والسويد أكثر من ذلك. لكنهم ليسوا معصومين عن الخطأ، حيث قلص كلا البلدين من حجم جيوشهما وقاما بتخفيض التمويل الدفاعي وإغلاق القواعد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ما أدى إلى تلاشي المخاوف بشأن الحرب الباردة، حيث لاحظ أحد النقاد أنه قبل خمس سنوات كانت قوة الدفاع الوطني السويدية الصغيرة بأكملها تساوي حجم إحدى ملاعب كرة القدم في ستوكهولم.

ولكن مع تزايد المواجهة بين بوتين، أعادت السويد التجنيد الإجباري وتحركت لإعادة بناء جيشها. وفي هذا الصدد، تمتلك السويد قوات بحرية مؤهلة وسلاح جوي عالي التقنية، ولديها صناعة دفاعية محلية مهمة مثل فنلندا، إذ تعتبر السويد واحدة من أصغر الدول في العالم التي تصنع طائراتها المقاتلة.

وفي الوقت نفسه، فإن قوة الدفاع الفنلندية لا يستهان بها.

في عامي 1939 و 1940، كانت هذه القوات الفنلندية الصغيرة المجهزة بتجهيزات مزرية والتي كانت تقاتل بمفردها في ما يسمى "بحرب الشتاء"، هي من جعلت الأمة واحدة من القلائل الذين نجوا من هجوم كامل شنه الاتحاد السوفيتي دون المساس بالاستقلال. وخلال فصل الشتاء القارس، خسر المقاتلون الفنلنديون الذين كانوا يرتدون أحياناً ملاءات بيضاء للتمويه وأحذية الثلوج ويتحركون بشكل خفي، بعض الأراضي لصالح روسيا لكنهم أجبروا الغزاة على الخروج.

وكان الفنلنديون مسؤولين عن مقتل حوالي 200000 مقاتل بين القوات الغازية مقابل خسارة ما يقدر بنحو 25000 فنلندي، وذلك حسبما ذكر إسكندر رحمان  Iskander Rehman، عضو في مؤسسة Henry A. Kissinger Center for Global Affairs.

وذلك ساعد في تغذية العقيدة الوطنية الفنلندية "sisu" بمعنى العزيمة والشجاعة. وأشار رحمان إلى أنه تم تجنيد قدامى المحاربين الفنلنديين في حرب الشتاء لتدريب الجيش الأمريكي على الحرب الشتوية.

وينص دستور فنلندا أن الدفاع الوطني واجباً على كل مواطن. وتقول فنلندا إنها تستطيع حشد قوة قتالية تقدر ب 280 ألف جندي، مبنية على التجنيد الإجباري وجنود احتياطيين مدربين على أكمل وجه ومجهزين بمدفعية وطائرات حربية ودبابات حديثة، معظمها من الولايات المتحدة.

ومن المرجح أن تزيد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من وجودهما حول بحر البلطيق والقطب الشمالي مع انضمام البلدين الاسكندنافيين.

حلفاء الناتو يحاصرون بحر البلطيق

ومن جانبه، قال زاكاري سيلدن Zachary Selden، المدير السابق للجمعية البرلمانية لحلف الناتو: "بمجرد النظر إلى الخريطة، إذا أضفت فنلندا والسويد، فإنك تقوم بتحويل بحر البلطيق بأكمله إلى بحيرة تابعة لحلف شمال الأطلسي مع وجود قطعتين صغيرتين فقط من روسيا تصطفان على جانبيها". وبطريقة مماثلة، ستصبح روسيا العضو الوحيد من خارج الناتو من بين الدول التي تطالب بأراضي القطب الشمالي، والعضو الوحيد من خارج الناتو في المجلس الأطلسي، وهو منتدى دولي من ثمانية أعضاء تم إنشاؤه لقضايا القطب الشمالي.

يتوقع سيلدن وجوداً أكبر لحلف شمال الأطلسي في دول البلطيق نتيجة لذلك، ربما مع وجود قيادة إقليمية جديدة لحلف شمال الأطلسي، مع التناوب العسكري الأمريكي، على الرغم من أنه من المحتمل ألا يكون أي قاعدة دائمة.

يرى محللون أن روسيا ترى أن وجودها العسكري في القطب الشمالي أمر حيوي لاستراتيجيتها الأوروبية، بما في ذلك غواصات الصواريخ الباليستية التي تمنحها القدرة على الضربة الثانية في أي صراع مع الناتو.

ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بشكل أسرع في ظل تغير المناخ مقارنة بالأرض ككل، مما يفتح المنافسة على موارد القطب الشمالي والوصول إليها مع اختفاء الجليد في القطب الشمالي.

قالت شيري غودمان Sherri Goodman، النائب الأول السابق لوكيل وزارة الدفاع الأمريكية، إن روسيا تبني أسطولها من كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية، بهدف مرافقة حركة النقل البحري التجارية المتوقعة في المستقبل عبر القطب الشمالي الذائب، "كطريقة لإنشاء طريق عبور هذا العبور".

وتشير غودمان إلى التهديدات المستقبلية التي سيحتاج حلف الناتو إلى التعامل معها مع انفتاح القطب الشمالي، مثل نوع القوات الغامضة غير الرسمية التي استخدمتها روسيا في شبه جزيرة القرم وفي إفريقيا وفي أي مكان آخر، وزيادة خطر وقوع حادث بحري نووي روسي يصعب التعامل معه.

وقال المحللون إن استراتيجية الناتو ستدرج بشكل متزايد الميزة الاستراتيجية التي ستجلبها فنلندا والسويد لمثل هذه السيناريوهات.

وكتب نظير كوكا الأمريكي في تمرين الناتو في القطب الشمالي هذا الربيع، الملازم البحري رايان جوردينير Ryan Gordinier في رسالة بريد إلكتروني تم توفيرها من خلال المتحدثين باسم البحرية، أنه أعجب هو ومشاة البحرية التابعة له بقدرة المشاة الفنلندية على الوصول إلى مواقع لا يمكن الوصول إليها وكل ذلك سيراً على الأقدام وبأحذية الجليد وعن طريق التزلج، والتحرك دون أن يلاحظ أحد حتى.

وأضاف: "ذلك جعلنا نقف وقفة احترام لهم" وأي خصم سيفعل ذلك أيضاً.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - سياسة

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©