مقالات الرأي

متى ستنتهي الحرب في أوكرانيا؟

Aa

متى ستنتهي الحرب في أوكرانيا؟

متى ستنتهي الحرب في أوكرانيا؟ عروة درويش

مقال رأي للكاتب عروة درويش لصالح منصّة "أكتر"... 

على الجميع اليوم أن يُبقوا أخبار الحرب في أوكرانيا مركز اهتمامهم، فخلف تأثيرها المباشر على أسعار الوقود والغذاء والتضخم وغيرها، تشهد البشرية اليوم نقطة تحوّل حاسمة في مسار المستقبل بين طرف يقول بأنّ نظاماً عالمياً جديداً يتشكّل، وطرفٍ يدافع عن النظام العالمي الحالي. لكن من سينتصر في الحرب، ومتى ستنتهي؟

قبل قرابة القرنين من الزمن، لخّص المنظّر والجنرال الألماني/البروسي كارل فون كلاوزفيتز مسار الحروب، فقال بأنّها تبقى مستعرة حتّى:

  1. تنهار القدرات العسكرية لأحد الأطراف المتحاربة،
  2. لا يتمكن أحدٌ من الأطراف المتحاربة من تحقيق تقدّم هام في الميدان،
  3. تصبح التكاليف على أطراف الحرب كبيرة جداً، ولا يحقق استمرار الحرب إلّا إنهاك الأطراف.

روسيا ضدّ...؟

من الغفلة والسذاجة أن يعتبر أيّ شخص اليوم بأنّ الحرب في أوكرانيا هي بين القوات الروسية والأوكرانية، فالجميع يعلم وبشكل علني بأنّ الولايات المتحدة ومن يقف في صفّها هم الذين يحاربون القوات الروسية باستخدام قوات أوكرانيا التي تساندها مجموعات المتطوعين، والمرتزقة.

اليوم، ورغم سيطرة القوات الروسية على مدينة ماريوبول، يمكننا أن ندرك بأنّها لم تقترب من تحقيق هدفها المعلن «تحييد القدرات العسكرية الأوكرانية والتخلّص من النازيين». وعلى الطرف الآخر، ورغم الإمدادات العسكرية الأمريكية والغربية السخيّة لكييف، لا يمكنهم الادعاء بأنّهم انتصروا على القوات الروسية، أو كما يودّ الإعلام الغربي القول: «أوقعوها في مستنقع لا خروج منه».

استنتاج منطقي

الثورة البرتقالية الملونة التي قامت في أوكرانيا في ٢٠٠٤، والتحضير الأمريكي لضمّ أوكرانيا وجورجيا إلى حلف الناتو في ٢٠٠٨، كانا بالنسبة للروس إشارة على أنّ مصالحهم الاستراتيجية في خطر شديد لا يمكن تجاهله.

بالنسبة للروس، بدءاً من دخول جورجيا في ٢٠٠٨، وضمّ القرم في ٢٠١٤، بات استخدام الأدوات العسكرية أمراً لازماً ولو أدّى ذلك إلى فتح جبهات أكبر.

بالعودة إلى ما قاله كلاوزفيتز، فأنا أستبعد أن تنهار القدرات العسكرية لأحد طرفي الحرب في المستقبل القريب، خاصة وأنّ مجمّع الصناعات العسكري الأمريكي باتت أرباحه أعلى من أيّ وقت مضى «راجعوا أرباح وأسهم لوكهيد-مارتن ورايثون صانعي ستينغر وجافلين»

يبقى خياران

يبقى لدينا خياران: الأول عدم تمكّن الطرفين من تحقيق انتصارات هامة في الميدان، وهو أمر إذا ما أخذنا الأهداف المعلنة لروسيا والغرب، فلا يبدو أنّ أحدهما سيحققه عمّا قريب.

لكن إذا ما نظرنا إلى الخيار الثالث: أن ترتفع تكلفة الحرب على الطرفين بشكل كبير، يمكننا أن نحاول تقدير زمن للحرب، أو على الأقل النظر إلى من سيخسر أولاً وسيتلقى ضربة أكبر.

إذا ما أردت الابتعاد عن التفاصيل من أجل تجنّب الإطالة، يبدو أنّ الخاسر الأكبر في هذه الحرب سيكون جزءً من الطرف الغربي، وأقصد أوروبا بالتحديد.

كلّما طال أمد الحرب، كلّما ارتفعت الأسعار، وواجهنا أزمات اقتصادية متنامية في أوروبا، والتي بدورها قد تقود إلى أزمات اجتماعية. قد تتلقى الولايات المتحدة ضربات كبيرة، وروسيا بالتأكيد ليست هانئة بعد العقوبات عليها، لكنّ أوروبا ستكون هي الخاسر الأكبر من إطالة أمد الحرب.

بعد إعلان روسيا إيقاف إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا بسبب عدم دفعهما بالروبل كما اشترط الروس، بدأت الكثير من الشركات الأوروبية تتخذ إجراءات جديدة، فقد أعلنت بعض وسائل الإعلام قيام شركة إنيا الإيطالية بفتح حساب بالروبل بانتظار موافقة السلطات الإيطالية، وذلك رغم رفض الشركة التعليق على الأمر.

باعتقادي، رغم أنّ لا أحد يمكنه التنبؤ تماماً بما سيحدث، سيكون ارتفاع تكاليف الحرب على الغرب، وخاصة أوروبا، عاملاً هاماً في تقرير المسار المستقبلي. 

للأسف، وهو ما لايمكن لمحلل للأوضاع التحكّم به، من يدفع ثمن ارتفاع التكاليف هي الشعوب، وهي ليست في واقع الحال من تختار الاستمرار بالحرب...


قد يهمّك أيضاً قراءة المقالات التالية للكاتب، حصريّاً لمنصّة "أكتر":

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©