حصل المصوّر اللبناني الأصل محمد أسعد على جائزة "مسابقة أضواء نوبل lights week Nobel"، عن صورته التي تمثّل تركيباً فنيّاً ضوئياً لما يجري داخل الكمبيوتر العلمي. وكانت الصورة قد نجحت في تخطي 400 صورة مشاركة في المسابقة التي ينظمها متحف نوبل للمرة الثالثة. فمن هو محمد أسعد، الشخصية الناجحة من أصل مهاجر في السويد؟ وما هي العقبات التي واجهته في طريقه إلى النجاح؟ستوكهولم تعني لي الكثيريعيش محمد أسعد في السويد منذ 2014، وتحديداً في ستوكهولم، والتي يقول بأنّها بلده الثاني. يستمتع محمد بالحياة في ستوكهولم، فهي تعني له الكثير. يقول: "استمتع كلّ يومٍ باكتشاف شوارعها، ومعالمها الأثريّة، وهندستها المعماريّة، وأتماهى مع روح المدينة في بردها القارص وجمالها الصيفي. في كلّ رحلة تصويرية أقوم بها، أرى هذه الحسناء الشقراء بعين مختلفة".بين الهواية والاحترافيعمل محمد كمصوّر ثابت في مؤسسة OUT ZOOM برس، ولكنّه يعمل أيضاً كصحفي مستقل لدى العديد من القنوات والصحف السويدية والعالمية. كما أنّه منتسب لنقابة الصحفيين السويديين، ويدرس التصوير في مؤسسة ABF التعليمية.لكنّ محمد أكثر من مجرّد مصوّر محترف، فهو مصوّر موهوب يهوى التصوير. ربّما ساعده في ذلك ميلاده في بيئة فنية، حيث بدأ التصوير وهو بسنّ السابعة، ملتقطاً صورته الأولى باستخدام كاميرا والده هادفاً لإعداد تقرير لمجلّة "ماجد" للأطفال عن الطبيعة في لبنان.دفعه شغفه للتصوير واستمتاعه به إلى دراسة الإعلام. يقول بأنّ الهدف من الدراسة كان: "أن أثقّل وأمزج بين الموهبة والاختصاص. ساعدني على ذلك والدي الذي عمل كمصوّر صحفي لدى أهم المؤسسات الإعلامية في الشرق الأوسط".الفوز المتوقّععندما سألتُ محمد عمّا إذا كان يتوقّع الفوز بالجائزة، أجاب: "أشعر بالفخر والرضا بعد المجهود الذي بذلته للحصول على الجائزة. أشكر كلّ من وقف جانبي وساندني للفوز".هذه ليست المرة الأولى التي يفوز بها بجائزة دولية. ففي عام 2014 تم اختياره بين أفضل عشرة متحدثين في بطولة قطر الدولية لمناظرات الجامعات. ثمّ في عام 2015 حصل على شهادة تقدير من مكتب الدولة للشؤون التعليمية والثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية عن برنامج إعداد القادة. ونال الميدالية الذهبية من اتحاد المصورين العرب (مقرّه الإمارات العربية المتحدة) تقديراً لأعماله في معرض "ورود" الذي أقامه في ستوكهولم. وتمّ اختيار محمد كواحد من 15 صحفياً من أصل 193 للإنضمام إلى أحد أهم البرامج االعالمية في السويد برعاية من كبرى المؤسسات الإعلامية كالـ NEWS BONNIER ،SVT و Schibsted و Fojo. اضافة الى الكثير من شهادات التقدير المحلية منذ بداية مسيرته المهنية لغاية اليوم. الصورة الفائزةالطريق ليس معبّداً دوماً بالورودعند سؤال محمد عن أبرز الصعوبات التي واجهته في السويد فيما يخصّ مهنته، شرح بأنّ التصوير في السويد له خصوصيته: "ففي فصل الصيف تكون الشمس ساطعة جدّاً ولون الطبيعة مُشبع بالضوء، ممّا يؤدي إلى اختفاء الظلّ في الصورة، والظلّ داخل الصورة يعطيها حياة وروح، لذلك استعمل قدراتي في معرفة تقنيات الكاميرا لإنتاج عملٍ كاملٍ متكاملٍ".بالمقابل يشرح عن صعوبات التصوير في الشتاء، فالتصوير في درجات حرارة منخفضة ما دون الصفر، يتطلّب صبراً وقدرة كبيرة على التحمّل لالتقاط المشهد، إضافة إلى قصر وقت النهار وغياب الشمس، والاضطرار في أغلب الوقت إلى الخروج في تصوير ليلي: "ومن المعروف أن التصوير في ضوء منخفض هو من أصعب الأمور التي تواجه المصوّر، لكن مع وجود المعرفة اللازمة، والأدوات المناسبة، تتمّ المهمة بنجاح، وهذا ما حدث معي تماماً في الصورة التي فازت في مسابقة أضواء نوبل".تعبير عن التفاؤل والأمليقول أسعد عن الصورة التي فازت بالجائزة بأنّ فكرتها: "أخذت مجهوداً كبيراً، فقد وقفتُ أمام المشهد أكثر من مرة ولوقت طويل، حتّى قررت كيفيّة التقاط الصورة وبأيّ تقنية وعمّا تعبر، وأنّ السواد في عمق الصورة يعبّر عن المجهول الذي يحيط به الضوء الآتي من أطراف الصورة، ليمثّل بذلك الأمل والتفاؤل".عندما طلبتُ منه أن يشرح لي الأمر، بوصفي شخصٌ يتذوّق الجمال ولكن غير قادرٍ على فهم آليات صنع الصورة بشكل احترافي، قال: "صورة اضئ الظلام Light the Darkness، كما أسميتها، هي صورة تعبّر عن التفاؤل والأمل. إنّ السواد في عمق الصورة يعبّر عن المجهول والغموض، بينما يدلّ الضوء المحيط بأطراف الصورة، اللون البنفسجي والأزرق، على الأمل، والوضوح، والصفاء، والهدوء والبصيرة. أمّا انعكاس سقف الصورة على أرضيتها فيدلّ على التوازن والاعتدال. هذه الصورة تحفة فنية نادرة، شكلت انعطافا مميزاً في مسيرتي المهنية".في الختام.. نبارك لمحمد أسعد الجائزة، ونتمنى له أن يحقق أكثر، ففي نهاية المطاف، وحتّى إذا ما تغافلنا عن كونه عربيّ من أصل مهاجر في السويد، أيّ جزء من مجموعتنا التي نتمنى لها النجاح، فهو فنانٌ يضيف للإرث الفني البشري أشياء تستحق أن تُضاف.