مستقبل الطلاب المهاجرين في خطر: تحديات التعليم العالي السويدي image

عروة درويش


4 دقائق قراءة

أخر تحديث

مستقبل الطلاب المهاجرين في خطر: تحديات التعليم العالي السويدي

أخبار-السويد

Aa

طلاب السويد مهاجرين

مستقبل الطلاب المهاجرين في خطر: تحديات التعليم العالي السويدي

تحت وطأة التحديات الاقتصادية التي تعصف بقطاع التعليم العالي في السويد، وتوثر على الطلاب والمعلمين المهاجرين، تقف برامج إعداد المعلمين أمام مفترق طرق يهدد جودتها وقدرتها على تلبية احتياجات الطلاب، خصوصاً من خلفيات مهاجرة. في محاولة لفهم أبعاد هذه الأزمة واقتراح حلولٍ ممكنة، تواصلتُ مع إلسا برلين (Elsa Berlin)، نائبة رئيس اتحاد الطلبة الوطني السويدي (SFS)، التي قدمت رؤية شاملة عن تأثير هذه التحديات على التعليم، ودور التمويل والسياسات في تجاوزها. عبر هذا المقال، نسلط الضوء على آرائها حول الإصلاحات الضرورية لضمان بيئة تعليمية عادلة وشاملة للجميع.

التأثير على تعليم المهاجرين

تعاني جودة التعليم المقدم للطلاب المهاجرين من تأثير مباشر بسبب القيود الاقتصادية المفروضة على برامج إعداد المعلمين في السويد. وفقاً لإلسا برلين، نائبة رئيس اتحاد الطلبة الوطني السويدي (SFS)، فإن الوضع المالي للمؤسسات التعليمية يؤدي إلى انخفاض واضح في الوقت الذي يقضيه الطلاب مع معلميهم. في المتوسط، يحصل الطلاب على 11 ساعة تعليمية فقط في الأسبوع، وأحياناً أقل من ذلك بالنسبة لبرامج إعداد المعلمين، مما يجعل من المستحيل تقريبًا توفير وقت أكبر للتدريس أو تقديم دعم نوعي ومتكيف مع احتياجات الطلاب. هذه الإحصاءات تعززها تقارير أوروبية تظهر أن الطلاب في السويد يحصلون على أقل وقت تعليمي مباشر مقارنةً بالمتوسط الأوروبي البالغ 16 ساعة أسبوعيًا.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه برامج إعداد المعلمين تحدياً آخر يتمثل في التوجيهات السياسية المكثفة والمفصلة التي تحدد محتوى هذه البرامج. هذا الكم الكبير من المتطلبات يجعل من الصعب على المؤسسات التعليمية تقديم تعمق كافٍ في المناهج أو تخصيص وقت كافٍ للجوانب التعليمية التي يشعر الطلاب بأنها الأكثر أهمية لهم. تشير دراسات أخرى إلى أن هذه التفاصيل السياسية الدقيقة تحد من مرونة المؤسسات التعليمية في تخصيص الوقت والموارد بما يتناسب مع الاحتياجات المتنوعة للطلاب.

المعلمين من خلفيات مهاجرة

تؤكد إلسا أنّ "الأشخاص من خلفيات مهاجرة يظهرون ميلاً أكبر لمتابعة التعليم العالي مقارنة بالمجموعات الأخرى، حيث تتراوح نسبتهم بين 35% و40% في معظم برامج إعداد المعلمين." هذا التأكيد مدعوم ببيانات من مكتب الإحصاءات السويدي (SCB)، التي تشير إلى أن 26% من الطلاب الجدد في الجامعات خلال العام الدراسي 2020/2021 كانوا من خلفيات مهاجرة، مما يعكس زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات السابقة. كما أظهرت دراسة من هيئة التعليم العالي السويدية (UKÄ) أن الطلاب من خلفيات مهاجرة يميلون إلى متابعة التعليم العالي بمعدل أعلى مقارنة بمجموعات أخرى.

على الرغم من هذه المشاركة الكبيرة، تشير إلسا إلى تحديات قد تواجه هؤلاء الطلاب في المستقبل، حيث تقول: "الحكومة أعلنت عن نيتها رفع متطلبات الدرجات للقبول في برامج إعداد المعلمين. إذا تم تنفيذ هذا الاقتراح، سيصبح عدد أقل من الطلاب مؤهلاً لدخول هذه البرامج، مما قد يعرقل دخول العديد من الأشخاص من خلفيات مهاجرة إلى المهنة." يأتي هذا في سياق إعلان حكومي رسمي يعلن بأنّ هدفه تحسين جودة التعليم عبر رفع معايير القبول لبرامج إعداد المعلمين Lärarutbildningar.

وترى إلسا أن الحل يكمن في زيادة التمويل المخصص لكل طالب Anslagen per student، وتضيف: "نحن نطالب بمضاعفة التمويل لكل طالب في برامج إعداد المعلمين. فبدون هذا الدعم، لن يتمكن الطلاب من استكمال دراستهم بنجاح، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه التعليم العالي اليوم".

احتياجات متنوعة

تشير برلين إلى أهمية تعزيز قدرات المعلمين الجامعيين لتلبية الاحتياجات التعليمية المتنوعة للطلاب، وخاصة الطلاب من خلفيات مهاجرة. تقول: "نريد أن تتحمل المؤسسات التعليمية مسؤولية أكبر لضمان حصول جميع المعلمين الجامعيين على تدريب أساسي في أساليب التعليم والتدريس. هذا التدريب Högskolepedagogisk utbildning يمنحهم المعرفة اللازمة للتعامل مع جميع الطلاب بغض النظر عن احتياجات المجموعة الطلابية".

وتضيف إلسا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب زيادة التمويل للمؤسسات التعليمية، وتشدد على أن "هذا النوع من الدعم المالي ضروري لضمان أن يكون المعلمون مستعدين للتعامل مع التنوع بين الطلاب بفعالية".

طلاب في أوبسالا

إلى جانب ذلك، ترى إلسا أنّ زيادة التمويل المخصص لكل طالب هي الخطوة الأهم لدعم برامج إعداد المعلمين. وتقول: "زيادة التمويل أمر لا مفر منه. لقد تضاعفت التكاليف أكثر من مرتين خلال الثلاثين عاماً الماضية، بينما لم يتم رفع مستوى التعويضات بما يتناسب مع هذه الزيادة".

كما تدعو إلى تقليل التفاصيل التنظيمية الدقيقة التي تحكم برامج إعداد المعلمين. وتوضح: "تحتاج المؤسسات التعليمية إلى مرونة أكبر للتركيز على الجوانب الأكثر أهمية في التعليم. هنا يلعب تأثير الطلاب دوراً كبيراً؛ حيث تختلف الاحتياجات، والطلاب هم الأكثر دراية بما يتطلبه الوضع لتحسين العملية التعليمية".

دور اتحادات الطلاب

تلعب اتحادات الطلاب، بما في ذلك اتحاد الطلبة الوطني السويدي (SFS)، دوراً حاسماً في ضمان حصول جميع الطلاب على تعليمٍ عالٍ جيدٍ يكون متاحاً وملائماً للجميع. تؤكد إلسا برلين أن "اتحادات الطلاب تعمل على مراقبة مستوى التعليم والتأكد من أن الطلاب يحصلون على الدعم اللازم". وتشير إلى أن "التمويل المخصص لكل طالب قد انخفض بشكلٍ كبيرٍ خلال الثلاثين عاماً الماضية، مما أدى إلى تقليل الدعم المقدم للطلاب".

بالإضافة إلى ذلك، تعمل اتحادات الطلاب على تعزيز الشمولية والمساواة داخل المؤسسات التعليمية. تقول إلسا: "للأسف، يواجه الطلاب من خلفياتٍ مهاجرةٍ تمييزاً أكبر مقارنةً بالطلاب الآخرين. وهنا يأتي دور اتحادات الطلاب في الضغط على المؤسسات التعليمية لتحسين سياساتها في منع التمييز، وتقديم الدعم اللازم للطلاب الذين تعرضوا له".

وترى إلسا أن هذه الجهود ضروريةٌ ليس فقط لضمان توفير بيئةٍ تعليميةٍ عادلةٍ، بل أيضاً لتمكين جميع الطلاب، وخاصة ذوي الخلفياتِ المهاجرةِ، من تحقيق إمكاناتهم الكاملة في التعليم العالي.

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

المزيد

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات