"أكتر" السويد بالعربي... خلافاً لما حدث في الحلقات الأولى من الجزء الأول من مسلسل حارة القبة عندما توقّع المشاهدون أن تكون فكرة المسلسل «نسخ ولصق» من حبكة مسلسل ليالي الصالحية، بسبب أمانة أبو سهيلة لأبو العز. لكن بدا أنّ الناس كانت تترقّب الجزء الثاني قبل عرضه، ولم يخب أملها بحلقاته المعروضة حتّى وقت كتابة هذا المقال.تمكنت المخرجة رشا شربتجي من وضع بصمتها بشكل واضح على نصّ المؤلف أسامة كوكش، وتحديداً عبر ممثلتها المعتادة سلافة معمار التي تلعب دور زهرة أمّ العز. والمسلسل، سواء بجزءه الأول أو الثاني هو بمثابة عودة موفقة للمخرجة شربتجي كانت نهاية الجزء الأول المشوقة موفقة – لحظة فتح صندوق الأمانة الحاسمة – سواء من قبل المخرجة أو الكاتب، بما عاد على الممثلين بالفائدة لتسلسل القصة.مفهوم جديد للشام!من الأشياء التي قال البعض بأنّ المسلسل يتمتّع بها بشكل خاص – رغم أن البعض انتقد الأمر ذاته – هو عرضه البيئة الشامية بشكل مختلف عم مسلسلات مثل باب الحارة أو ليالي الصالحية، وكذلك الريف الشامي بشكل مختلف عن نصار ابن عريبي.ففي حارة القبّة هناك تفاعل حياتي أكثر تطوراً. كما أنّ إظهار التناقض بين الحارات الشامية المغلقة، حيث بدأت المشاكل في منزل أبو العز بسبب اكتشاف طبنجة الحب السري بين ابنة أبو العز وجارها، وريف الشام الأكثر انفتاحاً، ولكن أكثر قهراً بسبب حكم الإقطاع (غازي بيك في الجزء الأول) كان له أثره ضمن سياق السفربرلك.عاطفة شديدةيمكن القول بأنّ مسلسل حارة القبة قد تفوّق على نفسه في الحلقة الرابعة من الجزء الثاني، في مشهد البداية عند اعتراف أبو الريح بالتسبب بمقتل رضوان ابن أم العز وأبو العز، وخلفيته الموسيقية التي يجب شكر مسؤول التوزيع الموسيقي سعد الحسيني عنها، من المشاهد المؤثرة بجميع المعاني الدرامية.كان الممثلون قادرين على الوفاء لأدوارهم: عزو غاضب كما ينبغي، وصبحي يبعده عنه كما يجب أن يكون دوره، وأبو العز يمسك به وينتظر إجابة من أمّ العز (التي لا تزال مشاركتها في الجزء الثالث من المسلسل من عدمه خبراً متأرجحاً إعلامياً).ثمّ... وبتمثيلها الفائق الروعة، تسامح أمّ العز القاتل الذي يأخذ دوره الفنان ذي الشخصية المحببة والخُلق الشخصي المتواضع كرم الشعراني، الذي يعدها وهو سعيد بأنّه سيقضي حياته في أنّه سيكفّر عن ذنبه ويدعو لها بالعزّة من الله.كانت هذه الخاتمة لتكون جميلة لو ذهب أبو الريح في حال سبيله، مع نظرات أبو الأحلام المتصلة بالجزء السابق عندما حاول أبو الريح بمساعدة طبنجة قتله، لكنّها لم تكن لتصبح جدليّة كفاية ضمن مسلسل درامي.لهذا يقوم أبو العز، وبشيء من محاول شفي الغليل، بإطلاق النار على أبو الريح بعد أن قال له: أنا ما سامحتك.معضلة أخلاقيةفي اللحظات القليلة التي كان يسقط فيها أبو الريح ويموت، من كان محقاً: أم العز في مسامحتها، أم أبو العز في ثأره؟ في الحقيقة، لا أحد من فريق "أكتر" يمكنه الإجابة عن هذا السؤال، أنتم فقط من يمكنه الإجابة على هذا السؤال.لكن رغم ذلك، لا يمكننا اعتبار "حارة القبة" مسلسلاً كاملاً، فمشاهد مثل «الخناقة» أو «الهوشة» التي يصرخ فيها طبنجة في ختام الحلقة الثانية، وبداية الثالثة، بأنّ عرض أبو العز مفضوح، وقيام سمير بتهديد طبنجة، وما استتبعه من محاولات أبو العز فهم مسألة «السطوح» في الطاحون، قد أصبحت ممجوجة، والمبالغات بها تعجب المتابعين من الأطفال، ولكنّها تضجر البالغين.في الختام... ودون الضياع بالتفاصيل، تمكّن الجزء الثاني من حارة القبّة حتّى الآن من الحفاظ على عناصر الجذب والدراما الناجحة التي كانت موجودة في الجزء الأول، على أمل متابعة ما بقي بالوتيرة نفسها، والعودة لمناقشة الأحداث معكم مرّة أخرى.فريق "أكتر" يتمنى لكم مشاهدة ممتعة ورمضان كريم...