في مدينة خوليفتو Skellefteå الهادئة في شمال السويد، يواجه مصنع البطاريات الضخم التابع لشركة Northvolt عاصفة من الشكوك والقلق بعد سلسلة من الوفيات الغامضة التي هزت المجتمع وأثارت تساؤلات جدية حول سلامة بيئة العمل في المصنع.أربعة وفيات في عام واحدفي بداية العام 2024، بدأت الشكوك تتصاعد بعد وفاة ثلاثة موظفين في ظروف غامضة. هؤلاء الموظفون كانوا قد أنهوا نوبات عملهم في مصنع Northvolt قبل أن يُعثر عليهم ميتين في منازلهم. وكانت هذه الوفيات بلا تفسير واضح، حيث لم تسفر الفحوصات الطبية الأولية عن تحديد سبب محدد للوفاة. ثم جاءت وفاة رابعة في يوليو 2024، عندما غرق حامد رضا، أحد الموظفين، في حادثة بدت للوهلة الأولى عادية، ولكنها انضمت إلى قائمة الوفيات الغامضة بعدما فشل التحقيق في تحديد سبب دقيق للوفاة.محمد حامد سامي، ابن عم حامد رضا، تحدث بصوت مفعم بالألم والحيرة قائلًا: «حامد كان بصحة جيدة ولم يكن يعاني من أي مشاكل صحية معروفة. من غير المعقول أن يموت غرقًا وهو سباح ماهر. نحن نريد حقائق وتحقيقًا شفافًا».يقول المسؤولون في المصنع بأنّهم يتبعون جميع القوانينتضارب التصريحات بين الشركة والشرطةمع تصاعد القلق، بدأت الأصابع تُشير نحو المصنع وظروف العمل فيه. ورغم أن الشركة لم تتأخر في الرد على المخاوف، إلا أن تصريحاتها لم تُرضي الجميع. أصدر ماتّي كاتايا Matti Kataja، مدير الاتصالات في Northvolt، بيانًا قال فيه: «لقد تلقينا تأكيدًا من الشرطة بأن الوفاة التي يشيرون إليها هي حادثة غرق مأساوية وقعت خارج وقت العمل. نعتقد أنه من المهم أن تكون الشرطة واضحة بشأن هذه التفاصيل لتجنب أي تكهنات تزيد من القلق وتغذي الشائعات».ولكن على الجانب الآخر، كان للشرطة رأي آخر. أعرب باتريك أوستروم Patrik Åström، قائد التحقيق في الشرطة، عن قلقه قائلاً: «ما يثير القلق في هذه الحالات هو أن الأشخاص الذين توفوا كانوا في حالة صحية جيدة، ولم نتمكن من تحديد سبب واضح للوفاة حتى الآن. هذا الأمر يحتاج إلى تحليل دقيق، ونحن لا نستبعد أي احتمال».تحقيقات بيئية وأكاديميةفي ظل هذه الشكوك، تدخلت هيئة بيئة العمل السويدية (Arbetsmiljöverket) وبدأت سلسلة من التفتيشات والتحقيقات في المصنع، بعضها كان غير معلن عنه. قالت مادلين واثتر Madeleine Wather، رئيسة قسم في الهيئة: «قررنا إجراء تفتيش غير معلن في أغسطس بسبب الأحداث التي وقعت في المصنع، بالإضافة إلى المعلومات التي تلقيناها من وسائل الإعلام ومن جهات أخرى. نريد أن نتأكد من أن جميع الإجراءات الأمنية مطبّقة بشكل صحيح».في الوقت ذاته، بدأت أصوات من الأوساط الأكاديمية تدعو إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة. كانت كارين بروبري Karin Broberg، أستاذة الطب البيئي في جامعة لوند، من بين أولئك الذين طالبوا بإغلاق المصنع مؤقتًا. وقالت في تصريح قوي: «إذا لم نتمكن من تحديد سبب الوفيات، يجب أن نوقف العمل فورًا. لا يمكن أن نخاطر بحياة المزيد من العمال بينما لم نتمكن بعد من فهم ما يجري». نورثفولت منشأة كبيرة حصلت على قرض بقيمة مليار في 2020قلق العمال والمجتمع المحليبالنسبة للعمال في Northvolt، فإن الجو في المصنع بات مشوبًا بالتوتر والخوف. أحد العاملين الذي فضل عدم ذكر اسمه، قال: «العمل هنا لم يعد كما كان. الجميع يتحدث عن تلك الوفيات ويشعر بالخوف من أن يكون هناك شيء خاطئ في المصنع، شيء لا نعرفه».حتى سكان خوليفتو Skellefteå، الذين رحبوا في البداية بالمصنع باعتباره مصدرًا جديدًا للوظائف والازدهار الاقتصادي، بدأوا يشعرون بالقلق. يوهان أندرسون Johan Andersson، أحد سكان المدينة، قال: «نحن نفهم أن الحوادث يمكن أن تحدث في أي مكان، ولكن عندما تتكرر دون تفسير، فهذا يدعو للقلق. نريد أن نعرف ما الذي يحدث بالفعل في مصنع Northvolt».ماذا بعد؟في الوقت الحالي، لا تزال التحقيقات جارية. تعمل الشرطة بالتعاون مع خبراء من هيئة الطب الشرعي لإجراء تحليلات كيميائية موسعة قد تكشف عن وجود مواد سامة ربما تعرض لها الموظفون في المصنع. لكن النتائج النهائية لهذه التحليلات قد تستغرق وقتًا طويلًا.من جهة أخرى، تؤكد إدارة Northvolt أن سلامة الموظفين هي أولوية قصوى وأنهم ملتزمون بالتعاون الكامل مع السلطات. إلا أن الغموض الذي يحيط بهذه الوفيات يستمر في إلقاء ظلاله على سمعة الشركة وعلى الأمان الشخصي لأولئك الذين يعملون في المصنع.ختم محمد حامد سامي حديثه بنبرة محبطة: «ما نريده هو الحقيقة. فقدنا حامد ولا نريد أن يفقد أحد آخر حياته بسبب شيء قد يكون من الممكن تجنبه. يجب على الجميع أن يتعاونوا لكشف ما يحدث».لا تزال التحقيقات جارية في خوليفتوفي الختام…تظل قضية الوفيات في مصنع Northvolt في خوليفتو Skellefteå لغزًا مفتوحًا يحتاج إلى حل. ومع استمرار التحقيقات، يترقب الجميع بفارغ الصبر النتائج التي قد تضع حدًا لهذا القلق المتزايد، وتعيد الثقة المفقودة في سلامة العمل في المصنع.