Aa
Foto Jonas Ekströmer/TT
مقال /نقاش عام _ منصّة «أكتر» أخبار السويد
تعاني المهاجرات في السويد من التهميش في سوق العمل، لأسباب تعود إلى الطبقة والجنس والعرق. يجعل الوضع الجنسي للمهاجرات بوصفهن نساء، مقترناً بوضعهن العرقي كغير سويديات، من دخولهن إلى سوق العمل ضعيفاً بشكل كبير. من هنا يمكننا القول بأنّ المهاجرات يعانين من تمييز مزدوج: أولاً لأنّهن نساء، وثانياً لأنهنّ مهاجرات.
يتم إجبار الكثير من النساء المهاجرات في السويد، اللواتي كنّ يتمتعن بمركز اقتصادي-اجتماعي رفيع في بلادهن الأصلية، إمّا على البقاء بلا عمل، أو العمل في مهن لا تحتاج إلى مهارات.
كما لا يتم تطبيق برامج فاعلة لتعليم وإدماج المهاجرات الأميّات في سوق العمل «قامت الصحفية كاتارينا يونارسون في 2003 بإحصاء المهاجرات الأميات، وكان عددهن يفوق 1200 امرأة. ولا يوجد حتّى الآن إحصاء علنيّ دقيق لعدد المهاجرات الأميات في الوقت الحالي. لكن إذا ما أخذنا الزيادة بين 2017 و2019 في عدد الواصلين إلى السويد دون تعليم أو بمستوى متدني من التعليم، فقد كانت الزيادة 61%، من 9700 إلى 15700 إنسان. فإذا أردنا القيام بحسبة خاصة بنا، مع افتراض أنّ نسبة النساء من المهاجرين هي 48%، سيكون عدد النساء من هؤلاء 7536 امرأة بتعليم متدني أو بدون تعليم نهائياً.
آراء بحثية متعددة حول مشكلة واحدة
- تذهب بعض الأبحاث للقول بأنّ المهاجرات، وخاصة ذوات الأصول والملامح غير الأوروبية، عرضة للإساءة والتمييز بسبب الأحكام المسبقة المتعلقة بالهياكل الاقتصادية للبلدان اللواتي يأتين منها. بمعنى أنّه غالباً ما يُنظر إليهن كربات منازل متدنيات المعرفة، وتقليديات، وغير متكافئات ولا مستقلات. تدفع هذه الصورة المعممة المشوهة السوق إلى اعتبار هؤلاء النسوة احتياطي عمالة للوظائف منخفضة الأجر، كمجال الرعاية الصحية.
- بينما تذهب دراسات أخرى إلى أنّ المشكلة أعمق من أفكار رائجة، وبأنّ الأفكار الرائجة نفسها هي صناعة مؤسساتية راسخة في سوق العمل السويدي، تعتمد فيما يخصّ المهاجرات على تنظيم فحوى هذه الأفكار ونشرها ودعمها بهدف إدامة واقع شروط العمل السيئة، وتحديداً هيكل الأجور المتدنية. وبأنّ تكوين هذه الأفكار يقصد لوم المهاجرات على وضعهن، بحيث يتهرب صانعو السياسات من مسؤولية تغيير هذا الواقع.
- تشرح بعض الآراء البحثيّة بأنّ هذا الأمر متأصل في السياسة السويدية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كان الهدف خدمة السوق وليس المجتمع. كمثال، كان يتم الحديث عن «استيراد العمالة الأجنبية» كأنهم سلعة وليس أشخاص، وبأنّ استخدام مصطلح «العمالة المستوردة» في البرلمان السويدي من قبل ممثلي البرجوازية، والاشتراكية-الديمقراطية، يدلّ بشكل واضح على هذا التوجه.
- ويرى البعض بأنّ الاختلاف في تحديد المشكلة بين تصنيف ذاتي وموضوعي يسهم في الأمر. فحصول المهاجرة على عمل لا يتوافق مع مزاياها ومؤهلاتها يعني أنّها غير مندمجة ذاتياً. بينما يعني ذلك من الناحية الموضوعية أنّها مندمجة. لكنّ التصنيف الموضوعي يصبح دون جدوى عندما يتعلق الأمر بشروط العمل السيئة، مثل اضطرار معظم المهاجرات العاملات إلى إبقاء الهاتف بحوزتهن حتّى في غرف النوم ليكنّ موجودات متى طلب ربّ العمل، ناهيك عن الأجور المنخفضة والأعمال غير الثابتة.
- تحاول بعض الدراسات تقصّي تأثير مشكلة تعلّم اللغة والاندماج الثقافي، ولكنّ هذه الدراسات نفسها تظهر حالات تعلّم فيها المهاجرون اللغة بشكل أكاديمي ممتاز، ورغم ذلك واجهوا مشكلة في الحصول على عمل يرونه لائق. وقد أكدت دراسات أخرى أنّ تعلّم النساء والمهاجرين عموماً للغة وإتقانها لم يعزز من قوتهم التفاوضية واستمروا بالمعاناة من التهميش.
- بينما تقصّت الدراسات مسألة الإجراءات الإدارية والبيروقراطية على المسألة، فتبيّن بأنّها تؤثر بشكل كبير على إيجاد المهاجرين عموماً لعمل وإدماجهم في المجتمع، والنساء ضمنهم.
الأسباب الأكثر شدّة
راجعت إحدى الدراسات مجموعة كبيرة من التقارير التي تحاول اكتشاف سبب تهميش المهاجرات في سوق العمل، وخرجت بأنّ المعيقات متعددة، ويمكن تقسيمها من حيث شدّة التأثير إلى ثلاثة مستويات:
- تشريعات سوق العمل (سبب شديد)
- تدابير سياسة سوق العمل (سبب ضعيف)
- التمييز (سبب شديد)
- الوضع الاقتصادي (سبب شديد)
- الدافع (سبب ضعيف)
- المعارف (سبب شديد)
- العنصرية (سبب متوسط)
- نظام التأمينات الاجتماعية (سبب متوسط)
- مهارات اللغة (سبب شديد)
- رأس المال البشري السويدي (سبب شديد)
- التدريب (سبب شديد)
مالذي فعلته الحكومة لتدمج المهاجرات في سوق العمل؟
يعود آخر استجواب للحكومة من قبل البرلمان بشأن وضع المهاجرات في سوق العمل إلى 2014، أي قبل موجات طلب اللجوء الكبيرة التي حدثت في 2015 وتالياً. ولكنّها كانت جلسة شديدة الأهمية بسبب الأسئلة التي طرحتها النائبة عن حزب اليسار في حينه أمينة كاكاباوه، على وزيرة العمل السابقة إيلفا يوهانسون، والنقاشات التالية.
تمحورت المساءلة في حينه حول الإجراءات والمبادرات التي ستتخذها الحكومة لتعزيز إدماج المهاجرات في سوق العمل، والإجراءات التي ستتخذها من أجل مواجهة التمييز وعدم الشفافية بالتعامل معهن.
أعلنت الوزيرة في حينه عن توجيهات لعدد من السلطات، وعن دراسات ستتمها جامعة ستوكهولم، الأمر الذي دعا النائبة عن حزب اليسار إلى الرد بأنّ هناك الكثير من الدراسات، والكثير من التوجيهات، وأنّ الأمر يعتمد على تبني الحكومة لنتائج هذه الدراسات من حيث تخفيف الإجراءات، والإدماج التعليمي.
الحلّ كان برأي النائبة عن حزب اليسار: استثمار أوسع في القضايا المتعلقة بعمل المهاجرات، واستثمارات محددة منفصلة في التعليم والتدريب المهني. وكما عبّرت: «الأدوات السياسية هي التي يمكنها تحقيق الأمر».
بعض الطروحات
قدمت الدراسات التي اقتبسنا عنها تشخيص المشكلة، بعض الحلول لها، منها:
- الاستثمار بشكل أوسع في المؤسسات التعليمية والثقافية القادرة على التأثير في إزالة الصورة النمطية عن كون جميع المهاجرات ينتمين لمجموعة متجانسة واحدة، بينما يتم النظر إلى السويديات كنساء مختلفات ومتمايزات وفقاً لدرجات تعليمهن وبيئتهن ومهاراتهن.
- إنشاء سوق تمهيدي خاص بالمهاجرين، ومن بينهم المهاجرات بما يراعي احتياجاتهن، وذلك بالتنسيق مع البلديات والمجتمعات المحلية.
- تغيير النظام الذي يميّز ضدّ النساء عموماً في سوق العمل، وتعزيز دور التجمعات النقابية القادرة على الضغط على أرباب العمل كي يتوقفوا عن التمييز.
- الاستثمار في تدريب المهاجرات مهنياً أكثر من التركيز على تعليمهن اللغة والأمور غير المتصلة بالعمل. في واحدة من الدراسات تبيّن بأنّ من أصل 111 امرأة تمّ منحهن الاختيار بين تلقي تدريب مهني أو الحصول على إعالة والعودة إلى الأعمال المنزلية، اختارت 6 نساء فقط العودة إلى المنزل، واثنتان اختارتا التقاعد لأنّهما تشعران بالإرهاق، بينما أرادت بقية النساء التدرّب والحصول على وظيف أفضل.