أخبار السويد

مقال رأي: التمييز العرقي السويدي الذي لا يتجرأ على الظهور

مقال رأي: التمييز العرقي السويدي الذي لا يتجرأ على الظهور image

Ahmad Alkhudary

أخر تحديث

Aa

مقال رأي: التمييز العرقي السويدي الذي لا يتجرأ على الظهور

البروفيسور كريستيان كريستينسين  أستاذ الصحافة في قسم الدراسات الإعلامية بجامعة ستوكهولم

كتب البروفيسور كريستيان كريستينسين  أستاذ الصحافة في قسم الدراسات الإعلامية بجامعة ستوكهولم حول التمييز العرقي الموجود في السويد، وقال إن جميع مناقشات الاندماج ستبقى سطحية إن لم نتطرق للحديث عن التمييز العرقي في السويد بشكلٍ صريح، وقد جاء ذلك بعدما قامت صحيفة Dagens Nyheter بنشر قصة توضح أن موظفي الصحة يسمحون لمرضاهم باختيار أطباء من أصول سويدية لتلقي العلاج منهم.

هناك أشياء قليلة تلحق الضرر بالصورة الوطنية الذاتية، لكنها وفي الوقت نفسه تولّد حالة دفاعية تلقائية عن المصالح الوطنية، كالاتهامات بوجود تمييز بنيوي.

كريستيان كريستينسين  أستاذ الصحافة في قسم الدراسات الإعلامية بجامعة ستوكهولم

غالباً ما يتم تفسير العنصرية والتمييز الجنسي وكره الأجانب على المستوى الفردي بأنها مشاكل شخصية أو بوصفها "استثناءات تُثبت صحة القاعدة"، في حين يجري إنكار الأدلة بوجود تمييز واضح ومستمر داخل المؤسسات الاجتماعية العامة والخاصة بتعصبٍ أعمى، ولا يمكن التغاضي عن ذلك بوصف الأمر على أنه مجرد تفاحاتٍ فاسدة تضرّ بالصورة الوطنية.

إنّ قضية التمييز العرقي البنيوي في السويد قد كانت محط نقاش ساخن على مدى الأسابيع القليلة الماضية.

فقد تحدث ضابط الشرطة نديم غزالة عن تجربته المهنية بشكل مطول في الإذاعة السويدية قبل أسبوعين، وقال في حديثه أنه سُئل من قبل زملائه عمّا إذا كان وُظف كحصّة بسبب أصوله كمهاجرـ وبعبارة أخرى يقصد بهذا السؤال أنه قد تم تعيينه لزيادة التنوّع، وأشار غزالة إلى أنه إذا ما كنت مهاجراً أو امرأة في الشرطة السويدية فستضطر إلى العمل بجدية أكبر لإثبات نفسك أمام زملائك من الرجال البيض، وتابع: "إذا كنت رجلاً أبيضاً، وسويدياً، وميولك الجنسية طبيعية، فستكون بالفعل جزءاً من حالة التحاصص، ولذا مباركٌ لك، لقد ربحت أبسط الطرق"

ضابط الشرطة نديم غزالة 

لقد قوبل القول بأن الرجال السويديين البيض والطبيعيون بميولهم الجنسية يتمتعون بحياة مهنية أسهل برد فعلٍ عنيف، حيث أنكر النقاد والسياسيين المحافظين وعدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وجود تمييز بنيوي في السويد، وقد جادلوا بأن كل دولة تحتوي عنصريين بداخلها... ولكن القول بأن السويد قد كانت ولا تزال كل شيء آخر عدا التمييز هو ببساطة غير صحيح ويعبر عن حالة عماء... لقد غرّد أحد السياسيين من الحزب المعتدل السويدي قائلاً إن "الرجال البيض السويديين" هم من بنوا الأمة "بدمائهم وعرقهم"، ليقوم بحذفها في وقتٍ لاحق.

وبعد بضعة أيامٍ من النقاش الواسع حول تعليقات غزالة قامت صحيفة Dagens Nyheter السويدية بتفجير قصة جديدة تشرح بها بالتفصيل حالة التمييز البنيوي الواسع النطاق ضمن المكاتب الطبية ومكاتب صحة الأسنان بقطاعيها العام والخاص في جميع أنحاء السويد، بعدما كشفت عن حالات متعددة لمرضى قاموا برفض تلقي العلاج من موظفين من غير البيض وفضحها، وقد قررت الصحيفة أن تفتح تحقيقاً حول كيفية التعامل مع هذه الطلبات من قبل المرضى على المستوى الوطني، ليقوم الصحفيون بالاتصال بمكاتب الصحة المحلية متنكّرين على أنهم مرضى قد انتقلوا إلى المنطقة للتو.

وطلب (المرضى) خلال اتصالهم بأن يتلقوا العلاج من قبل أطباء وأخصاء أسنان "سويديو العرق"، وبشكل مثيرٍ للقلق تماشى الأطباء وأخصاء الأسنان مع أكثر من نصف هذه الطلبات العنصرية الواضحة ضمن المراكز التي يوجد بها تنوع بالموظفين، ووعدوا المتصلين أنه بإمكانهم الحصول على متخصصين من "العرق السويدي" أو "ذوي البشرة فاتحة اللون" لمعالجتهم، أو أسدوا نصائحهم حول كيفية تجنّب الموظفين الذين لا يناسبون مطالبهم.

وطلب (المرضى) خلال اتصالهم بأن يتلقوا العلاج من قبل أطباء وأخصاء أسنان "سويديو العرق"

وبقدر ما هذه الأمور مزعجة، إلا أن تجربة غزالة الشخصية، وقصة Dagens Nyheter، لا يعدان شيئاً جديداً، ففي عام 2018 قام التلفزيون السويدي بنشر قصة عن المعاملة العنصرية للموظفين في الصيدليات السويدية، وكيف أن العديد من المدراء إما رفضوا بشكل تام أو قبلوا الطلبات العنصرية المقدمة من زبائنهم، ورغم كل هذه القصص المتكررة من الموظفين العاملين في أنواع وقطاعات عمل مختلفة، فلا تزال حالة الإنكار على المستوى الوطني ككل بوجود تمييز بنيوي ملحوظة.

وما هو أهم من ذلك بالطبع، هو أن هذه القصص تشير إلى وجود قبول واسع للعنصرية والتمييز التي يجب مواجهتها بشكلٍ علني، وهذه القصص ترتبط بقضايا رئيسية أخرى كثيراً ما تجري مناقشتها في السياسة والمجتمع السويدي، وبشكل رئيسي: "التحاصص" و"الاندماج".

إحدى أكبر الانتقادات الموجهة ضد جهود تنويع المؤسسات والشركات السويدية عبر التوظيف هو أنها تتعارض مع المثل الأعلى بالمجتمع والقائم على "الكفاءة" فقط، ولكن رغم ذلك فإن هذه الحجة تستند إلى الخرافة التي تقول بأن المرشحين الآتين من خلفيات أقلية يكونون أقل تأهيلاً من المرشحين من غير الأقليات، وتستند إلى خرافة أخرى تقول بأن أماكن المهن متاحة لجميع الموظفين بغض النظر عن لون البشرة أو الأصول العرقية

إحدى أكبر الانتقادات الموجهة ضد جهود تنويع المؤسسات والشركات السويدية عبر التوظيف هو أنها تتعارض مع المثل الأعلى بالمجتمع

.ومع التذكير بقصة الصحيفة، حيث كان الموظفون في المراكز الصحية يقدمون حرفياً نصائح للمرضى حول كيفية تجنب الأطباء وأخصائيو الأسنان غير البيض، فمن السذاجة الاعتقاد ضمن هذه الظروف بأن أماكن المهن هنا لا تميل بشكل كبير لصالح الأطباء البيض، ومن السذاجة الاعتقاد بأن مثل هذه الممارسات ليست موجودة في العديد من المجالات المهنية السويدية الأخرى.

نسمع مراراً وتكراراً عبارة "فشل الاندماج" فيما يتعلق بمجتمعات المهاجرين في السويد، ولكن يجري تفسير هذا الفشل بمعظم الحالات على أنها نتيجة سياسة سيئة أو جهد قليل من قبل المهاجرين أو السببين معاً... ولكن مجدداً، تشير القصص الواردة في هذا المقال إلى وجود عامل ثالث يؤثر على عملية الاندماج ولا تجري مناقشته: التمييز.

فحتى عندما يكون المهاجرون، أو أطفالهم، متعلمون جيداً ويريدون بالفعل الدخول إلى سوق العمل فإنهم يواجهون التمييز على أساس أسمائهم أو مظاهرهم فقط، مما يعزز المقولة القائلة بأنه مهما أقدم هؤلاء السكان والمواطنون على فعله فلن يتم قبولهم ابداً كأعضاء كاملين ومتساوين ضمن المجتمع السويدي.

مع اقتراب انتخابات عام 2022 ستتخذ قضايا التمييز والاندماج مساحة أكبر وأوسع في النقاشات العامة، وموضوعة الاندماج التي عادة ما يجري طرحها بوصفها طريق من جهة في واحدة، هي في الحقيقة طريقُ من اتجاهين، وعلى أي حال فستظل هذه المناقشات سطحية وعلى المستوى الفردي، ولن تجري معالجة قضية التمييز البنيوي إن لم يجري التحدث عن هذا الأمر بصراحة وصدق.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©