قبل أيام، كنت أتحدث مع أطفالي عن سبب هجرتنا إلى السويد، وكيف أننا هربنا من القتل والدمار، بحثاً عن الأمان. لكن اليوم، أجد نفسي عاجزاً عن شرح ما حدث، بل أتساءل: هل سأضطر يوماً إلى أن أخبر أطفالي أننا هربنا من القتل مرة أخرى، لكن هذه المرة من السويد؟ تعيش السويد بأكملها حالة من الصدمة بعد وقوع أسوأ حادث إطلاق نار جماعي في تاريخها. ومع ذلك، تحاول السلطات بسذاجة، التقليل من أهمية الدوافع الأيديولوجية للجريمة. رغم وضوحها. الجاني رجل سويدي أبيض، استهدف مدرسة يدرس فيها الكثير من المهاجرين. وقد نشرت قناة TV4 تسجيلاً صوتياً للهجوم، يُسمع فيه شخص يصرخ ”ni ska bort från Europa” بمعنى يجب أن تغادروا أوروبا قبل إطلاق النار. وبحسب المعلومات التي نشرتها صحيفة أفتونبلاديت، نقلاً عن مصدر مطلع، فإن الجاني امتنع عن إطلاق النار على بعض الأشخاص، بينما استهدف آخرين عمداً، مما يوضح أن الهجوم لم يكن عشوائياً. اقرأ أيضاً: «يجب أن ترحلوا عن أوروبا».. تفاصيل صادمة عن منفذ هجوم أوربرو، ماضيه ورسائله الأخيرة استهداف ممنهج للمهاجرين ما حدث في أوربرو لم يكن مجرد جريمة معزولة، بل حلقة جديدة من سلسلة متصاعدة من العنف العنصري الذي أصبح أكثر وضوحاً في السويد. لقد استهدف القاتل أشخاصاً يشبهونني، نحن المهاجرين، الذين يتم تشويه صورتنا وشيطنتنا في الخطاب السياسي والإعلامي. أصبحنا اليوم أهدافًا مباشرة للكراهية، لكن البعض ما زال يحاول إنكار الحقيقة، ويشككون في الدوافع. ما تعنيه هذه الدوافع!! هل يجب أن يترك الجاني بياناً مكتوباً يعلن فيه كراهيته للمهاجرين حتى يتم الاعتراف بأن الجريمة كانت ممنهجة؟ أم أن الإرهاب لا يُعترف به إلا عندما يكون إسلامياً؟ الإرهاب العنصري لا يقل خطورة عن أي نوع آخر من الإرهاب، وعلى المجتمع والحكومة فهم ذلك، وحماية الناس منه. العنصرية ليست مجرد كلمات تُقال، بل خطاب يُترجم إلى سياسات وعنف حقيقي. ربط الجريمة بالمهاجرين، وتحميل المهاجرين مسؤولية الأزمات السياسية والاقتصادية، أمر صعب وثقيل، ونتائجها بدأت تظهر على شكل رصاص قاتل. نحن المهاجرين، الذين يُقال إننا نشكل خطراً على الهوية السويدية، نتساءل: هل المشكلة فينا؟ أم أن المجتمع بات عاجزاً عن استيعاب التنوع والتعامل معه، مما يجعلنا نعيش في قلق دائم بشأن حاضرنا ومستقبلنا؟ في زيارة لموقع الحادثة، تساءلت الملكة سيلفيا بحزن: “ماذا حدث للسويد الجميلة؟”كيف يمكن لنا أن نقنع العالم الخارجي بأن هذه هي السويد نفسها التي كانت يوماً حلماً للجميع؟ الخطاب التحريضي الذي يروج له بعض الساسة، مثل Jimmie Åkesson وEbba Busch، لن يحقق للسويد أمناً أو استقراراً، بل سيدفعها إلى مزيد من الانقسام والعنف. سيسجل التاريخ يوماً، أنكم من أوصلتم السويد إلى هذه الحالة، كما سيتذكر التاريخ أولئك الأشخاص الطيبين الذين ساهموا في بناء السويد التي نفتقدها اليوم. مأساة المدرسة في أوربرو لم تكن كافية حتى اليوم لفتح نقاش حقيقي حول العنصرية والكراهية المتصاعدة، بل اكتفت السلطات بفصل الحدث عن أي بعد سياسي أو أيديولوجي. فهل ننتظر المزيد من المآسي حتى ندرك أن مستوى العنف والكراهية قد تجاوز كل الحدود؟ أم أننا سنتحرك الآن، قبل أن نفقد المزيد من الأرواح؟ بقلم الناشط السياسي عبدالعليم الكاطع تنويه: الآراء الواردة في مقالات الرأي المنشورة على منصة Aktarr تعبر عن وجهة نظر كاتبها فقط، ولا تعكس بالضرورة رأي المنصة. كما أن Aktarr لا تتحمل أي مسؤولية قانونية عن محتوى هذه المقالات أو تبعاتها.