مقال رأي: بين حرق الكتب والتطهير الثقافي، هل نكرر أخطاء التاريخ؟
مقالات-الرأي
Aa
مقال رأي: بين حرق الكتب والتطهير الثقافي، هل نكرر أخطاء التاريخ؟
بقلم: أندرس ليندبيري- Anders Lindberg هو رئيس التحرير السياسي بدءاً من عام 2018، حيث تضم مسيرته المهنية البارزة العمل في صحيفة "أفتونبلادت" السويدية حيث انضم ككاتب تحريري في عام 2010. ليندبيري، الذي حصل على تدريب قانوني، هو خريج جامعة يوتوبوري بدرجة علمية. وفضلاً عن ذلك، نال درجة الماجستير في تاريخ الأفكار والتعلم من جامعة ستوكهولم.
في الماضي، شغل أندرس مناصب بارزة، حيث عمل كخبير سياسي لوزير الخارجية، وأيضاً مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي في لجنة الدفاع بالبرلمان السويدي.
وفي مقال رأي نُشر في صحيفة "أفتونبلادت"، يكتب أندرس ليندبيري:
بين أزقة برلين وفي ساحة بيبيلبلاتز- Bebelplatz في ألمانيا، يعكس نص من هاينريش هاينه مخاوفاً أبدية تتعدى الزمان والمكان، حيث يقول: «حيثما يتم حرق الكتب، سرعان ما يتم حرق البشر». عبر هذه الكلمات، يتم التشديد على العلاقة المباشرة بين التطهير الثقافي والعنف المادي.
ومن خلال ذلك النافذة الزجاجية المطلة على الأرض، تظهر غرفة مضاءة تحتضن رفوف الكتب الفارغة؛ تمثيلًا للكتب التي ألقيت في النيران من قبل النازيين في عام 1933.
هاين، الذي وُلد يهودياً، كتب هذا الاقتباس بالأصل عن حرق القرآن، متأثراً بتجارب المسلمين خلال فترة الانكفاء في القرن الخامس عشر بإسبانيا. وما يجلبه هذا الاقتباس هو تحذير من الخطر الذي يمكن أن يترتب على التلاعب بالكتب والثقافات.
الكتب، أكثر من مجرد صفحات وورق، تمثل تراثاً وذاكرة، وهي مرآة للثقافات التي نعيشها ونقلها للأجيال القادمة. عندما نحرق كتاباً، ندمر بذلك جزءاً من التاريخ والهوية، ونقوض القيم والأفكار التي يمثلها.
هاين، في كتاباته، لم يكن يربط بين حرق الكتب والعنف بشكل عرضي. ففي الانكفاء بإسبانيا، وفي النازية بألمانيا، شهدنا كيف يمكن للإنسان أن يستخدم هذا الفعل الرمزي كخطوة أولى نحو القمع الوحشي.
والآن، عندما نرى مثل هذه الممارسات تظهر في السويد، يجب علينا التوقف والتفكير. فليس هو مجرد نقد ديني، كما يزعم البعض، بل هو استهداف مباشر لجماعة وإرادة لطمس هويتها وقمعها.
وفي ظل هذا العصر الراهن، حيث يُفترض أن تكون الثقافات قد تقدمت وأصبحت أكثر تسامحاً، يبدو أن التاريخ لا يزال يهدد بأن يعيد نفسه. لذا يجب علينا، كمجتمعات، أن نبذل جهداً مستمراً للتعلم من الماضي، وأن نضمن عدم تكرار هذه الأخطاء مرة أخرى. لا للكراهية، ولا للتطهير الثقافي، ونعم للتعايش والتفاهم المتبادل.