مقال رأي: ظاهرة حرق المصاحف في السويد وانعكاسات الغضب نحو الشرطة
مقالات-الرأيAa
FOTO TT
بقلم سيمون سورجنفراي، أستاذ في الدراسات الدينية ومدير معهد البحوث حول التعددية الدينية والعلمانية في جامعة سودرتورن.
منذ تقديم راسموس بالودان طلباً لحرق المصحف في مالمو في نهاية صيف عام 2020، أصبح حرق المصحف ظاهرة متكررة في السويد. وقد قام معهد IMS لأبحاث الديانات المتعددة والعلمانية، بدراسة هذه الظاهرة عن كثب من خلال إجراء مقابلات مع عدة أطراف، منهم ضباط الشرطة والأئمة والمحتجين ومسؤولي البلديات.
توصلت هذه الدراسة إلى استنتاجات مهمة، أهمها أن التعاون بين السلطات والمجتمع المدني يلعب دوراً حاسماً في التصدي لهذه الظاهرة، سواء كان ذلك بهدف الوقاية منها أو للتعامل معها أثناء المظاهرات والاحتجاجات المضادة. وقد تمثل هذه التعاونات أيضاً مصدراً لبناء الثقة والأمان على المدى الطويل.
ومن الجدير بالذكر أن مالمو حققت تقدماً ملحوظاً في هذا الجانب مقارنة بمعظم المدن الأخرى. حيث أظهر تقرير هنريك أولسون "التعاون من أجل السلامة وبناء الثقة في المناطق الضعيفة في مالمو" أن هناك تطوراً إيجابياً يتوقع حدوثه رغم الاضطرابات التي شهدتها المدينة في عطلة نهاية الأسبوع.
وفيما يتعلق بحرق المصاحف، أشارت شرطة منطقتي مالمو وستوكهولم إلى أهمية تضمين المجتمعات المسلمة في هذه القضية. وذلك للوصول إلى الأشخاص الذين قد يشعرون بالتأثر بالتظاهرات، وأيضاً للتواصل مع الشبكة الأوسع التي تمتلكها هذه المجتمعات في المجتمع المحلي.
ومع ذلك، أظهر تقرير "حرق المصحف في مالمو وستوكهولم" أن ممثلي المجتمع المسلم لديهم نفوذ محدود، وأن الأشخاص الذين شاركوا في المظاهرات المضادة العنيفة لم يستمعوا إلى الأئمة الذين يتعاونون مع السلطات. ويشير تقييم الشرطة إلى أن حرق المصحف يعزز الهوية الاجتماعية للمسلمين لدى أولئك الذين لا يشاركون في الجوانب الجماعية للحياة المسلمة.
وقد تم تأكيد هذه النقطة أيضاً في تقرير "حرق المصحف وأحداث عيد الفصح"، حيث أجرى جوستاف لارسون مقابلات مع مشاركين في الاحتجاجات ضد حرق المصحف في أوريبرو عام 2022، تبين من خلالها أن المشاركين في هذه الاحتجاجات يمثلون مجموعة متنوعة من الخلفيات والدوافع.
ومن الجدير بالذكر أن العداء السابق تجاه الشرطة شكل دافعاً قوياً لهؤلاء الأشخاص، على الأقل بنفس قوة فعل حرق المصحف ذاته. الأمر الذي يظهر في الاضطرابات التي شهدتها مالمو في عطلة نهاية الأسبوع، حيث تعتبر رئيسة الشرطة، بيترا ستينكولا، أن المشاغبات تأتي كرد فعل للانتقام من الشرطة للسماح بمثل هذه الاحتجاجات.
وعلى الرغم من أن الشرطة تشير مراراً إلى صعوبة تفسير تصرفاتها في مواجهة حرق المصحف بوضوح وبساطة، إلا أنها تؤكد أنها ليست هي من تصنع القوانين وأن حماية حق الحرق يعني فقط السماح بقيام الاحتجاجات وليس دعمها. كما أوضحت الشرطة أن تبليغ القانون المتعلق بهذه الأحداث يعتبر تحدياً كبيراً أثر على السياسة الخارجية في فصل الصيف.
بشكل عام، تعلمنا من حرق المصحف أهمية التعاون الوثيق بين السلطات ومختلف الجهات ذات الصلة في المجتمع، إضافة لتعلمنا أنه يمكن للقليل خلق تأثير كبير. ففي مالمو، استطاع 16 شخصاً إحداث الفوضى والاضطرابات، في نهاية هذا الأسبوع، بتكلفة لا يمكن تقديرها من ناحية الأموال وانعدام الاستقرار وتدمير الثقة الاجتماعية.