انبوكس أكتر

مقال رأي: هل السويد وفنلندا على صواب في عدم انضمامهما إلى حلف الناتو؟

Aa

مقال رأي:  هل السويد وفنلندا على صواب في عدم انضمامهما إلى حلف الناتو؟

 بقلم: عز الدين برازي

تنويه: المواد المنشورة في هذا القسم هي رسائل وصلت إلى هيئة تحرير منصة أكتر الإخبارية، وتنشرها كما وردت، دون تدخل منها - سوى بعض التصليحات اللغوية الضرورية- وهي لا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة أو سياستها التحريرية.


قبل الإجابة على هذا السؤال، أود طرح الجواب ضمن سياق تاريخي نوعاً ما وبشكل ملخص رغبة مني في إظهار بعض الحقائق التاريخية.

مع إطلاق آخر رصاصة، وتدمير آخر آلية عسكرية، واستسلام آخر دولة رسمياً، وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها معلنة يوم 2 سبتمبر لعام 1945 انتهاء الحرب التي وصفت بالأكثر وحشية ودموية والتي خلفت أكثر من 80 مليون قتيل أكثرهم من المدنيين.

إن تاريخ انتهاء الحرب الثانية كان عملياً بداية لتاريخ جديد تكتب صفحاته بيد القوى العظمى آنذاك، بداية حقبة جديدة لنظام عالمي جديد ثنائي الأقطاب تقوده الولايات المتحدة الأميركية من جهة والاتحاد السوفييتي من جهة أخرى. واقتصرت دور باقي دول العالم في التبعية والالتحاق بفضاء إما هذا القطب أو ذاك.

حلف الناتو 1949

يُعتبر حلف الناتو، أو ما يسمى بحلف الشمال الأطلسي، والذي تشكل في أبريل عام 1949 من 30 دولة من أوروبا وأميركا الشمالية، من أهم نتائج ومفرزات الحرب الثانية، حيث تشكل الحلف على أساس فكرة الأمن والدفاع المشترك للدول الأعضاء في الحلف.

رغم أن الدول الأوربية تعتبر الأكثر نسبة إلا أن أميركا تمول ما نسبته 70% من نفقات الحلف مما جعل منها صاحبة اليد العليا والكلمة العليا والقائد الفعلي للحلف.

أميركا والنفاق السياسي

عملت أميركا بعد الحرب الثانية على إبراز نفسها كراعية للديمقراطيات في العالم والحامي لها وراعية لمصالح حلفائها، فتقدمت الجبهات والخطوط الأمامية في مناطق شتى في العالم وكل ذلك باسم الدفاع عن الديمقراطية ونصرة الحلفاء، هذه التدخلات التي أدت إلى زيادة عدم الاستقرار والأمن والسلم في العديد من بقاع العالم.

وكانت نتيجة هذه التدخلات إما حروب اهلية أو تنصيب ديكتاتوريات في الحكم أو دعم وتقوية حركات راديكالية كما في أفغانستان والسعودية.

يوماً بعد يوم، سنة بعد أخرى، أزمة بعد أزمة، اتضح جلياً بأن حلف الناتو الذي تأسس بغاية الأمن والاستقرار لدول الحلف، تحول الى حصان امتطته أمريكا في عملية توسيع نفوذها، وتحقيق مصالحها، وكانت النتيجة أن تحولت أوروبا بنفسها الى كيان غير قادر على الدفاع عن نفسها دون الدعم الأمريكي.

الحرب الروسية- الأوكرانية زعزعت الثقة بأمريكا والناتو

إن حلف الناتو يقوم بالدفاع عن أية دولة عضو في حال تعرضها لأي هجوم أو تهديد. إن هذه من أهم بنود معاهدة حلف الشمال الأطلسي "الناتو".

أمريكا قامت بإقناع العديد من الدول التي كانت تسمى بدول أوربا الشرقية بالانضمام لحلف الناتو تحت ذريعة  البعبع الروسي، وكانت اوكرانيا إحدى هذه الدول.

أعلنت أوكرانيا خطتها الانضمام إلى حلف الناتو اعتقاداً منها أن الحلف والاتحاد الأوروبي سيكونان درعاً لها في مواجهة أي تهديد روسي، ولكن مع الأسف وبعد تورط الرئيس الأوكراني في الصراع مع روسيا، فقد تركت أوكرانيا وحيدة لمصيرها في حربها مع روسيا، لتكشف هذه الحرب الوجه الحقيقي للنفاق الأمريكي -الأوربي.

السويد كانت حكيمة في قرار عدم الانضمام

وسط هذه الصراعات على النفوذ والمصالح على الساحة الدولية، اتخذت السويد لنفسها طريقاً يمكن تسميته بالخط الثالث أو الحياد الإيجابي، لاسيما فيما يخص الصراع الروسي -أو الأمريكي -الصيني .

فالحكومة الأميركية لم تستطع إقناع السويد لسنوات الانضمام الى حلف الناتو رغم مزاعم عن التهديد الروسي للسويد وغيرها، فقد أظهرت الحكومات السويدية المتتالية حكمة كبيرة في مسألة الانضمام إلى حلف الشمال الأطلسي، وقد أثبتت الوقائع ولاسيما الآن وبعد الحرب الروسية ضد أوكرانيا، أن مزاعم الناتو بخصوص الدفاع المشترك والأمن المشترك هي مزاعم واهية الهدف منها توريط الدول في صراعات جانبية لا تخدم إلا المصالح الأمريكية، ولكن، هل ستثبت السويد على قرارها في مسألة عدم الانضمام للناتو؟ أم ستتغير موقفها لاحقاً؟

هذا مرهون بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وكيف ستؤول الأحداث لاحقاً وهل ستكتفي روسيا بأوكرانيا فقط أم ستتجرأ بتوسيع نطاق حربها لتشمل دولاً اخرى؟


عز الدين حمي برازي: مواليد مدينة حلب عام 1973، خريج كلية الاقتصاد جامعة حلب. عمل كمدرب للعبة الكاراتيه، وفي مجال التدريس لمدة ثلاثة أعوام، من هواياته كتابة القصص القصيرة إلى جانب المقالات السياسية والاجتماعية. مقيم في السويد منذ عام 2015.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - انبوكس أكتر

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©