ملتقى المعلمين العرب: مجموعة جديدة في السويد للمعلمين الأجانب والعرب
أخبار-السويدAa
أخبار السويد_ خاص أكتر
يتذكر إياد علي بيازيد اليوم الذي شاهد فيه إعلاناً يطلب مدرّس رياضيّات في (الكومون) الذي يعيش فيه ضمن بلدة Malung-Sälen بمقاطعة دالارنا. ورغم أنه يحمل إجازة جامعيّة من قسم الرياضيات من كليّة العلوم، وعمل سابقاً كمدرس إلى جانب مزاولة مهن أخرى، لكن الأمر مختلفٌ عند الإقدام على تدريس الرياضيات في السويد. فمواجهة الطلّاب وإعطاء درس باللغة السويدية بدلاً من لغته الأم شكّل حاجزاً حقيقياً بالنسبة له. "أتذكر أنني شعرت بقلقٍ شديد من الإقدام على هذه الخطوة، لكن سرعان ما أدركت أن كل تلك المخاوف كانت أوهاماً في رأسي" يقول الأستاذ إياد معلقاً على أولى خطواته كمدرس في بلد جديد.
ملتقى المعلمين العرب في السويد
اليوم، يكون السيد إياد قد قضى ما يزيد عن عامين في مهنة التدريس. التجربة التي عاشها، والحوارات التي خاضها مع مدرسين آخرين، عرب أو ناطقين باللغة العربية، جعلته يفكر بضرورة إنشاء ملتقى يجمع كل هؤلاء.
وكانت الخطوة الأولى بتأسيس صفحة للملتقى على الفيسبوك لجمع عدد من المعلمين المقيمين في السويد. حيث نظّم الملتقى حتى الآن ثلاثة لقاءات بين أعضاءه للتعارف وتبادل الآراء المهنية تمهيداً لإنشاء جمعية مستقبلاً.
في لقاء "أكتر" مع السيد إياد مؤسس الفكرة سألناه عن الهدف من إنشاء ملتقى من هذا النوع فاختار تلخيص الأمر على الشكل التالي: "هناك الكثير من المدرسين وأصحاب الشهادات العليا من العرب المقيمين في السويد الذين لم يبدؤوا العمل في مجال التدريس لأنهم يمتلكون الكثير من التخوّفات والأسئلة التي لا يجدون من يجيبهم عليها، حول متطلبات العمل والمسموحات والممنوعات. من ناحية أخرى ديمقراطية التعليم الموجودة في السويد تفرض تغيرات واختلافات بين مدرسة وأخرى حتى ضمن المدينة ذاتها، ما يتيح لنا كمدرسين الاستفادة من تجارب بعضنا البعض". ويضيف السيد إياد شارحاً مبررات الاهتمام بإنشاء جمعية مستقبلاً: "الهدف تغيير الصورة النمطية عن المهاجرين، وانتقالنا لمرحلة أن نكون مؤثرين بدلاً من متأثرين، وإظهار انخراطنا كمدرسين في سوق العمل، كما أن للجمعية أهدافاً تعليمية وتثقيفية تتعلق بإعداد وتأهيل المدرسين لمساعدتهم في ممارسة عملهم على أفضل وجه".
التعليم قد يبدو مهمة صعبة
في سياق حديثه، تطرّق السيد إياد للصعوبات التي تواجه المدرسين في السويد بصورة عامة، والمدرسين العرب بصورة خاصة، خاصةً وأنهم معتادون عن أنظمة تعليم قوامها التلقين. والمشكلة الأولى التي يوضحها الأستاذ إياد هي غياب الثقة بالمدرس من أصول عربية من قبل كادر المدرسة والطلاب على حدٍ سواء، وعن هذا يقول "نقص الثقة هنا لا يكون على صعيد المعارف والمعلومات وإنما على صعيد الأداء والسلوك بحكم خصوصية دولة السويد في مجال الديمقراطية". ويضيف بأن بعض الطلاب قد لا يقبلون وجود أستاذ مهاجر، وهذا بنظره أمر خطير لأن الثقة جزءٌ أساسي من عملية التعلم وبناء الصلة بين المدرس والطالب.
ويشير الأستاذ بيازيد أيضاً لما يسميه التحدي المرتبط في الفروق الفردية، فيقول: "نحن في بلداننا، لم نكن معتادين على هذا القدر من الفروق الفردية بين طلابنا، لأننا نصنف الطلاب لفئتين: كسول أو مجتهد، لكن في السويد لجميع الطلاب الحق في التعلم ونيل اهتمام المدرس بغض النظر عن مستواهم، كما أن الأطفال الذين يعانون من نقص التركيز، أو صعوبات التعلّم والقراءة، أو صعوبات في التعامل مع الأرقام، يتطلبون منا كمدرسين جهداً إضافياً". وعن صعوبات التعليم بلغة غير العربية الأم يقول السيد إياد أن دراسة المصطلحات والمفاهيم ضمن اختصاصه كانت أشبه بـ "تعلم لغة أخرى غير السويدية" وهو الأمر الذي استلزم منه جهداً إضافياً.
كن الأستاذ الذي أحببته وأنت تلميذ!
يستذكر الأستاذ إياد معنا الأيام الأولى من عمله كمدرس رياضيات. حين دخل إلى غرفة الصف وعرّف التلاميذ بنفسه وأخبرهم بأنه مهاجر وبالتالي هو لا يستطيع تكلم السويدية بطلاقة مثلهم. "كنت أضحك قبلهم إن أخطأت بلفظ كلمة ما، أو أطلب منهم لفظها أمامي كي أتعلمها، فأنا كنت طالباً مثلهم وكنت أضحك إذا ما أخطأ المدرس بلفظ كلمة ما، حتى لو كانت بلغته". ويقول الأستاذ إياد أيضاً أن مادة الرياضيات فرضت أمامه تحدياً لجعل الدرس عملي وممتع ومرتبط بالجانب التطبيقي. ولهذا هو يحاول دائماً الاستفادة من جميع المناسبات والأعياد في السويد لتكليف الطلاب بصناعة مجسمات لبيوت صغيرة أو وضع تصاميم تراعي القواعد الهندسية والمعادلات الرياضية التي يأخذونها في غرفة الصف من كعك الزنجبيل على سبيل المثال.
سوق العمل بانتظار معلمين جدد!
في ختام الحديث معه يقول الأستاذ إياد أن السويد تعاني نقصاً في المدرسين بصورة عامة ومدرسي الرياضيات بصورة خاصة، كما أن فرص العمل في التدريس تكون أكبر في البلديات أو المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، لأن التنافس في المدن الكبرى أشد حتى بالنسبة للمدرسين الذين قاموا بتعديل شهادتهم وحصلوا على رخصة ممارسة المهنة. ولهذا فالأفضل من وجهة نظره، التوجه نحو المناطق الأقل كثافة، كما أن تعديل الشهادة أسهل مما يظن البعض ولا يجب أن يكون عائقاً أمام الإقدام على العمل في هذه المهنة التي يبدأ فيها راتب المدرس من 38 ألف كرون قبل الضريبة. فلتعديل الشهادة لابد بداية من إرسال الشهادة إلى المجلس السويدي للتعليم العالي "UHR". وبالنسبة لأستاذ الرياضات الذي لم يحصل على دبلوم تأهيل تربوي في سوريا ينقصه أن يدرس هذا الدبلوم في السويد. ويتم ذلك عبر عدة مسارات: فالشخص الذي لديه وظيفة يمكنه الذهاب باتجاه ما يسمى "VAL - Vidareutbildning av lärare" أي "التعليم الإضافي للمعلمين"، ويُشترط أن يكون لدى المعلم سنتين خبرة وأن يكون على رأس عمله، فيدرس دبلوم التأهيل التربوي هذا بنسبة 50 في المئة عن بعد، ويتلقى مساعدة من المدرسة التي يعمل فيها والتي يمكن أن تخفض عدد ساعات عمله مع الحفاظ على أجره كاملاً، ولا تعين مكانه مدرس آخر، طالما أن المدرسة هي التي قررت إرساله ليكمل تعليمه.
المسار الثاني للأشخاص الذين لديهم شهادة جامعية في التدريس، وعدلوها عن طريق المجلس السويدي للتعليم العالي "UHR "، لكن ليس لديهم عمل، بإمكانهم التوجه نحو ما يسمى "ULV - utländsk lärares vidareutbildning" أي "التعليم الإضافي للمعلمين الأجانب"، وهي دراسة تتطلب الحضور الفيزيائي ولا تتم عن بعد. حيث يجري بعد ذلك التقدم إلى مصلحة المدارس Skolverket للحصول على رخصة مزاولة التدريس في السويد.
في المحصلة، يرى السيد إياد أن مهنة التدريس مهنة محترمة في السويد، كما أن المدرس يحظى ببيئة عمل مثالية تتيح له الوقت الكافي للتحضير لدروسه وتطوير معارفه ومهاراته. كما أنه يتمتع بدعم المدرسين الآخرين في المدرسة. فالأستاذ إياد يذكر بامتنان شديد الوقت الذي خصصتاه له المديرة وأقدم مدرسة رياضيات في مدرسته، حيث كانتا تلتقيان به أسبوعياً للإجابة عن أسئلته ومساعدته بإيجاد حلول لأي مشكلات قد تواجهه في غرفة الصف.
يمكن للمعلمين في السويد الإنضمام لصفحة ملتقى المدرسين على الفيس بوك بالضغط هنا