أخبار السويد

منال فاضل: "أحب كوني سائقة باص في السويد"

Aa

منال فاضل: "أحب كوني سائقة باص في السويد"

لم تتخيل منال فاضل، وهي مهاجرة سورية من حلب، متزوجة وأم لأربعة أطفال، أن الأقدار ستدفعها بعد خمس سنوات من عيشها في السويد للعمل كسائقة باص ضمن شركة النقل الفرنسية (Transdev). 

فقبل قدومها إلى السويد مارست مهناً بسيطة متفرقة. أما في السويد وخلال السنوات الخمس الأولى من إقامتها في Bjärred ضمن مقاطعة سكونه، لم تمارس منال أي عمل، لكنها خضعت لتدريب مهني للعمل في مجال رياض الأطفال، وانسحبت منه بعد أن وجدته صعباً. قررت منال بعد ذلك بدء التحضير للعمل كسائقة باص، بعد أن أدركت أن مهارة قيادة المركبات، قد يكون الشيء الأقرب إلى قلبها من ضمن خيارات العمل المتاحة، خاصة مع قناعتها بأن المرء وإذا ما اتبع الإرشادات والقواعد المرورية سيجدها مهنة سهلة وممتعة. 

ردود فعل البيئة المحيطة على عمل منال الجديد

تنظر عائلة منال اليوم إلى عملها الجديد بنوعٍ من الفخر على اعتبار أنها استطاعت أن تثبت وجودها، لكن خيارها في البداية قوبل بنوع من الاستغراب. أما هي فأصرت على وجهة نظرها، فحسب رأيها: "المرأة العربية قادرة على كل شيء رغم أن العادات والتقاليد أحياناً تحجمها وتقيّد حركتها". وتضيف أنها فخورة بعملها خاصة وأنه عمل محترم لا يخالف شريعة الله.  وتقول إن الناس قد يمتلكون أحكاماً مسبقة عن هذه المهنة لكنهم لا يعلمون أن إيجابياتها في الواقع تفوق سلبياتها. 

إجراءات التقدم لمهنة سائق باص في السويد

 بعد أن اتخذت منال قراراً بالعمل ضمن هذا المجال توجهت لمركز البلدية (الكومون) الذي تعيش ضمنه، وعبرت عن رغبتها تلك،  وهناك لاقت ترحيباً كبيراً على اعتبار أنها سيدة مسلمة من أصول عربية. وبعد ذلك قامت في التسجيل ضمن مدرسة لتعليم السياقة في مدينة Sjöbo، وفي البداية استطاعت الحصول على شهادة (B) التي تخولها قيادة السيارات العادية، وبعد سنة ونصف من هذا التاريخ فكرت في الحصول على شهادة (D) المخصصة لقيادة الباصات، وهذا بالطبع بعد الحصول على موافقة مكتب العمل ومصلحة التأمين الاجتماعي، خاصة وأن منال كانت مسبقاً تدرس بالتزامن مع كل ذلك اللغة السويدية (SFI)، حيث وصلت فيها إلى المرحلة (C). وهنا تشير منال إلى ملاحظة مهمة، فللتقدم لهذا النوع من الوظائف، يجب على المرء أن يكون في المرحلة (D)، لأنه وإذا ما أتم (SFI) بشكل كامل لن يتم قبوله، لأن مصلحة التأمين الاجتماعي هي من كانت تدفع تكاليف هذا النوع من التدريبات مع الكومون الذي تعيش منال ضمنه. 

وهكذا استغرق تدريب منال للحصول على شهادة قيادة الباصات مدة ستة أشهر، "انقطعت فيها عن العالم" كما تقول لأنها احتاجت أن تصب اهتمامها الكامل على ما كانت تدرسه كي تستطيع اجتياز الامتحانات النظرية والعملية خاصة وأنه خلال مدة هذا التدريب تم تنفيذ ثلاثة امتحانات عملية (شورنينغ) كل شهرين في مدن سويدية مختلفة. في البداية لم تستطع منال إيجاد عمل مباشرة فرغم أنها كانت دائماً تجتاز بسهولة الاختبارات العملية المتعلقة بالسياقة لكن لغتها السويدية ظلت تقف عائقاً. لكنها وبدلاً من الاستسلام خصصت الأشهر السبعة التي تلت حصولها على الشهادة سياقة الباص لتحسين مستواها في اللغة السويدية. حتى وقعت في أحد الأيام على إعلان لشركة (Transdev) يطلبون فيه سائق باص وقامت بإجراء مقابلة عمل واجتازتها بعد أن شجعها مدير الشركة وقبلها ضمن كادره بشرط أن تعمل على تحسين لغتها السويدية. واليوم تكمل منال شهرها الرابع من عملها كسائقة باص ضمن ذات الشركة. حيث تعمل على الخطوط الخمسة ضمن مقاطعة سكونه. 

ظروف العمل

على اعتبار أن منال تعمل عملاً مؤقتاً فساعات عملها متغيرة وهي لا تمتلك جدول مواعيد ثابت، وهذا ما قد يكون أمراً مربكاً لأم لأربعة أولاد. لكنها مع ذلك تحظى بمساعدة الشخص المسؤول عن وضع جداول المواعيد الذي يقدر ظروفها، ويحاول قدر الإمكان وضع جدول مواعيد مناسب لها. إذ يحق لمنال حالياً العمل مدة 160 ساعة شهرياً، لكنها وعلى اعتبار أنها ما تزال مستجدة في العمل فهي تعمل لما يقارب 120 ساعة شهرياً.

ميزات أن تكون سائق باص في السويد

تقول منال أن مهنة قيادة الباص مهنة محترمة، بالنسبة لامرأة من خلفية دينية واجتماعية عربية، فهي لا تتطلب قدراً كبيراً من الاختلاط مع الآخرين، وهي في ذات الوقت تتيح فهم المجتمع السويدي بصورة أعمق والتعرف على المناسبات والأعياد الاجتماعية مما يسمح ببناء شبكة علاقات أوسع. 

تعتبر منال أن تجربة عملها إلى الآن تجربةً إيجابية جداً، فهي أحست بالكثير من الدعم والاحتضان من قبل المؤسسة التي تعمل بها والتي تراها أقرب إلى عائلة منها إلى مكان عمل. تذكر منال مثلاً المرة الأولى التي جاءت فيه ترتدي زي الشركة الموحد بعد أن استبدلت السروال بتنورة طويلة وقميصاً أبيضاً وجاكيتاً، وكانت في ذلك الوقت قلقة من ردود فعل المدير الذي فاجأها بالإثناء على أناقتها. وتذكر أيضاً توصيات زملائها الدائمة للقيادة بحذر والتباطؤ عند المنعطفات في الأيام التي يتشكل فيها الجليد، وكل تلك التفاصيل تشعرها بالامتنان لاتخاذها قراراً في الاقدام على هذه الخطوة وإثبات مقدراتها كامرأة. 

وكذلك الأمر فيما يتعلق بردود فعل الركاب التي كانت الأغلبية منها مرحبة. فكما تقول منال في البداية لم يخلو الأمر من نظرات استهجان كونها محجبة، حيث صادفت أشخاصاً يصعدون إلى الباص دون إلقاء السلام، لكن هؤلاء يبقون قلة قليلة فالسواد الأعظم من الركاب يقابلونها بابتسامة والكثير منهم يردد على مسامعها عبارات تشجيعية. إذ تذكر منال حينما صعدت راكبة إلى الباص، وقالت لها: "أنا انتظر مرورك على هذا الخط منذ ثلاثة أيام كي أقدم لك علبة الشوكولا هذه، فأنا سعيدة لأنك تجاوزتِ القيود واخترت هذا العمل". 

وتلك الحادثة الأخيرة قد تكون فرصة لتذكير الركاب بإلقاء التحية على السائق في المرة القادمة التي يصعدون فيها إلى الباص، أو الاكتفاء مثلاً بابتسامة صغيرة، فتلك البادرة الصغيرة قد تكون كفيلة بالتخفيف من تعب السائق في رحلته وجعله يُحب عمله، خاصة وإن كانت حكايته تشبه حكاية منال. 

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©