أخبار السويد

من التقاليد إلى التكيف: معدلات الزواج والإنجاب وانخفاضها بين المهاجرين في السويد

من التقاليد إلى التكيف: معدلات الزواج والإنجاب وانخفاضها بين المهاجرين في السويد
 image

عروة درويش

أخر تحديث

Aa

المهاجرين

البروفسور "غونار أندرسون" الباحث في علم الديموغرافيا، ورئيس وحدة علم الديموغرافيا في جامعة ستوكهولم.

الشائع عادة بين الناس بأنّ المهاجرين وذوي الأصول المهاجرة في السويد يميلون للزواج والإنجاب أكثر من بقيّة السويديين. هل هذا صحيح؟ وإن صحّ الجزء الخاص بالزواج، فهل يعني بالضرورة زيادة في الإنجاب بين المجموعات من أصول مهاجرة؟ وهل لهذا علاقة بالقيم والعادات الخاصة بالمهاجرين التي حملوها معهم من بلدانهم؟ وإن كان كذلك، فما تأثيره طويل الأمد على البنية السكانية في السويد؟ 

كانت هذه النقاط ممّا يثير الفضول، وهي لازمة المعرفة كي نكوّن فكرة أبعد من الحديث الإعلامي الشائع. لهذا تواصلتُ مع البروفسور غونار أندرسون Gunnar Andersson، الباحث في علم الديموغرافيا (علم السكان) ورئيس وحدة علم الديموغرافيا في جامعة ستوكهولم، من أجل نقاش هذا الموضوع.

القيم والعادات الخاصة بالمهاجرين 

نبدأ مع القيم الخاصة بالمهاجرين وتأثيرها على عاداتهم في الزواج. يقول البروفسور أندرسون: "لا يمكن جمع المهاجرين معاً في فئة واحدة، حيث يوجد في السويد مهاجرون من العديد من أنحاء العالم المختلفة، لديهم مواقف مختلفة تماماً تجاه الزواج وأهمية الزواج في العلاقات الأسرية". 

لكنّ البروفسور يقرّ بأنّ جزءاً من المهاجرين ملتزم بالزواج أكثر من البقيّة فيقول: "يعدّ الزواج في السويد خياراً أكثر منه التزاماً، وهذا ينطبق أيضاً على العديد من البلدان التي يأتي منها المهاجرون، بينما تعتبر مؤسسة الزواج أكثر أهمية في أصول المهاجرين الأخرى. وعلى المدى الطويل، ربما يمكن للمرء أن يتوقع أن يصبح الزواج خياراً أكثر من كونه التزاماً بالنسبة للمهاجرين وأحفادهم. 

وتبقى النقطة الأهم في هذا السياق هي أنّ ميل المهاجرين للزواج في السويد قد انخفض مثلما انخفض لدى السويديين الأصليين. بالرغم من أنّ "تكوين الزواج" كما يصفه البروفسور لا يزال أهم لدى ذوي الأصول المهاجرة في السويد، فنحن أمام ثلاث نتائج واقعيّة لا يمكننا الافتراض خلافها:

1- انخفضت معدلات الزواج لدى ذوي الأصول المهاجرة في السويد.

2- لا تزال هذه المعدلات رغم انخفاضها أعلى من معدلات زواج وإنجاب السويديين الأصليين.

3- الاختلاف في مستويات تكوين الزواج بقيت كما هي بين ذوي الأصول المهاجرة والأصليين.

التأثير على معدلات الخصوبة

إنّه حديث وجدال الساعة الدائم: معدلات الخصوبة لدى المهاجرين، وهل هي مختلفة عن الأصليين؟ وكيف تساهم هذه الأنماط في العدد الإجمالي للأطفال الذين يولدون في السويد؟

يصرّ البروفسور غونار على أنّ علينا أخذ خلفيات المهاجرين المتنوعة بالحسبان كي نصل إلى نتيجة مفيدة. يقول: "لا بدّ من النظر في عدم التجانس في خلفيات المهاجرين. حتى وقت قريب، كانت السويد تتمتع بمستويات خصوبة عالية نسبياً، وكان المهاجرون إلى السويد يأتون من بلدان ذات خصوبة أقل بكثير من السويد، ومن بلدان ذات مستويات خصوبة مماثلة، ومن بلدان ذات خصوبة أعلى بكثير من السويد". 

لكن من الواضح بأنّ كلّ من يأتي إلى السويد، بغضّ النظر عن مكان قدومه، تؤثّر عليه البلاد بحيث تصبح معدلات الإنجاب والخصوبة لديه قريبة من معدلاتها في السويد، وخاصة إذا كان من منطقة ذات خصوبة مرتفعة. يقول البروفسور: "يمكن ملاحظة وجود تكيّف سريع نسبياً لأنماط الإنجاب لدى المهاجرين مع أنماط الخصوبة السائدة في السويد بشكل عام. يكون التكيّف أقوى بكثير بالنسبة للمهاجرين القادمين من أماكن ذات خصوبة مرتفعة مقارنة بالمهاجرين القادمين من خلفيات منخفضة الخصوبة". 

هل يعني هذا التكيّف أنّ المهاجرين لا ينجبون أكثر على المدى الطويل؟ يجيب أندرسون: "معدّل خصوبة ما يسمّى بالجيل الثاني في السويد أقل إلى حد ما في المتوسط من خصوبة غالبية السكان. وبالتالي فإنّ تأثير الهجرة على المدى الطويل على مستويات الخصوبة واتجاهاتها محدود للغاية. ولكن لا يزال هناك تأثير قصير المدى على عدد الأطفال المولودين في السويد، حيث أنّه من الشائع أن يصبح المهاجرون الوافدون حديثاً آباءً. وهذا لا يعكس أنّ المهاجرين يتمتعون بخصوبة عالية في المتوسط، ولكن فقط أنه من الأكثر شيوعاً القيام بالهجرة أولاً ثم أن يصبحوا والدين بعد ذلك، بدلاً من تنظيم أحداث الحياة الحاسمة هذه بالترتيب المعاكس".

التغيّرات طويلة المدى

في مقال سابق لي في "أكتر" بعنوان: "السويد وألمانيا بلدان للهجرة.. فلماذا مواليد ألمانيا مرتفعة والسويد تعاني؟" وضّحت بأنّه من الناحية الإحصائية، تعاني السويد من أدنى نسبة إنجاب وخصوبة مسجّلة. والآن وبعد إجابات غونار عن تكيّف المهاجرين مع معدلات الإنجاب المنخفضة في السويد، كان لا بدّ لي من أن أسأله عن توقّعاته طويلة المدى على البنية السكانية في السويد.

يقول البروفسور أندرسون: "إنّ تأثير الهجرة على المدى الطويل على مستويات الخصوبة واتجاهاتها محدود للغاية، في حين يبدو أن الاختلافات في المواقف والسلوكيات المتعلقة بالزواج تدوم لفترة أطول. يكون المهاجرون في المتوسط صغاراً نسبياً عند وصولهم إلى السيد، وهم ضمن الأعمار التي يتزوجون فيها عادةً ويصبحون آباءً. لكنّ تأثير الهجرة على المدى الطويل على الهياكل العمرية للسكان أقل حسماً بكثير مما يُفترض عادةً.

رغم الإجابة في هذا المقال عن الكثير من الأسئلة وتدقيقه للأحاديث الشائعة، فقد فتح باباً لأسئلة أكثر. لن نوقف البحث بغية الوصول إلى إجابات كاملة.. قدر الإمكان.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©