مقالات الرأي

من المستفيد من أعمال المتطرّف بالودان الاستفزازية؟

Aa

من المستفيد من أعمال المتطرّف بالودان الاستفزازية؟

Foto Johan Nilsson/TT

للكاتب عروة درويش لصالح منصّة "أكتر"... لو كان الأمر بيدي، فكنت بالتأكيد سأحيل المتطرّف راسموس بالودان للمحاكمة. لكن في الحقيقة، تتعدى مسألة المستفيد من أعمال بالودان الاستفزازية بالودان نفسه، وترتبط برأيي بأشخاص ومجموعات يهمّها إذكاء نار زعزعة الاستقرار وتوتير السلم الأهلي بأيّ ثمن. ما سأقوله ليس نظرية مؤامرة، بل أمور بات جميع المحللين المحترمين متفقين على وجودها.

سأحاول ترتيب المستفيدين من أعمال بالودان الاستفزازية من أكثرهم استفادة إلى أصغرهم، لكن قد يصعب التفريق بين مصالح هؤلاء المتداخلة.

  • الخائفون على مصالحهم من اتحاد الفقراء والطبقة الوسطى

أمام الركود الاقتصادي، وارتفاع الأسعار العالمي، وازدياد معدلات البطالة المباشرة، والبطالة المقّنعة بعقود موسمية ومؤقتة تجعل الموظفين والعمّال يشعرون بتوتّر دائم، هناك من يخاف على ثروته ورأسماله. يعلم هؤلاء بأنّ الفقراء والعمّال والطبقة الوسطى إن اتحدوا ضدهم، فسيسخرون امتيازاتهم، ولهذا يدفعون على طول العالم – وفي السويد بالتأكيد – نحو توتير الأوضاع وخلق انقسامات «وهمية» ما أمكنهم ذلك: مسلمين ضدّ مسيحيين ضدّ لا دينيين، مهاجرون ومن أصول مهاجرة ضدّ سكّان أصليين، بيض ضدّ سمر وسود...الخ.

كلّما زاد الانقسام بعيداً عن انقسام: «فقراء وطبقة وسطى ضدّ فاحشي الثراء»، كلما كان أفضل لمصالح هؤلاء الأثرياء.

  • أنصار التضييق على الحريات العامة

هناك أشخاص ومجموعات تخاف من الحريات العامة، وتريد تقليصها قبل أن يستغلها الناس للخروج والهتاف بشعارات موحدة ضدّهم. فهؤلاء يخافون أن يتحد الناس في تحميلهم المسؤولية عن السياسات الخاطئة المقصودة في مجال الرعاية الصحية، والسياسة الخارجية، والرفاه الاجتماعي. 

يرى هؤلاء بأنّ الطريقة الأمثل لفعل ذلك هي في خلق بيئة متوترة وعنيفة تجبر الناس على القبول بتضييق الحريات العامة (مراقبة وتفتيش واعتقال احترازي وقوانين أشد...الخ). 

لمن يشكك هناك الكثير من الأمثلة من التاريخ، قد يكون أبرزها استغلال الألمان النازيين حريق البرلمان-الرايخستاغ – وافتعاله غالباً كما يتمّ افتعال التوتّر في السويد – من أجل تضييق الحريات والقيام بحملات اعتقال لكلّ من يمكن أن يعترض على سياساتهم.

  • أنصار السلاح وبائعوه

تتشابك مصالح من يريد تضييق حرية الناس مع تمكنهم من خلق أجهزة قادرة على قمعهم. يمكن للمطّلعين على عمليات «عسكرة الشرطة» على طول العالم الغربي – عبر زيادة أعدادهم، وإخضاعهم لتدريبات عسكرية، وتزويدهم بمعدات حربية، في العشرين عاماً الماضية – أن يفهم الأمر بسهولة.

أشارت بعض التقارير أنّ ميزانيات الشرطة في أوروبا الغربية، والولايات المتحدة، قد شهدت زيادات وصلت إلى ٥٠٪ أو أكثر في بعض الأحيان، في العشرين عاماً الماضية. هل تتخيلون مثلاً زيادة عسكرة وميزانية الشرطة في الولايات المتحدة دون أحداث أيلول؟  

هل تتخيلون دعوات حزب المحافظين وبقية اليمينين السويديين لزيادة موازنة الشرطة دون ازدياد عنف العصابات؟ ما رأيكم بتوتّر جديد يكون سببه «الحفاظ على الحريات»، وحماية الشرطة من أعمال الشغب؟ ألا يمكنكم تخيّل سياسيي اليمين، أو حتّى الاشتراكيون الديمقراطيون وهم يدعون لذلك؟

  • اليمين المتطرّف وزيادته تطرفاً

قام بالودان نفسه في الدنمارك بالترشّح للانتخابات المحليّة في كوبنهاغن، ولكنّه لم يحصل هو وحزبه على ما يكفي من الأصوات للحصول ولو على مقعد واحد. لكن في نيسان/أبريل ٢٠١٩، وبفضل أعمال العنف التي أدّت لها تظاهرة قام بها في كوبنهاغن، استحوذ على اهتمام إعلامي جلب له ٦٣ ألف و١١٤ صوت في الانتخابات العامة الدنماركية.

صدقوني، لو لم يكن المهرّج بالودان موجود، فلديهم ألف مهرّج مثل بالودان.

هل تعتقدون بأنّ وسائل الإعلام اليمينية تغطي الخبر بحيادية وشفافية بحيث يمكن لمتابعها أن يفهم الحقّ من الباطل؟ من يعتقد هذا فهو أحمق بلا شك. تعمل وسائل الإعلام هذه على إظهاره كبطل يدافع عن «القوميّة الأوروبية»، ويقف «بشجاعة» ضدّ «المسلمين» الذين أتوا في مهمّة شريرة ليسيطروا على بلادهم.

لا تهمّ الحقائق الاقتصادية هنا، ولا البنية المعقدة لما يحدث، بل كيف يغطون الخبر ويستفيدون من غضب أولئك وضيق أفقهم.

مالعمل إذاً؟

لست أملك كامل الحلول، لكنّ لديّ بعض الاقتراحات التي قد تفيد، والتي تقوم بشكل أساسي على إفشال محاولات المستفيدين من هؤلاء المتطرفين.

على المتضررين من أعمال بالودان الاستفزازية التكاتف بشكل سِلمي للوقوف ضدّه. يمكن ذلك عبر الكثير من الطرق لا يمكنني أن أحصرها هنا. لكن يخطر لي أنّ التنظّم السياسي هو أحدها، وإيصال صوت العقل هو أيضاً منها.

تواصلتُ مع إدارة منصّة "أكتر"، وأكدوا لي بأنّهم على استعداد لتغطية أيّ حدثٍ جماعي سِلمي يقرره المتضررون من استفزازات بالودان وأمثاله لإيصال رأيهم، وترجمته وعرضه بشكل معزز على جميع المنصّات الإعلامية المتاحة بغية إيصاله للسويديين.

قد يكون هذا في نهاية المطاف أفضل من تحقيق رغبات المستفيدين من المهرّج بالودان، وأكثر نفعاً...

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©