مهما كان تحصيلك العلمي أو مستوى ثقافتك العامة، بالتأكيد لست غريباً عن مقياس سيلزيوس، لأنك ستجده أينما اتجهت، عند متابعة أخبار الطقس أو أثناء تحضيرك الطعام في الفرن أو عند قياس درجة حرارة طفلك المريض، لكن من أين أتى هذا المقياس؟تعود تسمية مقياس الحرارة هذا إلى مخترعه السويدي، أندرس سيلزيوس Anders Celsius، والذي يعود الفضل إليه أيضاً في إنشاء أول مرصد فلكي في مدينة أوبسالا Uppsala السويدية عام 1741، كما ساهم في انتقال السويد من التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري الأكثر دقة.طفولتهولد الفلكي والعالم أندرس سيلزيوس عام 1701 في مدينة أوبسالا السويدية، وكان والده نيلز عالم فلك أيضاً، ووالدته جونيلا، ابنة عالم الفلك أندرس سبول، حتى جده ماغنوس سيلسيوس كان عالم فلك مشهور، وأظهر أندرس سيلزيوس مواهب كثيرة في سن مبكرة، حيث تمكن من حل جميع المشكلات الرياضية في أحد الكتب الجامعية عندما كان في الثانية عشرة من عمره.مقياس الحرارةيستخدم مقياس سيلزيوس في جميع أنحاء العالم، باستثناء الولايات المتحدة التي تفضل الاعتماد على مقياس فهرنهايت، وانتشر استخدام هذا المقياس بشكل واسع خلال القرن الثامن عشر، بشكل أساسي لقياس درجات الحرارة الخارجية، وكانت درجة حرارة الشخص السليم ودرجة تجمد الماء هي النقاط المرجعية المستخدمة.في ذلك الوقت، قام الفيزيائيان، دانييل غابرييل فهرنهايت ورينيه أنطوان فيرشاولت دي ريومور، بإنتاج مقاييس درجة الحرارة أيضاً، حيث استخدم فهرنهايت درجة الحرارة الطبيعية للجسم كنقطة مرجعية، والتي حددها عند 96 درجة فهرنهايت، أما ريومور فاستخدم نقطتا تجمد وغليان المياء كمرجع، والتي ضبطها عند 0 و80 درجة، وبشكل عام، كان هنالك ما يزيد قليلاً عن 30 مقياساً مختلفاً لدرجة الحرارة بداية القرن الثامن عشر.استخدم أندرس سيلزيوس درجة تجمد وغليان الماء عند ضغط هواء معين كمرجع، وأخذ العديد من القياسات على ارتفاعات مختلفة، كون درجة غليان الماء تختلف باختلاف ضغط الهواء، ثم حدد الدرجة 0 كنقطة غليان الماء، والدرجة 100 كنقطة التجمد، وطرح مقياسه عام 1742، وبعد وفاته، انعكس مقياسه وولد المقياس الذي نعرفه اليوم، الذي يعتمد الصفر كنقطة تجمد الماء.سيلزيوس العالمأصبح سيلزيوس أستاذاً في علم الفلك في جامعة أوبسالا عندما بلغ التاسعة والعشرين، وسافر بعدها بعامين إلى ألمانيا ثم فرنسا وإيطاليا، وعمل مع أشهر علماء الفلك في ذلك الوقت، وقام بتكوين صداقات بسهولة واكتسب أصدقاء جدد في كل مدينة.إحدى أولى منشورات سيلزيوس كانت "ملاحظات للشفق القطبي في السويد" عام 1722، حيث وصف تأثير أضواء الشفق على البوصلة، وفي عام 1736، شارك في رحلة استكشافية إلى تورنيدالين في السويد بتمويل من أكاديمية العلوم الفرنسية، وكان الهدف اختبار نظرية إسحاق نيوتن القائلة بأن الأرض ليست كروية بالكامل، وأنها مسطحة نسبياً عند القطبين، وسافرت حينها بعثة ثانية إلى أمريكا الجنوبية، ليتضح أن أحد درجات خط العرض كانت أطول في شمال السويد عنها في أمريكا الجنوبية، أي أن النظرية صحيحة، ولكن الإقامة الطويلة في تورنيدالين وقسوة العمل في الهواء الطلق خلال فصل الشتاء أثرت على صحة سيلزيوس وربما ساهمت في وفاته المبكرة بمرض السل في عام 1744.