بعد إحراقه القرآن وتمزيقه مرّات عديدة وإطلاقه شرارة تطرّف وسلسلة من الردود السياسية في السويد والعالم، والتي لا يعرف أحد نهايتها، من هو المتطرف اليميني راسموس بالودان الذي يعتبره البعض شيطاناً يسير على الأرض بسبب معاداته للإسلام وإحراقه للقرآن، ويعتبره آخرون مجرّد مهرّج يحاول حجز مساحة إعلاميّة تغطيه، بينما يقول آخرون بأنّه سياسيّ جاد يدرك كيف يؤسس لحركة يمينية متطرفة معادية للمسلمين والمهاجرين، ولهذا يجب التعامل معه بجديّة. فمن هو البالودان هذا الذي تبرأت عائلته من أعماله؟راسموس بالودان المحامي والمدرّسولد راسموس بالودان في عام 1982 في نورث سيلاند في الدنمارك، وعاش ودرس في الدنمارك وعمل بها، ولكن عاش أيضاً في السويد لبعض الوقت. كان في عام 2000 في الثانوية رئيساً لمجلس التلاميذ. بعد الثانوية أدّى الخدمة العسكرية، وبدأ بعد ذلك دراسة القانون في جامعة كوبنهاغن وتخرّج كمحامٍ في 2008.عمل في الدنمارك كمحامي دفاع لصالح شركة كبيرة في 2004 واستلم عدد من القضايا التي تثير اهتمام الإعلام. ثمّ في 2005 تلقى تدريباً ليكون مدّعٍ عام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وبعد 2014 تمكّن من الحصول على حقّ الظهور كمحامٍ أمام المحكمة العليا.بين عامي 2015 2018 عمل أستاذاً للقانون في جامعة كوبنهاغن، حيث قام الكثير من التلاميذ في تلك الفترة بتقديم شكوى لإدارة الكليّة بشأن سلوكه وأساليب تدريسه. قام كلّ من شقيقي بالودان، وكذلك والده الصحفي السويدي، بالإعلان بشكل علني بالنأي عن أنفسهم عن رسائل راسموس وإيديولوجيته وأفكاره السياسية.اضطرّ لمغادرة الأحزاب اليمينية الدنماركية لعدم قبولها بهحياة راسموس بالودان السياسيةكان بالودان عضواً في عدد من المجموعات والأحزاب اليمينية المتطرفة التي برز في بعضها، وتقدّم في 2009 لعضوية البرلمان الأوروبي، ولكن لم يتمّ انتخابه. لم يكن بالودان عموماً يبقى طويلاً في هذه الأحزاب والمجموعات، وكان دائم التقلّب في انتماءاته.كان خطابه غير مقبول حتّى من الأحزاب اليمينية، لدرجة اضطراره لمغادرة حزب Nye Borgerlige اليميني القومي في 2017، على إثر خطاب له عن الحرب الأهلية في الدنمارك، ودعوته إلى العنف، حيث قال في 2016: «ستتحول شوارعنا وأزقتنا إلى أنهار من الدماء، وستنتهي دماء الأعداء الأجانب في المجاري حيث ينتمي الأجانب» (للمزيد باللغة الدنماركية و الإنكليزية).لهذا في حزيران/يوليو 2017، قام بتأسيس حزبه «الخطّ الصلب Stram Kurs» الذي يدعو بشكل رئيسي إلى حظر الدين الإسلامي، وترحيل قرابة نصف مليون مواطن غير غربي من الدنمارك.لم يحظَ حزب بالودان في الانتخابات المحلية في كوبنهاغن بما يكفي للحصول على مقعد، لكن في نيسان/أبريل 2019، وبفضل المشاكل التي صاحبت تظاهرة له في نوربيرو في كوبنهاغن، حصل على تغطية إعلامية هائلة، الأمر الذي أهلّه للدخول في الانتخابات العامة والحصول على 63114 صوت.تمّ الحكم عليه في الدنمارك بعقوبة حبس شهر وغرامة 40 ألف كرون دنماركي، وشهرين حبس مع وقف التنفيذ بسبب 14 تصريح عنصري وإساءة. استأنف الحكم وأكدت محكمة الاستئناف التهم ولكنّها أوقفت تنفيذ الحكم.راسموس بالودان والبحث عن الشهرةيحاول راسموس بالودان احتلال عناوين الإعلام منذ 2007، عندما أنشأ موقع يعرض فيه صوراً لسائقي دراجات يخالفون قوانين المرور. استمرّت محاولاته لتزداد عنفاً عندما جلب في أحد الاجتماعات اليمينية مسدساً دمية في 2016، وادعى بأنّه عمل فني، وأنّه جلبه ليكشف بأنّ الشرطة تستجيب للحوادث غير المؤذية، بينما تتغافل عن التهديدات الإرهابية.كان بالودان قد فعل ذلك من قبل في سوق تجاري في الولايات المتحدة، حيث طردته الشرطة ومُنع من دخول السوق التجاري لخمسة أعوام.تحوّل في 2018 إلى ظاهرة على الإنترنت، حيث صعّد من أعماله بقصد الأماكن التي تسكنها غالبية مسلمة، وبدأ بالإساءة للقرآن بأشكال شتّى، مثل إحراقه والدعوة للتبوّل عليه. وكان يعرض الفيديوهات على يوتيوب ليبلغ عددها أكثر من 300 فيديو في 2019، والتي حققت مشاهدات كثيرة.في 2020 تمّ إغلاق قناته على اليوتيوب بسبب خرقها بند خطاب الكراهية المبني على العرق والدين.في أغسطس 2021 ذكرت تقارير إعلامية (باللغة الدنماركية) انخراطه في حديث جنسي مع طفل لم يبلغ سنّ الرشد، وبأنّ لديه “ميول” للتحدث مع الأطفال ما بين 13 و17 عام. لم ينكر بالودان الاتهام، ولكنّه أكّد أنّه لم يقم بأيّ فعل غير قانوني.بالودان ليس نادماً على حرق القرآنجدال حول حماية راسموس بالودانتعرّض راسموس بالودان للكثير من التهديدات، وكذلك للهجوم عليه أثناء مظاهراته، ولهذا يقوم بالتظاهر تحت حماية مكثفة من الشرطة. ما بين 1 كانون الثاني/يناير 2019 و5 يونيو/حزيران من العام ذاته، كلّفت حماية مظاهرات بالودان الشرطة الدنماركية 100 مليون كرون دنماركي.ناقش السياسيون الدنماركيون تكاليف حماية مظاهرات بالودان مرّات عدة في وسائل الإعلام، حيث دعا البعض أمثال كارستن هوني من حزب الشعب الاشتراكي، إلى توقف الشرطة عن حماية بالودان، وتركه للتظاهر على مسؤوليته الخاصة. بينما رأى آخرون، أمثال عضو حزب المحافظين الدنماركي ذي الأصول الفلسطينية-السورية ناصر خضر، بأنّه يجب حماية حقّ بالودان في التعبير وحمايته.الشرطة السويدية ترحّل بالودان إلى الدنماركفي 28 أغسطس/آب عام 2020، وبعد قيام راسموس بالودان بإثارة المشاكل في السويد عدّة مرات، والتسبب بأعمال العنف في مالمو التي كلفت المدينة قرابة 900 ألف كرون، من أصل الأضرار التي فاقت 4 مليون كرون، أوقفته عدة دوريات من شرطة مالمو في Lernacken، وأعادوه قسراً إلى الدنمارك، وسلموه أوراق رسمية من الشرطة عن منعه من دخول السويد، وبأنّه شخص غير مرغوب فيه وفقاً للمادة 13:8 من قانون الأجانب، ولأنّه يشكّل تهديداً على النظام العام والأمن في السويد.لكن في 29 أيلول/سبتمبر من العام ذاته، تلقّى راسموس بالودان أوراقه من مصلحة الهجرة السويدية تفيد بكونه مواطناً سويدياً لكون والده سويدي. وبأنّه لم يفقد جنسيته السويدية لأنّه قام بزيارة السويد وفقاً لشروط الانتماء إلى الدولة.عنى هذا بأنّ قرار الشرطة غير دستوري ولا قانوني، وبأنّهم غير قادرين على منع بالودان من الدخول إلى السويد طالما أنّه مواطن. بل أعلن بالودان في حينه بأنّه سيقاضي الشرطة السويدية بمبلغ تعويض 100 مليون كرون.بالودان يحتاج لحماية مشددة من الشرطةراسموس بالودان مستمرّ بأعماله الاستفزازيةاستمرّ بالودان بالحصول على تراخيص لحرق القرآن في مختلف الأماكن في السويد، وعندما رفضت الشرطة منحه ترخيصاً لحرق القرآن في ضواحي يوتوبوري، حكمت المحكمة الإدارية في شهر مايو عام 2022 لصالحه وبأنّ الشرطة أخطأت بعدم منحه التصريح.في أعمال حرق قرآن التي قام بها بالودان بداية 2023، ورغم عدم حصول أعمال شغب ومواجهات مع الشرطة، تصدرت أعماله نشرات الأخبار حول العالم وجذبت الكثير من الردود والتعليقات السياسية، منها دعوة الأزهر لمقاطعة المنتجات السويدية، ومنها إغلاق السفارة السويدية في أنقرة نتيجة الاحتجاجات الشديدة.نأت الحكومة السويدية بنفسها عن أعمال بالودان وصرحت بأنّ السلطات في السويد منفصلة والقانون لا يسمح بمنعه، كما صرحت وزارة الخارجية السويدية لأكتر بأنّها لا تدعم وجهات النظر التي عبر عنها المتطرفون في البلاد، ووجه رئيس الوزراء رسالة إلى المسلمين يعلن تعاطفه معهم.في النهاية، لا يزال بالودان مستمراً بأعماله، وقد صرح بأنّه غير نادم على حرق القرآن رغم انزعاجه من “التهديدات بالقتل”.