موظفة في السوسيال: الأفكار العنصرية لبعض الموظفين وأخطاء الترجمة لا تؤثر على التحقيقات
أخبار-السويد
Aa
رهف رمضو الموظفة في السوسيال
لقاء خاص مع منصة أكتر: رهف رمضو الموظفة في السوسيال تشرح إجراءات سحب الأطفال في السويد وتصحح الأفكار الخاطئة عن السوسيال
منذ بدأ النقاش حول قضية سحب الأطفال من قبل السوسيال وما تلاه من صخب ومظاهرات ولقاءات صحفية مع الأهالي، بدا أن صوت السوسيال نفسها هو الغائب، فقليلة هي التصريحات الرسمية التي صدرت عن هذه الهيئة، كما لو أن الناس يتظاهرون ضد جهة صامتة وغائبة لا تسمع احتجاجاتهم.
وهذا ما دفعنا في "أكتر" للقاء رهف رمضو إحدى العاملات في السوسيال "دائرة الشؤون الاجتماعية" كي تساعدنا في التقليل من التكهنات وتجيبنا عن بعض الأسئلة التي تؤرق الكثيرين.
رهف رمضو (33 عاماً)، خريجة علم اجتماع وتعمل سكرتيرة اجتماعية في مدينة شوبينغ، جاءت إلى السويد من سوريا في عام 2013 وعملت مع اللاجئين وكذلك في أشهر سجن للنساء. ومنذ بداية عام 2020 بدأت تدريبها في الخدمات الاجتماعية ضمن القسم المتخصص ببلاغات القلق وانتقلت فيما بعد إلى قسم الإعالة. ومؤخراً أنشأت رهف صفحة على الفيسبوك تنشر فيها معلومات ونصائح متعلقة بالسوسيال للجالية العربية.
أفكار مغلوطة عن السوسيال
في بداية لقائنا معها سألنا رهف عن أهم الأفكار المغلوطة المنتشرة عن السوسيال من وجهة نظرها. فأجابت أنها تلك المتعلقة بطريقة سحب الأطفال، أو الاعتقاد بأن الموظفين في السوسيال قادرين على الافتراء أو تزوير المعلومات. وتضيف رهف أن المعلومة المغلوطة الأكبر هي القول بأن السوسيال تستهدف الأطفال المسلمين حصراً، فمن تجربتها الخاصة تقول إنه وفي بداية عملها مع السوسيال كان ما يقارب 90% من العائلات التي يتم سحب أطفالها هي عائلات سويدية. لكن وكما تقول، كثير من الناس لا يصدقونها عندما تقول ذلك.
من المغالطات المرتبطة بالسوسيال أيضاً وفق كلامها الظن أن السوسيال تسارع إلى سحب الأطفال. إذ تقول رهف أنه وخلال دراستها ومن ثم عملها تعلمت أن مهمتها، كموظفة في هذه المؤسسة، البحث عن حلول للمشكلات مع ضمان بقاء الطفل ضمن أسرته. كذلك تصحح رمضو الأرقام المتداولة عن عدد الأطفال المسحوبين فتقول بأنه وفي عام 2020 وصل إلى السوسيال 333 ألف بلاغ قلق، ومن بين هؤلاء تم سحب 33 ألف طفل أي ما يقارب (9.7%). وقالت إن هذا الرقم يشمل الأطفال الذين سحبوا بشكل قسري ونسبتهم (2%) وفي حين تم السحب الباقي بموافقة الأهالي، حينما تطلب إحدى الأمهات مثلاً أخذ ابنها فترة من الزمن، أثناء ولادة طفلها الثاني، فالرقم من وجهة نظر رهف يشتمل على الكثير من الحالات المتنوعة التي يسحب فيها الطفل بموافقة ذويه.
من جانب آخر تقول رهف أن سحب الطفل يكلف الحكومة باليوم الواحد حوالي 6000 كرون، وعلى مدار الشهر 180 ألف كرون وبالتالي فليس من الصحيح من وجهة نظرها أن تكون السوسيال تسارع لسحب الأطفال في الصورة التي يروج لها. كما أن المؤسسة تنفق الكثير على الدورات التدريبية التي تؤهل موظفيها لإيجاد حلول لمساعدة الطفل بدلاً من سحبه.
إجراءات سحب الأطفال
تقول رهف أن كل حالة لها التقييم الخاص بها، فبعد أن يأتي بلاغ قلق، يكون موظف السوسيال ملزماً خلال 24 ساعة بإجراء تقييم لحالة الطفل (تقييم حماية وخطر على حياة الطفل) أي تقييم نسبة الخطر على الطفل وحجم الحماية التي يتلقاها. ففي حال كان الخطر واضحاً على حياة الطفل ونموه كأن يتعرض الطفل لعنف مباشر أو إهمال واضح أو يظهر تعاطيه المخدرات، تتخذ السوسيال في هذه الحالات قراراً فورياً بسحب الطفل دون إخبار الأهل حتى.
وإن لم يكن هناك ضرورة لسحب الطفل مباشرة، يمتلك موظف السوسيال مهلة مدتها 14 يوماً كي يتخذ قراراً بفتح تحقيق. حيث يتواصل موظف السوسيال مع ذوي الطفل طلباً لإجراء مقابلة، وعادة ما تكون عدة مقابلات منفصلة مع الأم والأب والابن، هذا إلى جانب البحث عن أدلة وثبوتيات عبر التواصل مع الشرطة والمدرسة وغيرها من الجهات. وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه وعادة ما يمتد التحقيق 4 أشهر لتقييم وضع العائلة والمساعدة التي تحتاجها، وعادة ما يتولاه موظفان اثنان (محقق أساسي ومساعد). وبعد هذه الأشهر قد تتخذ السوسيال قراراً بإخضاع الأهل لجلسات تأهيلية أو يتم وضع (أونغ كوتش) مدرب خاص لمساعدة الطفل على تعديل سلوكه. وخلال مدة التحقيق يناقش موظفو السوسيال بصورة جماعية، أسبوعياً ملف كل طفل والمستجدات المتعلقة بالتحقيق الخاص به، وفي النهاية يكتب الموظف المسؤول تقريره النهائي ويرسله لقائد الفريق، الذي يكون مسؤولاً عن القسم. بعد ذلك يتجه الموظف المسؤول ورئيس فريقه إلى لجنة السوسيال في البلدية والتي تتضمن سياسيين، حيث يقوم الموظف بقراءة تقريره، ويعرض أسبابه لمطالبته سحب الطفل. وبعد ذلك يتم رفع التقرير إلى المحكمة التي تقابل الأهل وتقابل السوسيال، بوجود محامين للطرفين. وعندها يحق للطرفين (الأهل/ السوسيال) الاعتراض على قرار المحكمة والاستئناف في المحكمة العليا في حال شعروا بأن قرارها جائر. ويمكن الاعتراض على قرار المحكمة خلال 15 يوم عمل (ما يقارب 3 أسابيع).
ومن المفيد معرفة أن هناك جهتين حكوميتين خارجتين تقومان بتدقيق عمل السوسيال هما IVO، و JO .
دائرة مغلقة من الخوف وسوء الفهم
من حديث رهف، يتضح أن الأمر بات أشبه بدائرة مغلقة، فالمهاجر يأتي ويسمع الكثير من المعلومات المغلوطة عن السوسيال ما يجعله يرتعب ويخاف من مجرد سماع اسمها. وإذا ما حصل وتم تقديم بلاغ قلق حول أحد الأطفال، مهما كان نوعه، كأن يكون بلاغاً حول ضرب الطفل لأقرانه في المدرسة، يستبد الرعب بالأهل ويجعلهم يقدمون إجابات كاذبة أو ينبرون للدفاع عن سلوك ابنهم العدواني. وتضيف رهف بأن ردود فعلهم تلك تزيد الطين بلّة وقد تفاقم الأمر، وتؤدي إلى فتح تحقيقات. في حين أن التعاون وتقديم إجابات صادقة، أو حتى الاعتراف بوجود مشكلات مع الأطفال قد تخلق جواً من الثقة بين موظفي السوسيال والأهل وتساهم في تحسين حالة الطفل ضمن أسرته دون اللجوء إلى إجراءات أكثر تقدماً.
أخطاء من داخل المؤسسة:
تقول رهف بأن المساحة التي يتحرك فيها الموظف ضيقة، والقرارات تتخذ بصورة جماعية. مع ذلك، لا تنفي رهف إمكانية وجود موظف عنصري، يغلب قناعاته وأفكاره الشخصية، لكنها تستدرك بالقول إن الموظفين ضمن المؤسسة مخولين لرفع تقارير ضد بعضهم إذا ما شعروا بأن أحد زملائهم لا يستطيع فصل قناعاته الشخصية عن عمله. كذلك الأمر تقول بأن الموظف نفسه وإذا ما شعر بأنه عاجز عن أن يكون موضوعياً تماماً لسبب من الأسباب يمكن أن يرفع تقريراً عن نفسه أو يطالب بتبديل القضية وتسليمها لشخص آخر. وتصر رهف مرة أخرى على التأكيد بأن السوسيال تنفق مبالغ باهظة لضمان أن يكون كادرها موضوعياً وبعيداً عن الأحكام المسبقة، عبر إخضاع الموظفين بصورة دورية لتأهيل وجلسات تدريبية وورشات عمل. في المحصلة ترى الشابة أن الأفكار النمطية قد تؤثر على نفسية الموظف لكنها لا تؤثر على القرار النهائي للسوسيال. مع ذلك تستشعر رهف وجود أفكار مسبقة عن اللاجئين، لكن ترى أن هذا الأمر مسحوب على السويديين عموماً وليس السوسيال فقط. مع ذلك تقول الموظفة الشابة بأنه لم يسبق ضمن مكان عملها أن تم إيقاف موظف عن العمل بسبب عنصريته أو عدم مهنيته لكنها تضيف بأنها قرأت عن حالات مماثلة في الجامعة.
وتؤكد رهف أنها كثيراً ما شهدت أخطاءً في الترجمة ضمن جلسات التحقيق، رغم أن المترجم يكون محلفاً ومتخصصاً، فهي تذكر حالات اضطرت فيها إيقاف المترجم والتحدث بالعربية مباشرة بسبب عدم الدقة. وعن هذا تقول: "أنا متأكدة أن هناك أخطاء بترجمة اللغات الصومالية والأرتيرية أيضاُ" لكن نسبة هذه الأخطاء تبقى قليلة كما تؤكد.
المظاهرات والاحتجاجات لم تؤثر على عملنا
وعند سؤالها عن الآلية التي أثرت فيها التظاهرات التي تحصل على عمل السوسيال، جاءت إجابة رهف مفاجئة حين قالت: "ليس هناك أي تأثير، فقط نحن العرب مهتمون بأخبار التظاهرات". وأضافت رهف أنها كانت تترجم وتشرح لزملائها ما يتم كتابته وتداوله حول التظاهرات وموجة الغضب حول ممارسات السوسيال، ليقابل كل ذلك باستغراب وعدم فهم من قبل زملائها. وتؤكد رهف أن الموظفين في قسمها يمارسون روتين عملهم اليومي ويكملون في تحقيقاتهم دون أي تغيير يذكر. وتستدرك أن ملاحظتها تلك تقتصر على مكان عملها ضمن مدينتها. مع ذلك لاحظت رهف ازدياداً في المحاضرات التوعوية التي تستهدف اللاجئين والقادمين الجدد لتشرح لهم عن السوسيال وطبيعة عملها. وتضيف أن مسؤولة في اتحاد البلديات والمقاطعات تواصلت معها لسؤالها عن دوافعها لإنشاء صفحة تشرح للجالية العربية معلومات عن السوسيال، وتفاجأت الموظفة حسب قولها حينما علمت بحجم الحملة الشرسة ضد السوسيال. وكان هذا بنظر رهف أول رد فعل رسمي تتلقاه منذ بدء التظاهرات.