نحن المهاجرون بإمكاننا مساعدة الهاربين من أوكرانيا بشكل كبير- مقال رأي  image

فريق التحرير أكتر أخبار السويد

null دقائق قراءة|

أخر تحديث

نحن المهاجرون بإمكاننا مساعدة الهاربين من أوكرانيا بشكل كبير- مقال رأي

انبوكس-أكتر

Aa

نحن المهاجرون بإمكاننا مساعدة الهاربين من أوكرانيا بشكل كبير- مقال رأي

الكاتب:  نضال درويش

هل تستطيع دول اعتاد مواطنوها على الحياد في كل الحروب القريبة وكانوا ملجأ الحب للعديد من شعوب العالم وأمنوا لهم المأكل  والمشرب والحياة الكريمة التوقف عن نشر العنصرية؟  

أسئلة تدور في رؤوس العديد من الأشخاص في الوقت الحالي بعد الحرب الروسية الأوكرانية !  

اليوم تستقبل السويد والعديد من الدول الأوروبية اللاجئين الأوكرانيين الذين يعيشون أبشع أنواع التهجير والقتل بعد أن كانوا آمنين  في بيوتهم كما كان الوضع في لبنان وقت الحرب الأهلية في الربع الأخير من القرن المنصرم، وكما هو الحال في العراق بعد العام 2003، وكما هو الحال في سوريا بعد العام 2011، وكما هو الحال في الحروب الاقتصادية في العديد من البلدان الإفريقية منذ قرون، وكما هو الحال في الاضطهادات العرقية والدينية والجنسية في العديد من البلدان الديكتاتورية.. جميعهم وجدوا الملجأ الآمن في بعض الدول الاسكندنافية كالسويد والنرويج والدنمارك وغيرهم. 

وبالمقابل قدم هؤلاء الكثير لهذه البلدان بعد أن استقبلتهم وأمنت لهم المأكل والمسكن والحياة الكريمة. اهتموا بالعُجّز، بالغابات، بأعمال البناء وورش التصليح، في مغاسل السيارات، وأيضا انشأوا الكثير من الشركات الصغيرة والكبيرة، والتي أثرت بشكل كبير على تطور الاقتصاد في هذه البلدان، استوردوا مواد جديدة والتي أدخلت إلى هذه البلدان ثقافات جديدة، عملوا كأطباء ومهندسين وبرعوا في العديد من الوظائف الإدارية ولاحقاً أصبحوا رؤساء أحزاب ووزراء ونواب منتخبين من الشعب الأصلي.  

هنا يمكننا أن نقول أنهم أصبحوا مواطنين لا يختلفون بشيء عن المواطنين الأصليين، (مع التحفظ على كلمة مواطنين أصليين)، والنقطة الأهم هي مشاركتهم البارزة في دفع الضرائب، وهي السبب الرئيسي لتطوير هذه البلدان لتصبح كبلدان نخب أول .  

لا يمكننا عدم ذكر الاستثناءات كالمجرمين واللصوص وهو الشيء الذي يؤكد لنا مدى صحية هذه التركيبات الاجتماعية التي تتكون منها هذه البلدان لأن وجود هذه النماذج بنسبة معقولة هو شيء طبيعي، ومن المؤكد جداً أن هذه النوعية لا ترتبط فقط بالمهاجرين بل هناك أيضاً منهم من المواطنين الأصليين.

كل هذا السرد هو للإجابة عن السؤال المطروح في البداية.  

بعد الأزمة الأوكرانية والحرب التي نشبت زاد القلق لدى المهاجرين ذوي البشرة الداكنة واللكنات المختلفة وأصبحت هواجسهم جميعاً  إلى أين سنرحل مع أطفالنا هذه المرة!

لأن وبكل صراحة وبغض النظر عن هاجس الحرب المستبعد بعض الشيء عن هذه البلدان أصبحنا نلمس بداية فتيل كراهية غير  مبرر نهائياً، فتيل مرتبط في نهايته بقنبلة قدد تتسبب بكوارث، لأن  من يعيش قلق نفسي وارتباك وعدم استقرار لفترات طويلة يصبح غير متحكم تماماً برباطة جأشه وتصرفاته الإنسانية، وهذا الشيء في علم النفس اسمه "اضطراب القلق الاجتماعي"، Social anxiety .disorder  

إن اضطراب القلق الاجتماعي يشمل مستويات عالية من القلق والخوف وتجنب المواقف الاجتماعية بسبب الشعور بالإحراج والقلق  من أن يصدر الآخرون حكماً عليهم أو ينظروا إليهم بشكل سلبي. 

وما هو الهدف من نشر هذه الكراهية والتي نعرف جيداً أن من يقف خلفها ومكنها من التغلغل في المجتمعات هو تصريح سياسيين وإعلاميين منتمين إلى أحزاب يمينية وعنصرية!  

هل تستطيع هذه البلدان تحمل نتائج هذه الآفة الجديدة في المجتمع؟

إن كنا سنخوض في جميع التحليلات النفسية والاجتماعية فسنحتاج مساحات كبيرة لنشر كل البحوث والنظريات من أهم الباحثين في  هذا المجال والتي لها نتيجة واحدة "لا تحمد عقباها".  

في النهاية يجب أن نشدد على شيء مهم وهو ألف اهلاً وسهلاً بجميع الهاربين من الحروب من أوكرانيا أو من أي بلد في هذه الأرض. لا بل أكثر من ذلك فلنهتم بهم ونقدم لهم يد المساعدة كما مدت لنا من قبل. فلنتكاتف اجتماعيا ونقدم لهم كل ما باستطاعتنا تقديمه من نصائح لسرعة الاندماج لأن هذه الخبرة موجودة فقط عند من جربها.

ولنقدم لأولادهم الابتسامات في الشارع عند اللقاء بهم ولنسائهم الاهتمام، مع العلم أن غالبية الهاربين اليوم هم من الأطفال والنساء. لنبتعد عن كل أشكال الاستغلال بضعيف لا يملك شي حالياً، فلنقدم لهم العمل ليبدأوا الاتكال على أنفسهم في أزمتهم التي لا يوجد أمل قريب لحلها، وهذا تحليل شخصي وليس من أهل الاختصاص.  

نحن اللاجئين والمهاجرين بالأخص يمكننا مساعدتهم بشكل كبير وسريع أكثر من كل الآخرين لأن تجربتنا جديدة ويمكننا أن نجنبهم الوقوع بالأخطاء التي وقعنا بها.  

هذه الأرض ليست لأحد بل هي لكل الناس من كل الألوان وكل الأجناس، فلنتفق أن من اختار هذه البلدان هو اختارها لحيادها وإنسانيتها، فلنحافظ جميعاً على هذه المبادئ ليبقى لأولادنا وللأجيال القادمة مكان آمن يعيشون به. ولنبعد الكراهية من أي شخص يريد نشر كراهية غير واضحة ولها أسباب مخفية كاناً من كان هذا الشخص، إن كان لونه أسمر أو أشقر، إن كانت عيونه ملونة أو سوداء، إن كان يتكلم لغة البلد بطلاقة أو بقليل من التعثر، لأنه لا يستهدف فقط فئة من هذا المجتمع بل يستهدف كل المجتمع ويستهدف بشكل أخص الإنسانية والتي هي الملجأ الأخير لنا بعد انتشار الكراهية والعنصرية بشكل كبير.  


نضال درويش: ناشط سياسي ومدني، هاجر من لبنان إلى السويد عام 2016، أطلق وشارك في العديد من المظاهرات التي تناصر اللاجئين والمهاجرين في السويد، مثل نشاط المشي من يوتوبوري إلى ستوكهولم صيف 2019 -2020 للمطالبة بالعفو العام عن جميع العالقين في دائرة الهجرة بين مرفوضين وإقامات مؤقتة. درس المحاسبة والمعلوماتية والتسويق الرقمي، وعمل كمدرب على استعمال وسائل التواصل الاجتماعي.


تنويه: المواد المنشورة في هذا القسم هي رسائل وصلت إلى هيئة تحرير منصة أكتر الإخبارية، وتنشرها كما وردت، دون تدخل منها - سوى بعض التصليحات اللغوية الضرورية- وهي لا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة أو سياستها التحريرية.

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

آخر الأخبار

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات